الشيخ أبو عبد الله محمد بن غانم بن كريم
 
الاصبهاني قدم بغداد وكان شابا فاضلا فتتلمذ للشيخ شهاب الدين السهروردي وكان حسن الطريقة له يد في التفسير وله تفسير على طريقة التصوف وفيه لطافة ومن كلامه في الوعظ العالم كالذرة في فضاء عظمته والذرة كالعالم في كتاب حكمته الأصول فروع إذا تجلى جمال أوليته والفروع أصول إذا طلعت من مغرب نفي الوسائط شمس أخريته استار الليل مسدولة وشموع الكواكب مشعولة واعين الرقباء عن المشتاقين مشغولة وحجاب الحجب عن أبواب الوصل معزولة ما هذه الوقعة والحبيب قد فتح الباب ما هذه الفترة والمولى قد خرق حاجب الحجاب
وقوفي بأكناف العقيق عقوق * إذا لم أرد والدمع فيه عقيق
وإذ لم أمت شوقا إلى ساكن الحمى * فما أنا فيما أدعيه صدوق
أيا ربع ليلى ما المحبون في الهوى * سواء ولا كل الشراب رحيق
ولا كل من تلقاه يلقاك قلبه * ولا كل من يحنو إليك مشوق
تكاثرت الدعوى على الحب فاستوى * أسير صبابات الهوى وطليق
أيها الامنون هل فيكم من يصعد إلى السماء أيها المحبوسون في مطامير مسمياتهم هل فيكم سليم في الفهم يفهم رموز الوحوش والاطيار هل فيكم موسوى الشوق يقول بلسان شوقه أرني أنظر إليك فقد طال الانتظار ولما استسقى الناس قال بعد الاستسقاء لما صعدت إلى الله عز وجل نفس المشتاق بكت آماق الافاق وجادت بالدر مرضعة السحاب وامتص لبن الرحمة رضيع التراب وخرج من اخلاف الغمام نطاف الماء النمير فاهتزت به الهامدة وقرت عيون المدر وتزينت الرياض بالسندس الاخضر فحبر الصب حبرها أحسن تحبير وأنفلق بأنملة الصبا أكمام الانوار وانشقت بنفحات انفاسه جيوب الازهار ونطقت أجزاء الكائنات بلغات صفاتها وعادات عبرها أيها النائمون تيقظوا أيها المبعدون تعرضوا فانظر إلى آثار رحمة الله كيف يحيى الأرض بعد موتها إن ذلك لمحيي الموتى إنه على كل شيء قدير