ثم دخلت سنة تسع وعشرين وسبعمائة
 
استهلت والخليفة والحاكم هم المباشرون في التي قبلها غير أن قطب الدين ابن شيخ السلامية اشتغل بنظر الجيش وفي المحرم طلب القاضي محيي الدين بن فضل الله كاتب سر دمشق وولده شهاب الدين وشرف الدين بن شمس الدين بن الشهاب محمود إلى مصر على البريد فباشر القاضي الصدر الكبير محيي الدين المذكور كتابة السر بها عوضا عن علاء الدين بن الاثير لمرض اعتراه وأقام عنده ولده شهاب الدين واقبل شرف الدين الشهاب محمود إلى دمشق على كتابة السر عوضا عن ابن فضل الله وفيه ذهب ناصر الدين مشد الاوقاف ناظرا على القدس والخليل فعمر هنالك عمارات كثيرة لملك الامراء تنكز وفتح في الاقصى شباكين عن يمين المحراب وشماله وجاء الأمير نجم الدين داود بن محمد بن أبي بكر بن محمد بن يوسف بن الزيبق من شد الدواوين بحمص إلى شدها بدمشق وفي الحادي والعشرين من صفر كمل ترخيم الحائط القبلي من جامع دمشق وبسط الجامع جميعه وصلى الناس الجمعة به من الغد وفتح باب الزيادة وكان له أياما وذلك في مباشرة تقي الدين بن مراجل
وفي ربيع الاخر قدم من مصر أولاد الامير شمس الدين قراسنقر إلى دمشق فسكنوا في دار أبيهم داخل باب الفرايدس في دهليز المقدمية وأعيدت عليهم أملاكهم المخلفة عن أبيهم وكانت تحت الحوطة فلما مات في تلك البلاد افرج عنها أو أكثرها وفي يوم الجمعة آخر شهر ربيع الآخر أنزل الأمير جوبان وولده من قلعة المدينة النبوية وهما ميتان مصبران في توابيتهما فصلى عليهما بالمسجد النبوي ثم دفنا بالبقيع عن مرسوم السلطان وكان مراد جوبان أن يدفن في مدرسته فلم يمكن من ذلك
وفي هذا اليوم صلى بالمدينة النبوية على الشيخ تقي الدين بن تيمية رحمه الله وعلى القاضي نجم الدين البالسي المصري صلاة الغائب وفي يوم الاثنين منتصف جمادي الاخرة درس القاضي شهاب الدين أحمد بن جهبل بالمدرسة البادرانية عوضا عن شيخنا برهان الدين الفزاري توفي إلى رحمة الله تعالى وأخذ مشيخة دار الحديث منه الحافظ شمس الدين الذهبي وحضرها في يوم الاربعاء سابع عشرة ونزل عن خطابة بطنا للشيخ جمال الدين المسلاتي المالكي فخطب بها يوم الجمعة تاسع عشرة وفي أواخر هذا الشهر قدم نائب حلب الامير سيف الدين أرغون إلى دمشق قاصدا باب السلطان فتلقاه نائب دمشق وأنزله بداره التي عند جامعه ثم سار نحو مصر فغاب نحوا من أربعين يوما ثم عاد راجعا إلى نيابة حلب وفي عاشر رجب طلب الصاحب تقي الدين ابن عمر بن الوزير شمس الدين بن السلعوس إلى مصر فولى نظر الدواوين بها حتى مات عن قريب وخرج الركب يوم السبت تاسع شوال وأميره سيف الدين بلطي وقاضيه شهاب الدين القيمري وفي الحجاج زوجة ملك الأمراء تنكز وفي خدمتها الطواشي شبل الدولة وصدر الدين المالكي وصلاح الدين ابن أخي الصاحب تقي الدين توبة وأخوه شرف الدين والشيخ علي المغربي والشيخ عبد الله الضرير وجماعة
وفي بكرة الاربعاء ثالث شوال جلس القاضي ضياء الدين علي بن سليم بن ربيعة للحكم بالعادلية الكبيرة نيابة عن قاضي القضاة القونوي وعوضا عن الفخر المصري بحكم نزوله عن ذلك وإعراضه عنه تاسع عشر رمضان من هذه السنة وفي يوم الجمعة سادس ذي القعدة بعد أذان الجمعة صعد إلى منبر جامع الحاكم بمصر شخص من مماليك الجاولي يقال له أوصى فادعى أنه المهدي وسجع سجعات يسيرة على رأي الكهان فأنزل في شرخيبة وذلك قبل حضور الخطيب بالجامع المذكور وفي ذي القعدة وما قبله وما بعده من أواخر هذه السنة وأوائل الاخرى وسعت الطرقات والأسواق داخل دمشق وخارجها مثل سوق السلاح والرصيف والسوق الكبير وباب البريد ومسجد القصب إلى الزنجبيلية وخارج باب الجباية إلى مسجد الدبان وغير ذلك من الاماكن التي كانت تضيق عن سلوك الناس وذلك بامر تنكز وأمر باصلاح القنوات واستراح الناس من ترتيش الماء عليهم بالنجاسات ثم في العشر الاخير من ذي الحجة رسم بقتل الكلاب فقتل منهم شيء كثير جدا ثم جمعوا خارج باب الصغير مما يلي باب كيسان في الخندق وفرق بين الذكور منهم والاناث ليموتوا سريعا ولا يتوالدوا وكانت الجيف والميتات تنقل إليهم فاستراح الناس من النجاسة من الماء والكلاب وتوسعت لهم الطرقات
وفي يوم الجمعة ثاني عشر ذي الحجة حضر مشيخة الشيوخ بالسمساطية قاضي القضاة شرف الدين المالكي بعد وفاة قاضي القضاة القونوي الشافعي وقرئ تقليده بالسبحة بها وحضره الأعيان وأعيد إلى ما كان عليه وممن توفي فيها من الأعيان :