ثم دخلت سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة
 
استهلت بيوم الاربعاء والخليفة المستكفي منفي ببلاد قوص ومعه أهله وذووه ومن يلوذ به وسلطان البلاد الملك الناصر محمد بن الملك المنصور ولا نائب بديار مصر ولا وزير ونائبه بدمشق تنكز وقضاة البلاد ونوابها ومباشروها هم المذكورون في التي قبلها وفي ثالث ربيع الاول رسم السلطان بتسفير علي ومحمد ابني داود بن سليمان بن داود بن العاضد آخر خلفاء الفاطميين إلى الفيوم يقيمون به وفي يوم الجمعة ثاني عشر ربيع الآخر عزل القاضي علم الدين بن القطب عن كتابة السر وضرب وصودر ونكب بسببه القاضي فخر الدين المصري وعزل عن مدرسته الدولعية وأخذها ابن جملة والعادلية الصغيرة باشرها ابن النقيب ورسم عليه بالعذراوية مائة يوم وأخذ شيء من ماله
وفي ليلة الاحد ثالث عشرين ربيع الاول بعدالمغرب هبت ريح شديدة بمصر وأعقبها رعد وبرق وبرد بقدر الجوز وهذا شيء لم يشاهدوا مثله من أعصار متطاولة بتلك البلاد وفي عاشر جمادي الاولى استهل الغيث بمكة من أول الليل فلما انتصف الليل جاء سيل عظيم هائل لم ير مثله من دهر طويل فخرب دورا كثيرة نحوا من ثلاثين أو أكثر وغرق جماعة وكسر أبواب المسجد ودخل الكعبة وارتفع فيها نحوا من ذراع أو أكثر وجرى أمر عظيم حكاه الشيخ عفيف الدين الطبري وفي سابع عشرين من جمادي الاولى عزل القاضي جلال الدين عن قضاء مصر واتفق وصلو خبر موت قاضي الشام ابن المجد بعد أن عزل بيسير فولاه السلطان قضاء الشام فسار إليها راجعا عودا على بدء ثم عزل السلطان برهان الدين بن عبدالحق قاضي الحنفية وعزل قاضي الحنابلة تقي الدين ورسم على ولده صدر الدين بأداء ديون الناس إليهم وكانت قريبا من ثلاثمائة ألف فلما كان يوم الاثنين تاسع عشر جمادي الاخرة بعد سفر جلال الدين بخمسة أيام طلب السلطان أعيان الفقهاء إلى بين يديه فسألهم عن من يصلح للقضاء بمصر فوقع الاختيار على القاضي عز الدين ابن جماعة فولاه في الساعة الراهنة وولى قضاء الحنفية لحسام الدين حسن بن محمد الغوري قاضي بغداد وخرجا من بين يديه إلى المدرسة الصالحية وعليهما الخلع ونزل عز الدين بن جماعة من دار الحديث الكاملية لصاحبه الشيخ عماد الدين الدمياطي فدرس فيها واورد حديث إنما الاعمال النيات بسنده وتكلم عليه وعزل أكثر نواب الحكم واستمر بعضهم واستمر بالمنادي الذي أشار بتوليته ولما كان يوم خامس عشرين منه ولى قضاء الحنابلة الامام العالم موفق الدين ابو محمد عبدالله بن محمد بن عبد الملك المقدسي عوضا عن المعزول ولم يبق من القضاة سوى الاخنائي المالكي
وفي رمضان فتحت الصبابية التي أنشأها شمس الدين بن تقي الدين بان الصباب التاجر دار قرآن ودار حديث وقد كانت خربة شنيعة قبل ذلك وفي رمضان باشر علاء الدين علي ابن القاضي محيي الدين بن فضل الله كتابة السر بمصر بعد وفاة أبيه كما سيأتي ترجمته وخلع عليه وعلى أخيه بدر الدين ورسم لهما أن يحضرا مجلس السلطان وذهب أخوه شهاب الدين إلى الحج
وفي هذا الشهر سقط بالجانب الغربي من مصر بردكا لبيض وكالرمان فأتلف شيئا كثيرا ذكر ذلك البرزالي ونقله من كتاب الشهاب الدمياطي وفي ثالث عشرين رمضان درس بالقبة المنصورية بمشيخة الحديث شهاب الدين العسجدي عوضا عن زين الدين الكنائي توفي فأرود حديثا من مسند الشافعي بروايته عن الجاولي بسنده ثم صرف عنها بالحجة بالشيخ اثير الدين أبي حيان فساق حديثا عن شخيه ابن الزبير ودعا للسلطان وحضر عنده القضاة والاعيان وكان مجلسا حافلا وفي ذي القعدة حضر تدريس الشامية البرانية قاضي القضاة شمس الدين ابن النقيب عوضا عن القاضي جمال الدين ابن جملة توفي وحضر خلق كثير من الفقهاء والاعيان وكان مجلسا حافلا وفي ثاني ذي الحجة درس بالعادلية الصغيرة تاج الدين عبد الرحيم ابن قاضي القضاة جلال الدين القزويني عوضا عن الشيخ شمس الدين بن النقيب بحكم ولايته الشامية البرانية وحضر عنده القضاة والاعيان وفي هذا الشهر درس القاضي صدر الدين بن القاضي جلال الدين بالاتابكية وأخوه الخطيب بدر الدين بالغزالية والعادلية نيابة عن أبيه انتهى والله اعلم وممن توفي فيها من الاعيان :