ثم دخلت سنة ست وستين وستمائة
 
استهلت هذه السنة والحاكم العباسي خليفة وسلطان البلاد الملك الظاهر وفي أول جمادي الاخرة خرج السلطان من الديار المصرية بالعساكر المنصورة فنزل على مدينة يافا بغتة فأخذها عنوة وسلم إليه أهلها قلعتها صلحا فأجلاهم منها إلى عكا وخرب القلعة والمدينة وسارمنها في رجب قاصدا حصن الشقيف وفي بعض الطريق أخذ من بعض بريدية الفرنج كتابا من أهل عكا إلى أهل الشقيف يعلمونهم قدوم السلطان عليهم ويأمرونهم بتحصين البلد والمبادرة إلى إصلاح أماكن يخشى على البلد منها ففهم السلطان كيف يأخذ البلد وعرف من أين تؤكل الكتف واستدعى من فوره رجلا من الفرنج فأمره أن يكتب بدله كتابا على ألسنتهم إلى أهل الشقيف يحذر الملك من الوزير والوزير من الملك ويرمى الخلف بين الدولة فوصل إليهم فأوقع الله الخلف بينهم بحوله وقوته وجاء السلطان فحاصرهم ورماهم بالمنجنيق فسلموه الحصن في التاسع والعشرين من رجب وأجلاهم إلى صور وبعث بالانفال إلى دمشق ثم ركب جريدة فيمن نشط من الجيش فشن الغارة على طرابلس وأعمالها فنهب وقتل وأرعب وكر راجعا مؤيدا منصورا فنزل على حصن الاكراد لمحبته في المرج فحمل إليه أهله من الفرنج الاقامات فأبى أن يقبلها وقال أنتم قتلتم جنديا من جيشي وأريد ديته مائة ألف دينار ثم سار فنزل على حمص ثم منها إلى حماة ثم إلى فامية ثم سار منزلة أخرى ثم سار ليلا وتقدم العسكر فلبسوا العدة وساق حتى أحاط بمدينة انطاكية