ولاية الخليفة الحاكم بأمر الله
 
وفي هذا اليوم بويع بالخلافة أمير المؤمنين أبو القاسم أحمد بن المستكفي بالله أبي الربيع سليمان العباسي ولبس السواد وجلس مع الملك المنصور على سرير المملكة وألبسه خلعة سوداء أيضا فجلسا وعليهما السواد وخطب الخليفة يومئذ خطبة بليغة فصيحة مشتملة على أشياء من المواعظ والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وخلع يومئذ على جماعة من الأمراء والاعيان وكان يوما مشهودا وكان أبو القاسم هذا قد عهد إليه أبوه بالخلافة ولكن لم يمكنه الناصر من ذلك وولى أبا إسحاق إبراهيم ابن أخي أبي الربيع ولقبه الواثق بالله وخطب له بالقاهرة جمعة واحدة فعزله المنصور وقرر أبا القاسم هذا وأمضى العهد ولقبه المستنصر بالله كما ذكرنا
وفي يوم الاحد ثامن المحرم مسك الامير سيف الدين بشتك الناصري آخر النهار وكان قد كتب تقليده بنيابة الشام وخلع عليه بذلك وبرز ثقله ثم دخل على الملك المنصور ليودعه فرحب به واجلسه واحضر طعاما وأكلا ونأسف الملك على فراقه وقال تذهب وتتركني وحدي ثم قام لتوديعه وذهب بشتك من بين يديه ثماني خطوات أو نحوها ثم تقدم إليه ثلاثة نفر فقطع أحدهم سيفه من سوطه بسكين ووضع الاخر يده على فمه وكتفه الاخر وقيدوه وذلك كله بحضرة السلطان ثم غيب ولم يدر أحد إلى أين صار ثم قالوا لمماليكه اذهبوا انتتم فائتوا بمركوب الامير غدا فهو بائت عند السلطان وأصبح السلطان وجلس على سرير المملكة وأمر بمسك جماعة من الأمراء وتسعة من الكبار واحتاطوا على حواصله وأمواله وأملاكه فيقال إنه وجد عنده من الذهب ألف ألف دينار وسبعمائة الف دينار