ثم دخلت سنة ثلاث وعشرين وستمائة
 
فيها التقى الملك جلال الدين بن خوارزم شاه الخوارزمي مع الكرج فكسرهم كسرة عظيمة وصمد إلى أكبر معاقلتهم تفليس ففتحها عنوة وقتل من فيها من الكفرة وسبى ذراريهم ولم يتعرض لأحد من المسلمين الذين كانوا بها واستقر ملكه عليها وقد كان الكرج أخذوها من المسلمين في سنة خمس عشرة وخمسمائة وهي بأيديهم إلى الآن حتى استنقذها منهم جلال الدين هذا فكان فتحا عظيما ولله المنة وفيها سار إلى خلاط ليأخذها من نائب الملك الأشرف فلم يتمكن من أخذها وقاتله أهلها قتالا عظيما فرجع عنهم سبب اشتغاله بعصيان نائبه بمدينة كرمان وخلافه له فسار إليهم وتركهم وفيها اصطلح الملك الأشرف مع أخيه المعظم وسار إليه إلى دمشق وكان المعظم ممالئا عليه مع جلال الدين وصاحب إربل وصاحب ماردين وصاحب الروم وكان مع الأشرف أخوه الكامل وصاحب الموصل بدر الدين لؤلؤ ثم استمال أخاه المعظم إلى ناحيته يقوى جانبه وفيها كان قتال كبير بين إبراش إنطاكية وبين الأرمن وجرت خطوب كثيرة بينهم وفيها أوقع الملك جلال الدين بالتركمان الايوانية بأسا شديدا وكانوا يقطعون الطرق على المسلمين
وفيها قدم محيي الدين يوسف بن الشيخ جمال الدين بن الجوزي من بغداد في الرسلية إلى الملك المعظم بدمشق ومعه الخلع والتشاريف لأولاد العادل من الخليفة الظاهر بأمر الله ومضمون الرسالة نهيه عن موالاة جلال الدين بن خوارزم شاه فإنه خارجي من عزمه قتال الخليفة وأخذ بغداد منهم فاجابه إلى ذلك وركب القاضي محيي الدين بن الجوزي إلى الملك الكامل بالديار المصرية وكان ذلك أول قدومه إلى الشام ومصر وحصل له جوائز كثيرة من الملوك منها كان بناء مدرسته الجوزية بالنشابين بدمشق وفيها ولى تدريس الشبلية بالسفح شمس الدين محمد بن قرزغلي سبط ابن الجوزي بمرسوم الملك المعظم وحضر عنده أول يوم القضاة والأعيان :