أبو المحاسن محمد بن نصر الدين بن نصر
 
ابن الحسين بن علي بن محمد بن غالب الانصاري المعروف بابن عنين الشاعر قال ابن الساعي أصله من الكوفة وولد بدمشق ونشأ بها وسافر عنها سنين فجاب الاقطار والبلاد شرقا وغربا ودخل الجزيرة وبلاد الروم والعراق وخراسان وما وراء النهر والهند والهند واليمن والحجاز وبغ ومدح أكثر أهل هذه البلاد وحصل أموالا جزيلة وكان ظريفا شاعرا مطيقا مشهورا حسن الاخلاق جميل المعاشرة وقد رجع إلى بلده دمشق فكان بها حتى مات هذه السنة في قول ابن للسماعي وأما السبط وغيره فأرخوا وفاته في سنة ثلاث وثلاثين وقد قيل إنه مات في سنة إحد وثلاثين والله أعلم والمشهور أن أصله من حوران مدينة زرع وكانت إقامته بدمشق في الجزيرة قبلي الجامع وكان هجاء له قدرة على ذلك وصنف كتابا سماه مقراض الأعراض مشتمل على نحو من خمسمائة بيت قل من سلم من الدماشقة من شره ولا الملك صلاح الدين ولا أخوه العادل وقد كان يزن بترك الصلاة المكتوبة فالله اعلم وقد نفاه الملك الناصر صلاح الدين إلى الهند فامتدح ملوكها حصل أموالا جزيلة وصار إلى اليمن فيقال إنه وزر لبعض ملوكها ثم عاد في ايام العادل إلى دمشق ولما ملك المعظم استوزره فأساء السيرة واستقال هو من تلقاء نفسه فعزله وكان قد كتب إلى الدماشقة من بلاد الهند
فعلام أبعدتم أخا ثقة * لم يقترف ذنبا ولا سرقا
انفوا المؤذن من بلادكم * إن كان ينفي كل من صدقا
ومما هجا به الملك الناصر صلاح الدين رحمه الله تعالى
سلطاننا أعرج وكاتبه * ذو عمش ووزيره أحدب
والدولعي الخطيب معتكف * وهو على قشر بيضة يثب
ولابن باقا وعظ يغش به الن * اس وعبد اللطيف محتسب
وصاحب الامر خلقه شرس * وعارض الجيش داؤه عجب
وقال في السلطان الملك العادل سيف الدين رحمه الله تعالى وعفا عنه إن سلطاننا الذي نرتجيه واسع المال ضيق الانفاق
هو سيف كما يقال ولكن * قاطع للرسوم والارزاق
وقد حضر مرة مجلس الفخر الرازي بخراسان وهو على المنبر يعظ الناس فجاءت حمامة خلفها جارح فألقت نفسها على الفخر الرازي كالمستجيرة به فأنشأ ابن عنين يقول
جاءت سليمان الزمان حمامة * والموت يلمع من جناحي خاطف
قرم لواه الجوع حتى ظله * بازائه بقلب واجف
من أعلم الورقاء أن محلكم * حرم وأنك ملجأ للخائف