الشيخ الصالح العباد الناسك
 
الورع الزاهد القدوة بقية السلف وقدوة الخلف أبو عبد الله محمد بن الشيخ الصالح عمر بن السيد القدوة الناسك الكبير العارف ابي بكر بن قوام بن علي بن قوام البالسي ولد سنة خمسين وستمائة ببالس وسمع من أصحاب ابن طبرزد وكان شيخا جليلا بشوش الوجه حسن السمت مقصدا لكل أحد كثير الوقار عليه سيما العبادة والخير وكان يوم قازان في جملة من كان مع الشيخ تقي الدين ابن تيمية لما تكلم مع قازان فحكى عن كلام شيخ الاسلام تقي الدين لقازان وشجاعته وجرأته عليه وأنه قال لترجمانه قل للقان أنت تزعم أنك مسلم ومعك مؤذنون وقاضي وإمام وشيخ على ما بلغنا فغزوتنا وبلغت بلادنا على ماذا وابوك وجدك هلاكو كانا كافرين وما غزوا بلاد الاسلام بل عاهدوا قومنا وأنت عاهدت فغدرت وقلت فما وفيت قال وجرت له مع قازان وقطلوشاه وبولاي أمور ونوب قام ابن تيمية فيها كلها لله وقال الحق ولم يخش إلا الله عز وجل قال وقرب إلى الجماعة طعاما فأكلوا منه إلا ابن تيمية فقيل له ألا تأكل فقال كيف آكل من طعامكم وكله مما نهبتم من أغنام الناس وطبختموه بما قطعتم من أشجار الناس قال ثم إن قازان طلب منه الدعاء فقال في دعائه اللهم إن كان هذا عبدك محمود إنما يقاتل لتكون كلمتك هي العليا وليكون الدين كله لك فانصره وأيده وملكه البلاد والعباد وإن كان إنما قام رياء وسمعة وطلبا للدنيا ولتكون كلمته هي العليا وليذل الاسلام وأهله فاخذ له وزلزله ودمره واقطع دابره قال وقازان يؤمن على دعائه ويرفع يديه قال فجعلنا نجمع ثابنا خوفا من أن تتلوث بدمه إذا أمر بقتله قال فلما خرجنا من عنده قال له قاضي القضاة نجم الدين ابن صصرى وغيره كدت أن تهلكنا وتهلك نفسك والله لانصحبك من هنا فقال وأنا والله لا أصحبكم قال فانطلقنا عصبة وتأخر هو في خاصة نفسه ومعه جماعة من أصحابه فتسامعت به الخواقين والأمراء من أصحاب قازان فأتوه يتبركون بدعائه وهو سائر إلى دمشق وينظرون إليه قال والله ما وصل إلى دمشق إلا في نحو ثلثمائة فارس في ركابه وكنت أنا من جملة من كان معه وأما أولئك الذين أبو أن يصحبوه فخرج عليهم جماعة من التتر فشلحوهم عن آخرهم هذا الكلام أو نحوه وقد سمعت هذا الحكاية من جماعة غيره وقد تقدم ذلك توفي الشيخ محمد بن قوام ليلة الاثنين
الثاني والعشرين من صفر الزاوية المعروفة بهم غربي الصالحية والنصارية والعادلية وصلى عليه بها ودفن بها وحضر جنازته ودفنه خلق كثير وجم غفير وكان في جملة الجمع الشيخ تقي الدين بن تيمية لأنه كان يحبه كثيرا ولم يكن للشيخ محمد مرتب على الدولة ولا غيرهم ولا لزاويته مرتب ولا وقف وقد عرض عليه ذلك غير مرة فلم يقبل وكان يزار وكان لديه علم وفضائل جمة وكان فهمه صحيحا وكانت له معرفة تامة وكان حسن العقيدة وطويته صحيحة محبا للحديث وآثار السلف كثير التلاوة والجمعية على الله عز وجل وقد صنف جزءا فيه أخبار جيدة رحمه الله وبل ثراه بوابل الرحمة آمين