استعداد هرقل
 

بسم الله الرحمن الرحيم



- وصل أمراء المسلمين إلى الشام فأخذ عمرو طريق المعرقة ( 1 ) ونزل بالعربة وهي واد بين البحر الميت وخليج العقبة ونزل أبو عبيدة الجابية ( 2 ) ونزل يزيد البلقاء ونزل شرحبيل الأردن وقيل بصرى . فبلغ الروم ذلك فكتبوا إلى عرقل وكان في القدس فقال : ( أرى أن تصالحوا المسلمين فوالله لأن تصالحوهم على نصف ما يحصل من الشام ويبقوا لكم نصفه مع بلاد الروم أحب إليكم من أن يغلبوكم على الشام ونصف بلاد الروم ) فتفرقوا عنه وعصوه فجمعهم وسار بهم إلى حمص فنزلها وأعد الجنود والعساكر وأراد إشغال كل طائفة من المسلمين بطائفة من جنوده لكثرة عسكره لتضعف كل فرقة من المسلمين عمن بإزائها فأرسل إلى عمرو أخاه تذارق ( 3 ) لأبيه وأمه فخرج نحوهم في 90 . 000 وبعث من يسوقهم حتى نزل صاحب الساقة ثنية جلق بأعلى فلسطين . وبعث جرجة بن توذار نحو يزيد بن أبي سفيان فعسكر بإزائه . وبعث الدراقص فاستقبل شرحبيل بن حسنة . وبعث الفبقار بن نسطوس في 60 . 000 نحو أبي عبيدة فهابهم المسلمون وكاتبوا عمرا أن ما الرأي ؟ فأجابهم : أن الرأي لمثلنا الاجتماع فإن مثلنا إذا اجتمعنا لا يغلب من قلة فإن تفرقنا لا تقوم كل فرقة بمن استقبلها لكثرة عدونا . وكتبوا إلى أبي بكر فأجابهم مثل جواب عمرو . وقال ( إن مثلكم لا يؤتى من قلة إنما يؤتى العشرة آلاف إذا أتوا من تلقاء الذنوب فاحترسوا من الذنوب واجتمعوا باليرموك متساندين وليصل كل رجل منكم بأصحابه )
وكلن جميع فرق المسلمين 21 . 000 سوى عكرمة في 6000 ، وبلغ ذلك هرقل فكتب إلى بطارقته أن اجتمعوا لهم . واجتمع المسلمون باليرموك كما أمرهم أبو بكر واجتمع الروم هناك أيضا وعليهم التذارق وعلى المقدمة جرجة وعلى مجنبتيه الدراقص وباهان ولم يكن قد وصل بعد إليهم وعلى الحرب الفيقار فنزلوا الواقوصة وهي على ضفة اليرموك وصار الوادي خندقا لهم . وإنما أراد باهان وأصحابه أن تستفيق الروم ويأنسوا بالمسلمين وانتقل المسلمون عن عسكرهم الذي اجتمعوا به فنزلوا عليهم بحذائهم على طريقهم وليس للروم طريق إلا عليهم . فقال عمرو : ( أيها الناس أبشروا حصرت والله الروم وقل ما جاء محصور بخير ) وأقاموا صفرا وشهري ربيع لا يقدرون منهم على شيء من الوادي والخندق ولا يخرج عليهم الروم إلا ردهم المسلمون . وكان قتال المسلمين لهم على تساند أمير على أصحابه لا يجمعهم أحد حتى قدم خالد بن الوليد من العراق وكان القسيسون والرهبان يحرضون الروم
_________
( 1 ) المعرقة : هي الطريق التي كانت قريش تسلكها إذا أرادت الشام
( 2 ) الجابية أصلها في اللغة الحوض الذي يجبى فيه الماء للإبل وهي قلاية من أعمال دمشق . ثم من عمل الجيدور من ناحية الجولان قرب مرج الصفر في شمال حوران
( 3 ) تذارق وهو تيودور ( Theodore )





 

أبو بكر الصديق رضي الله عنه ـ محمد رضا ـ