ثم دخلت سنة أربع وأربعين وستمائة
 
فيها كسر المنصور الخوارزمية عند بحيرة حمص واستقرت يد نواب الصالح أيوب على دمشق وبعلبك وبصرى ثم في جمادي الاخرة كسر فخر الدين بن الشيخ الخوارزمية على الصلت كسرت فرق بقية شملهم ثم حاصر الناصر بالكرك ورجع عنه إلى دمشق وقدم الصالح أيوب إلى دمشق في ذي القعدة فأحسن إلى أهلها وتسلم هذه المدن المذكورة وانتزع صرخد من يد عز الدين أيبك وعوضه عنها وأخذ الصلت من الناصر داود بن المعظم وأخذ حصن الصبية من السعيد بن العزيز بن العادل وعظم شأنه جدا وزار في رجوعه بيت المقدس وتفقد أحواله وأمر بإعادة أسواره أن تعمر كما كانت في الدولة الناصرية فاتح القدس وان يصرف الخراج وما يتحصل من غلات بيت المقدس في ذلك وإن عاز شيئا صرفه من عنده وفيها قدمت الرسل من عند البابا الذي للنصارى تخبر بأنه قد أباح دم الابدور ملك الفرنج لتهاونه في قتال المسلمين وأرسل طائفة من عنده ليقتلوه فلما انتهوا إليه كان استعدلهم وأجلس مملوكا له على السرير فاعتقدوه الملك فقتلوه فعند ذلك أخذهم الابدور فصلبهم على باب قصره بعد ما ذبحهم وسلخهم وحشى جلودهم تبنا فلما بلغ ذلك البابا أرسل إليه جيشا كثيفا لقتاله فأوقع الله الخلف بينهم بسبب ذلك وله الحمد والمنة
وفيها هبت رياح عاصفة شديدة بمكة في يوم الثلاثاء من عشر ربيع الاخر فألقت ستارة الكعبة المشرفة وكانت قد عتقت فإنها من سنة اربعين لم تجدد لعدم الحج في تلك السنين من ناحية الخليفة فما سكنت الريح إلا والكعبة عريانة قد زال عنها شعار السواد وكان هذا فألا على زوال دولة بني العباس ومنذرا بما سيقع بعد هذا من كائنة التتار لعنهم الله تعالى فاستأذن نائب اليمن عمر بن سول شيخ الحرم العفيف بن منعة في أن يكسو الكعبة فقال لا يكون هذا إلآ من مال الخليفة ولم يكن عنده مال فاقترض ثلثمائة دينار واشترى ثياب قطن وصبغها سوادا وركب عليها طرازاتها العتيقة وكسى بها الكعبة ومكثت الكعبة ليس عليها كسوة إحدى وعشرين ليلة وفيها فتحت دار الكتب التي أنشأها الوزير مؤيد الدين محمد بن أحمد العلقمي بدار الوزارة وكانت في نهاية الحسن ووضع فيها من الكتب النفيسة والنافعة شيء كثير وامتدحها الشعراء بأبيات وقصائد حسانا وفي أواخر ذي الحجة طهر الخليفة المستعصم بالله ولديه الأميرين أبا العباس أحمد وأبا الفضائل عبد الرحمن وعملت ولائم فيها كل أفراح ومسرة لا يسمع بمثلها من أزمان متطاولة وكان ذلك وداعا لمسرات بغداد وأهلها في ذلك الزمان
وفيها احتاط الناصر داود صاحب الكرك على ا الامير عماد الدين داود بن موسك بن حسكو وكان من خيار الامراء الاجواد واصطفى أمواله كلها وسجنه عنده في الكرك فشفع فيه فخر الدين ابن الشيخ لما كان محاصره في الكرك فأطلقه فخرجت في حلقه جراحة فبطها فمات ودفن عند قبر جعفر والشهداء بحوته رحمه الله تعالى
وفيها توفي ملك الخوارزمية قبلا بركات خان لما كسرت أصحابه عند بحيرة حمص كما تقدم ذكره وفيها توفي :

الموضوع التالي


الملك المنصور

الموضوع السابق


سيف الدين بن قلج