ثم دخلت سنة أثنين واربعين وستمائة
 
فيها استوزر الخليفة المستعصم بالله مؤيد الدين أبا طالب محمد بن أحمد بن علي بن محمد العلقمي المشؤم على نفسه وعلى أهل بغداد الذي لم يعصم المستعصم في وزارته فإنه لم يكن وزير صدق ولا مرضى الطريقة فإنه هو الذي أعان على المسلمين في قضية هولاكو وجنوده قبحه الله وإياهم وقد كان ابن العلقمي قبل هذه الوزارة أستاذ دار الخلافة فلما مات نصر الدين محمد بن الناقد استوزر ابن العلقمي وجعل مكانه في الاستادارية الشيخ محيي الدين يوسف بن أبي الفرج ابن الجوزي وكان من خيار الناس وهو واقف الجوزية التي بالتشابين بدمشق تقبل الله منه وفيها جعل الشيخ شمس الدين علي بن محمد بن الحسين بن النيار مؤدب الخليفة شيخ الشيوخ ببغداد وخلع عليه ووكل الخليفة عبدالوهاب ابن المطهر وكالة مطلقة وخلع عليه وفيها كانت وقعة عظيمة بين الخوارزمية الذين كان الصالح أيوب صاحب مصر استقدمهم ليستنجد بهم على الصالح إسماعيل أبي الحسن صاحب دمشق فنزلوا على غزة وأرسل إليهم الصالح أيوب الخلع والأموال والأقمشة والعساكر فاتفق الصالح إسماعيل والناصر داود صاحب الكرك والمنصور صاحب حمص مع الفرنج واقتتلوا مع الخوارزمية قتالا شديدا فهزمتهم الخوارزمية كسرة منكرة فظيعة هزمت الفرنج بصلبانها وراياتها العالية على رؤس أطلاب المسلمين وكانت كوؤس الخمر دائرة بين الجيوش فنابت كؤس المنون عن كوؤس الزرجون فقتل من الفرنج في يوم واحد زيادة عن ثلاثين الف وأسروا جماعة من ملوكهم وقسوسهم وأساقفتهم وخلقا من امراء المسلمين وبعثوا بالاسارى إلى الصالح أيوب بمصر وكان يومئذ يوما مشهودا وامرا محمودا ولله الحمد وقد قال بعض أمراء المسلمين قد علمت أنا لما وقفنا تحت صلبان الفرنج أنا لا نفلح وغنمت الخوارزمية من الفرنج ومن كان معهم شيئا كثيرا وأرسل الصالح أيوب إلى دمشق ليحاصرها فحصنها الصالح إسماعيل وخرب من حولها رباعا كثيرة وكسر جسر باب توما فسار النهر فتراجع الماء حتى صار بحيرة من باب توما وباب السلامة فغرق جميع ما كان بينهما من العمران وافتقر كثير من الناس فانا لله وإنا إليه راجعون
وممن توفي فيها من الاعيان :