ثم دخلت سنة ست وسبعين وخمسمائة
 
فيها هادن السلطان صلاح الدين الفرنج وسار إلى بلاد الروم فأصلح بين ملوكها من بين أرتق وكر على بلاد الأرمن فأقام عليها وفتح بعض حصونها وأخذ منها غنائم كثيرة جدا من أواني الفضة والذهب لأن ملكها كان قد غدر بقوم من التركمان فرده إلى بلاده ثم صالحه على مال يحمله إليه واسارى يطلقهم من اسره وآخرين يستنقذهم من أيدي الفرنج ثم عاد مؤيدا منصورا فدخل حماه في أواخر جمادى الآخرة وامتدحه الشعراء على ذلك ومات صاحب الموصل سيف الدين غازي بن مودود وكان شابا حسنا مليح الشكل تام القامة مدور اللحية مكث في الملك عشر سنين ومات عن ثلاثين سنة وكان عفيفا في نفسه مهيبا وقورا لا يلتفت إذا ركب وإذا جلس وكان غيورا لا يدع أحدا من الخدم الكبار يدخل على النساء وكان لا يقدم على سفك الدماء وكان ينسب إلى شيء من البخل سامحه الله توفي في ثالث صفر وكان قد عزم على أن يجعل الملك من بعده لولده عزالدين سنجرشاه فلم يوافقه الأمراء خوفا من صلاح الدين لصغر سنه فاتفقوا كلهم على أخيه فأجلس مكانه في المملكة وكان يقال له عزالدين مسعود وجعل مجاهد الدين قايماز نائبه ومدبر مملكته وجاءت رسل الخليفة يلتمسون من صلاح الدين أن يبقي سروج والرها والرقة وحران والخابور ونصيبين في يده كما كانت في يد أخيه فامتنع السلطان من ذلك وقال هذه البلاد هي حفظ ثغور المسلمين وإنما تركتها في يده ليساعدنا على غزو الفرنج فلم يفعل ذلك وكتب إلى الخليفة يعرفه أن المصلحة في ترك ذلك عونا للمسلمين