ابن إسرائيل الحريري |
محمد بن سوار بن إسرائيل بن الخضر بن إسرائيل بن الحسن بن علي بن محمد بن الحسين نجم الدين أبو المعالي الشيباني الدمشقي ولد في يوم الاثنين ثاني عشر ربيع الاول سنة ثلاث وستمائة وصحب الشيخ علي بن أبي الحسن بن منصور اليسرى الحريري في سنة ثمان عشرة وكان قد لبس الخرقة قبله من الشيخ شهاب الدين السهروردي وزعم أنه أجلسه في ثلاث خلوات وكان ابن إسرائيل يزعم أن أهله قدموا الشام مع خالد بن الوليد فاستوطنوا دمشق وكان أديبا فاضلا في صناعة الشعر بارعا في النظم ولكن في كلامه ونظمه ما يشير به إلى نوع الحلول والاتحاد على طريقة ابن عربي وابن الفارض وشيخه الحريري والله أعلم بحاله وحقيقة أمره توفي بدمشق ليلة الأحد الرابع عشر من ربيع الآخر هذه السنة عن أربع وسبعين سنة ودفن بتربة الشيخ رسلان معه داخل القبة وكان الشيخ رسلان شيخ الشيخ علي المغربل الذي تخرج على يديه الشيخ على الحريري شيخ ابن إسرائيل فمن شعره قوله
لقد عادني من لا عج الشوق عائد * فهل عهد ذات الخال بالسفح عائد وهل نارها بالأجرع الفرد تعتلي * لمنفرد شاب الدجى وهو شاهد نديمي من سعدي أديرا حديثها * فذكرى هواها والمدامة واحد منعمة الأطراف رقت محاسنا * حلى لي في حبها ما أكابد فللبدر ما لاثت عليه خمارها * وللشمس ما جالت عليه القلائد وله * أيها المعتاض بالنوم السهر ذاهلا يسبح في بحر الفكر سلم الأمر إلى مالكه * واصطبر فالصبر عقباه الظفر لا تكونن آيسا من فرج * إنما الأيام تأتي بالعبر كدر يحدث في وقت الصفا * وصفي يحدث في وقت الكدر وإذا ما ساء دهر مرة * سر أهليه ومهما ساء سر فارض عن ربك في أقداره * إنما أنت أسير للقدر وله قصيدة في مدح النبي ص طويلة حسنة سمعها الشيخ كمال الدين ابن الزملكاني وأصحابه علي الشيخ أحمد الاعفف عنه وأورد له الشيخ قطب الدين اليونيني أشعارا كثيرة فمنها قصيدته الدالية المطولة التي أولها وافي لي من أهواه جهرا لموعدي * وارغم عذالي عليه وحسدي وزار علي شط المزار مطولا * على مغرم بالوصل لم يتعود فيا حسن ما أهدى لعيني جماله * ويا بردما أهدى إلى قلبي الصدى ويا صدق أحلامي ببشرى وصاله * ويانيل آمالي ويا نجح مقصدي تجلى وجودي إذ تجلى لباطني * بجد سعيد أو بسعد مجدد لقد حق لي عشق الوجود وأهله * وقد علقت كفاي جمعا بموجدي ثم تغزل فأطال إلى أن قال * فلما تجلى لي على كل شاهد سامرني بالرمز في كل مشهد تجنبت تقييد الجمال ترفعا * وطالعت أسرار الجمال المبدد وصار سماعي مطلقا منه بدؤه * وحاشى لمثلي من سماع مقيد ففي كل مشهود لقلبي شاهد * وفي كل مسموع له لحن معبد ثم قال وصل في مشاهد الجمال * أراه بأوصاف الجمال جميعها بغير اعتقاد للحلو المبعد ففي كل هيفاء المعاطف غادة * وفي كل مصقول السوالف أغيد وفي كل بدر لاح في ليل شعره * على كل غصن مائس العطف أملد وعنه اعتناقي كل قد مهفهف * ورشفي رضابا كالرحيق المبرد وفي الدر والياقوت والطيب والحلا * على كل ساجي الطرف لدن المقلد وفي حلل الاثواب راقت لناظري * بزبرجها من مذهب ومورد وفي الراح والريحان والسمع والعنا * وفي سجع ترجيع الحمام المغرد وفي الدوح والأنهار والزهر والندى * وفي كل بستان وقصر مشيد وفي الروضة الفيحاء تحت سمائها * يضاحك نور الشمس نوارها الندى وفي صفو رقراق الغدير إذا حكى * وقد جعدته الريح صفحة مبرد وفي اللهو الأفراح والغفلة التي * تمكن أهل الفرق من كل مقصد وعند إنتشار الشرب في كل مجلس * يهيج بأنواع الثمار المنضد وعند اجتماع الناس في كل جمعة * وعيد وإظهار الرياش المجدد وفي لمعان المشرفيات بالوغي * وفي ميل أعطاف القنا المتأود المظاهر العلوية * وفي الاعوجيات العتاق إذا انبرت تسابق وفد الريح في كل مطرد وفي الشمس تحكي وهي في برج نورها * لدى الافق الشرقي مرآة عسجد وفي البدر بدر الأفق ليلة تمه * جلته سماء مثل صرح ممرد وفي أنجم زانت دجاها كأنها * نثار لآل في بساط زبرجد وفي الغيث روى الأرض بعد همودها * قبال نداء متهم بعد منجد وفي البرق يبدو موهنا في سحابه * كباسم ثغر أو حسام مجرد وفي حسن تنميق الخطاب وسرعة الج * واب وفي الخط الانيق المجود ثم قال المظاهر المعنوية وهل نارها بالأجرع الفرد تعتلي * لمنفرد شاب الدجى وهو شاهد وفي رقة اشعار راقت لسامع بدائعها من مقصر ومقصد وفي عود عيد الوصل من بعد جفوة * وفي أمن أحشاء الطريد المشرد وفي رحمة المعشوق شكوى محبة * وفي رقة الألفاظ عند التودد وفي أريحيات الكريم إلى الندى * وفي عاطفات العفو من كل سيد وحالة بسط العارفين وأنسهم * وتحريكهم عند السماع المقيد وفي لطف آيات الكتاب التي بها * تنسم روح الوعد بعد التوعد ثم قال المظاهر الجلالية فارض عن ربك في أقداره * إنما أنت أسير للقدر كذلك أوصاف الجلال مظاهر أشاهده فيها بغير تردد ففي سطوة القاضي الجليل وسمته * وفي سطوة الملك الشديد الممرد وفي حدة الغضبان حالة طيشه * وفي نخوة القرم المهيب المسود وفي صولة الصهباء جاز مديرها * وفي بؤس أخلاق النديم المعربد وفي الحر والبرد اللذين تقسما الزمان وفي إيلام كل محسد * وفي سر تسليط النقوس بشرها على وتحسين التعدي لمعتدي وفي عسر العادات يشعر بالقضا * وتكحيل عين الشمس منه بأثمد وعند اصطدام الخيل في كل موقف * يعثر فيه بالوشيج المنضد وفي شدة الليث الصؤول وبأسه * وشدة عيش بالسقام منكد وفي جفوة المحبوب بعد وصالة * وفي غدره من بعد وعد مؤكد وفي روعة البين المسيء وموقف ال * وداع لحران الجوانح مكمد وفي فرقة الالاف بعد اجتماعهم * وفي كل تشتيت وشمل مبدد وفي كل دار أقفرت بعد أنسها * وفي طلل بال ودارس معمد وفي هول أمواج البحار ووحشة ال * قفار وسيل بالمزاييب مزبد وعند قيامي بالفرائض كلها * وحالة تسليم لسر التعبد وعند خشوعي في الصلاة لعزة ال * مناجي وفي الاطراق عند التهجد وحالة إهلال الحجيج بحجهم * وأعمالهم للعيش في كل فدفد وفي عسر تخليص الحلال وفترة ال * ملال لقلب الناسك المتعبد المظاهر الكمالية وفي الدر والياقوت والطيب والحلا * على كل ساجي الطرف لدن المقلد وفي ذكريات العذاب وظلمة ال حجاب وقبض الناسك المتزهد ويبدو باوصاف الكمال فلا أرى * برؤيته شيئا قبيحا ولا ردى فكل مسيء لي إلى كمحسن * وكل مضل لي إلى كمرشد فلا فرق عندي بين أنس ووحشة * ونور وإظلام ومدن ومبعد وسيان إفطاري وصومي وفترتي * وجهدي ونومي وإدعاء تهجدي أرى تارة في حانة الخمر خالعا * عذارى وطورا في حنية مسجد تجلى لسرى بالحقيقة مشرب * فوقتي ممزوج بكشف مسرمد تعمرت الاوطان بي وتحققت * مظاهرها عندي بعيني ومشهدي وقلبي على الاشياء أجمع قلب * وشربي مقسوم على كل مورد فهيكل اوثان ودير لراهب * وبيت لنيران وقبله معبدي ومسرح غرلان وحانة قهوة * وروضة أزهار ومطلع أسعد وأسرار عرفان ومفتاح حكمة * وأنفاس وجدان وفيض تبلد وجيش لضرغام وخدر لكاعب * وظلمة جيران ونور لمهتدي تقابلت الاضداد عندي جميعها * لمحنة مجهود ومنحة مجتدي وأحكمت قرير المراتب صورة * ومعنى ومن عين التفرد موردي فما موطن إلا ولي فيه موقف * على قدم قامت بحق التفرد فلا غرو وإن فت الانام جميعهم * وقد علقت بحبل من حبال محمد عليه صلاة الله تشفع دائما * بروح تحيات السلام المردد |