الشيخ محمد الفقيه اليونيني
 
الحنبلي البعلبكي الحافظ هو محمد بن أحمد بن عبد الله بن عيسى بن أبي الرجال أحمد بن علي ابن محمد بن محمد بن محمد بن الحسين بن إسحاق بن جعفر الصادق كذا نقل هذه النسبة الشيخ قطب الدين اليونيني من خط اخيه الأكيبر أبي الحسين علي وأخبره أن والده قال له نحن من سلالة
جعفر الصادق قال وإنما قال له هذا عند الموت ليتخرج من قبول الصدقات أبو عبد الله بن أبي الحسين اليونيني الحنبلي تقي الدين الفقيه الحنبلي الحافظ المفيد البارع العابدالناسك ولد سنة ثنتين وسبعين وخمسمائة وسمع الخشوعي وحنبلا والكندري والحافظ عبدالغني وكان يثني عليه وتفقه على الموفق ولزم الشيخ عبد الله اليونيني فانتفع به وكان الشيخ عبد الله يثني عليه ويقدمه ويقتدي به في الفتاوى وقد لبس الخرقة من شيخ شيخه عبد الله البطائحي وبرع في علم الحديث وحفظ الجمع بين الصحيحين بالفاء والواو وحفظ قطعة صالحة من مسند احمد وكان يعرف العربية أخذها عن التاج الكندي وكتب مليحا حسنا وكان الناس ينتفعون بفنونه الكثيرة وياخذون عنه الطرق الحسنة وقد حصلت له وجاهة عظيمة عند الملوك توضا مرة عند الملك الاسرف بالقلعة حال سماع البخاري على الزبيدي فلما فرع من الوضوء نفض السلطان تخفيفته وبسطها على الارض ليطا عليها وحلف السلطان له إنها طاهرة ولا بد أن يطأ برجليه عليها ففعل ذلك وقدم الكامل على أخيه الاشرف دمشق فانزله القلعة وتحول الاشرف لدار السعادة وفعل يذكر للكامل محاسن الشيخ الفقيه فقال الكامل احب أن رأه فأرسل إليه إلى بعلبك بطاقة واستحضره فوصل إلى دار السعادة فنزل الكامل إليه وتحادثا وتذاكرا شيئا من العلم فجرت مسألة القتل بالمثقل وجرى ذكر حديث الجارية التي قتلها اليهودي فرض راسها بين حجرين فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتله فقال الكامل إنه لم يعترف فقال الشيخ الفقيه في صحيح مسلم فاعترف فقال الكامل انا اختصرت صحيح مسلم ولم أجدهذا فيه فأرسل الكامل فأحضر خمس مجلدات اختصاره لمسلم فأخذ الكامل مجلدا والاشرف آخر وعماد الدين بن موسك آخر وأخذ الشيخ الفقيه مجلدا فاول ما فتحه وجد الحديث كما قال الشيخ الفقيه فتعجب الكامل من استحاضاره وسرعةكشفه وأراد أن يأخذه معه إلى الديار المصرية فأرسله الاشرف سريعا إلى بعلبك وقال للكامل إنه لا يؤثر ببعلبك شيئا فأرسل له الكامل ذهبا كثيرا قال ولده قطب الدين كان والدي يقبل بر الملوك ويقول انا لي في بيت المال أكثر من هذا ولا يقبل من الامراء ولا من الوزاء شيئا إلا أن يكون هدية مأكول ونحوه ويرسل إليهم من ذلك فيقبلونه على سبيل التبرك والاستشفاء وذكر أنه كثر ماله واثرى وصار له سعة من المال كثيرة وذكر له أن الاشرف كتب له كتابا بقرية يونين وأعطاه لمحيي الدين بن الجوزي ليأخذ عليه خط الخليفة فلما شعر والدي بذلك اخذ الكتاب ومزقه وقال أنا في غنية عن ذلك قال وكان والدي لا يقبل شيئا من الصدقة ويزعم انه من ذرية علي بن أبي طالب من جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي بن الحسين بن
علي بن أبي طالب قال وقد كان قبل ذلك فقيرا لا شيء له وكان للشيخ عبد الله زوجة ولها ابنة جميلة وكان الشيخ يقول لها زوجيها من الشيخ محمد فتقول إنه فقير وأنا أحب أن تكون ابنتي سعيدة فيقول الشيخ عبد الله كأني أنظر إليهما إياه وإياها في دار فيها بركة وله رزق كثير والملوك يترددون إلى زيارته فزوجتها منه فكان الأمر كذلك وكانت أولى زوجاته رحمه الله تعالى
وكانت الملوك كلهم يحترمونه ويعظمونه ويجيئون إلى مدينته بنو العادل وغيرهم وكذلك كان مشايخ الفقهاء كابن الصلاح وابن عبد السلام وابن الحاجب والحصري وشمس الدين بن سني الدولة وابن الجوزي وغيرهم يعظمونه ويرجعون إلى قوله لعلمه وعمله وديانته وامانته وقد ذكرت له أحوال ومكاشفات وكرامات كثيرة رحمه الله وزعم بعضهم أنه قطب منذ ثنتي عشرة سنة فالله أعلم وذكر الشيخ الفقيه قال عزمت مرة على الرحلة إلى حران وكان قد بلغني أن رجلا بها يعلم علم الفرائض جيدا فلما كانت الليلة التي اريد أن أسافر في صبيحتها جاءتني رسالة الشيخ عبد الله اليونيني يعزم على إلى القدس الشريف وكأني كرهت ذلك وفتحت المصحف فطلع قوله اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون فخرجت معه إلى القدس فوجدت ذلك الرجل الحراني بالقدس الشريف فأخذت عنه علم الفرائض حتى خيل لي أني صرت أبرع فيه منه وقال الشيخ أبو شامة كان الشيخ الفقيه رجلا ضخما وحصل له قبول من الأمراء وغيرهم وكان يلبس قبعا صوفه إلى خارج كما كان شيخه الشيخ عبد الله اليونيني قال وقد صنف شيئا في المعراج فرددت عليه في كتاب سميته الواضح الجلي في الرد على الحنبلي وذكر ولده قطب الدين أنه مات في التاسع عشر من رمضان من هذه السنة عن ثمان وثمانين سنة رحمه الله تعالى