ثم دخلت سنة سبع وثلاثين وستمائة
 
استهلت هذه السنة وسلطان دمشق نجم الدين الصالح أيوب بن الكامل مخيم عند نابلس يستدعي عمه الصالح إسماعيل ليسير إلى الديار المصرية بسبب أخذها من صاحبها العادل بن الكامل وقد أرسل الصالح إسماعيل ولده وابن يغمود إلى صحبة الصالح أيوب فهما ينفقان الأموال في الأمراء ويحلفانهم على الصالح أيوب للصالح إسماعيل فلما تم الأمر وتمكن الصالح إسماعيل من مراده أرسل إلى الصالح أيوب يطلب منه ولده ليكون عوضه ببعلبك ويسير هو إلى خدمته فأرسله إليه وهو لا يشعر بشيء مما وقع وكل ذلك عن ترتيب أبي الحسن غزال المتطبب وزير الصالح وهو الأمين واقف أمينية بعلبك فلما كان يوم الثلاثاء السابع والعشرين من صفر هجم الملك الصالح إسماعيل وفي صحبته أسدا لدين شيركوه صاحب حمص إلى دمشق فدخلاها بغتة من باب الفراديس فنزل الصالح إسماعيل بداره من درب الشعارين ونزل صاحب حمص بداره وجاء نجم الدين بن سلامة فهنأ الصالح إسماعيل ورقص بين يديه وهو يقول إلى بيتك جئت واصبحوا فحاصروا القلعة وبها المغيث عمر بن الصالح نجم الدين ونقبوا القلعة من ناحية باب الفرج وهتكوا حرمتها ودخلوها وتسلموها واعتقلو المغيث في برج هنالك قال ابو شامة واحترقت دار الحديث وما هنالك من الحوانيت والدور حول القلعة ولما وصل الخبر بما وقع إلى الصالح أيوب تفرق عنه أصحابه والأمراء خوفا على أهاليهم من الصالح إسماعيل وبقي الصالح أيوب وحده بمماليكه وجاريته أم ولده خليل وطمع فيه الفلاحون والفوارنة وارسل الناصر داود صاحب الكرك إليه من أخذه من نابلس مهانا على بغلة بلا مهماز ولا مقدمة فاعتقله عنده سبعة أشهر وأرسل العادل من مصر إلى الناصر يطلب منه أخاه الصالح أيوب ويعطيه مائة ألف دينار فما أجابه إلى ذلك بل عكس ما طلب منه بإخبراج الصالح من سجنه والافراج عنه وإطلاقه من الحبس يركب وينزل فعند ذلك حاربت الملوك من دمشق ومصر وغيرهما الناصر داود وبرز العادل من الديار المصرية إلى بلبيس قاصدا قتال الناصر داود فاضطرب الجيس عليه واختلفت الامراء وقيدوا العادل واعتقلوه في خركاه وأرسلوا إلى الصالح ايوب يستدعونه إليهم فامتنع الناصر داود من إرساله حتى اشترط عليه أن يأخذ له دمشق وحمص وحلب بلاد الجزيرة وبلاد ديار بكر نصف مملكة مصر ونصف ما في الخزائن من الحواصل والأموال والجواهر قال الصالح ايوب فاجبت إلى ذلك مكرها ولا تقدر على ما اشترط جميع ملوك الارض وسرنا فأخذته معي خائفا أن تكون هذه الكائنة من المصريين مكيدة ولم يكن لي به حاجة وذكر أنه كان يسكر ويخبط في الامور ويخالف في الاراء السديدة فلما وصل الصالح إلى المصريين ملكوه عليهم ودخل الديار المصرية سالما مؤيدا منصورا مظفرا محبورا مسرورا فأرسل إلى الناصر داود عشرين ألف دينار فردها عليه ولم يقبلها منه واستقر ملكه بمصر وأما الملك الجواد فإنه أساء السيرة في سنجار وصادر أهلها وعسفهم فكاتبوا بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل فقصدهم وقد خرج الجواد للصيد فاخذ البلد بغير شيء وصار الجواد إلى غانة ثم باعها من الخليفة بعد ذلك وفي ربيع الاول درس القاضي الرفيع عبدالعزيز بن عبد الواحد الجيلي بالشامية البرانية وفي يوم الاربعاء ثالث ربيع الاخر ولى الشيخ عز الدين عبدالعزيز بن عبد السلام بن أبي القاسم السلمي خطابة جامع دمشق وخطب الصالح إسماعيل لصاحب الروم ببلد دمشق وغيرها لأنه حالفه على الصالح أيوب قال أبو شامة وفي حزيران أيام المشمش جاء مطر عظيم هدم كثيرا من الحيطان وغيرها وكنت يومئذ بالمزة وممن توفي فيها من الاعيان :

الموضوع التالي


صاحب حمص