ثم دخلت سنة ثمان وخمسين وستمائة
 
استهلت هذه السنة بيوم الخميس وليس للناس خليفة وملك العراقين وخراسان وغيرها من بلاد المشرق للسلطان هولاكوخان ملك التتار وسلطان ديار مصر الملك المظفر سيف الدين قطز مملوك المعز أيبك التركمامني وسلطان دمشق وحلب الملك الناصر بن العزيز بن الظاهر وبلاد الكرك والشوبك للملك المغيث بن العادل بن الكامل محمد بن العادل أبي بكر بن أيوب وهو حرب مع الناصر صاحب دمشق على المصريين ومعهما الامير ركن الدين بيبرس البندقداري وقد عزموا على قتال المصريين وأخذ مصر منهم وبينما الناس على هذه الحال وقد تواترت الاخبار بقصدالتتار بلادالشام إذ دخل جيش المغول صحبة ملكهم هولاكوخان وجازوا الفرات على جسور عملوها ووصلوا إلى حلب في ثاني صفر من هذه السنة فحاصروها سبعة أيام ثم افتتحوها بالامان ثم غدروا باهلها وقتلوا منهم خلقا لا يعلمهم إلا الله عز وجل ونهبوا الأموال وسبوا النساء والاطفال وجرى عليهم قريب مما جرى على أهل بغداد فجاسوا خلال الديار وجعلوا أعزة أهلها أذلة فإنا لله وإنا إليه راجعون وامتنعت عليه القلعة شهرا ثم استلموها بالامان وخرب اسوار البلد واسوار القلعة وبقيت حلب كأنها حمار اجرب وكان نائبها الملك المعظم توران شاه بن صلاح الدين وكان عاقلا حازما لكنه لم يوافقه الجيش على القتال وكان أمر الله قدرا مقدورا وقدكان ارسل هولاكو يقول لأهل حلب نحن إنما جئنا لقتال الملك الناصر بدمشق فاجعلوا لنا عندكم شحنة فإن كانت النصرة لنا فالبلاد كلها في حكمنا وان كانت علينا فإن شئتم قبلتم الشحنة وإن شئتم أطلقتموه فأجابوه مالك عندنا إلا السيف فتعجب من ضعفهم وجوابهم فزحف حينئذ إليهم واحاط بالبلد وكان ما كان بقدر الله سبحانه ولما فتحت حلب ارسل صاحب حماه بمفاتيحها إلى هولاكو فاستناب عليها
رجلا من العجم يدعى أنه من ذرية خالد بن الوليد يقال له خسر وشاه فخرب أسوارها كمدينة حلب