ثم دخلت سنة سبع وستمائة
 
ذكر الشيخ ابو شامة ان في هذه السنة تمالأت ملوك الجزيرة صاحب الموصل وصاحب سنجار وصاحب إربل والظاهر صاحب حلب وملك الروم على مخالفة العادل ومنابذته ومقاتلته واصطلام الملك من يده وأن تكون الخطبة للملك كنجر بن قلج ارسلان صاحب الروم وأرسلوا إلىالكرج ليقدموا الحصار خلاط وفيها الملك الأوحد بن العادل ووعدهم النصر والمعاونة عليه قلت وهذا بغي وعدوان ينهى الله عنه فأقبلت الكرج بملكهم إيواني فحاصروا خلاط فضاق بهم الأوحد ذرعا وقال هذا يوم عصيب فقدر الله تعالى أن في يوم الاثنين تاسع عشر ربيع الآخر اشتد حصارهم للبلد واقبل ملكهم إيواني وهو راكب على جواده وهو سكران فسقط به جواده في بعض الحفر التي قد أعدت مكيدة حول البلد فبادر إليه رجال البلد فأخذوه أسيرا حقيرا فأسقط في أيدي الكرج فلما أوقف بين يدي الأوحد أطلقه ومن عليه وأحسن إليه وفاداه على مائتي ألف دينار وألفي أسير من المسلمين وتسلميم إحدى وعشرين قلعة متاخمة لبلاد الأوحد وان يزوج ابنته من أخيه الأشرف موسى وأن يكون عونا له على من يحاربه فأجابه إلى ذلك كله فأخذت منه الايمان بذلك وبعث الأوحد إلى أبيه يستأذنه في ذلك كله وأبوه نازل بظاهر حراب في أشد حدة مما قد داهمه من هذا الأمر الفظيع فبينما هو كذلك إذ أتاه هذا الخبر والأمر الهائل من الله العزيز الحكيم لا من حولهم ولا من قوتهم ولا كان في بالهم فكاد يذهل من شدة الفرح والسرور ثم اجاز جميع ما شرطه ولده وطارت الأخبار بما وقع بين الملوك فخضعوا وذلوا عند ذلك وأرسل كل منهم يعتذر مما نسب إليه ويحيل على غيره فقبل منهم اعتذاراتهم وصالحهم صلحا أكيدا واستقبل الملك عصرا جديدا وفي ملك الكرج الأوحد بجميع ما شرطه عليه وتزوج الاشرف ابنته ومن غريب ما ذكره أبو شامة في هذه الكائنة أن قسيس الملك كان ينظر في النجوم فقال للملك قبل ذلك بيوم اعلم انك تدخل غدا إلى قلعة خلاط ولكن بزي غير ذلك اذان العصر فوافق دخوله إليها أسيرا أذان العصر