ثم دخلت سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة
 
استهلت هذه السنة وسلطان الديار المصرية والبلاد الشامية والحرمين الشريفين وما يتبع ذلك الملك الصالح صلاح الدين صالح بن السلطان الملك الناصر محمد بن الملك المنصور قلاوون والخليفة الذي يدعى له المعتضد بأمر الله ونائب الديار المصرية الأمير سيف الدين قبلاي وقضاة مصرهم المذكورون في التي قبلها والوزير القاضي ابن زنبور واولوا الامر الذين يدبرون المملكة فلا تصدر الامور إلا عن آرائهم لصغر السلطان المذكور جماعة من أعيانهم ثلاثة سيف الدين شيخون وطار وحر عيمش ونائب دمشق الأمير سيف الدين أرغون الكاملي وقضاتها هم المذكورون في التي قبلها ونائب البلاد الحلبية الأمير سيف الدين يلبغا أروش ونائب طرابلس الامير سيف الدين بكلمش ونائب حماة الامير شهاب الدين احمد بن مشد الشريخانة ووصل بعض الحجاج إلى دمشق في تاسع الشهر وهذا نادر وأخبروا بموت المؤذن شمس الدين بن سعيد بعد منزلة العلاء في المدابغ
وفي ليلة الاثنين سادس عشر صفر في هذه السنة وقع حريق عظيم عند باب جيرون شرقية فاحترق به دكان القفاعي الكبيرة المزخرفة وما حولها واتسع اتساعا فظيعا واتصل الحريق بالباب الاصفر من النحاس فبادر ديوان الجامع اليه فكشطوا ما عليه من النحاس ونقلوه من يومه إلى خزانة الحاصل بمقصورة الحلبية بمشهد على ثم عدوا عليه يكسرون خشبه بالفؤس الحداد والسواعد الشداد وإذا هو من خشب الصنوبر الذي في غاية ما يكون من القوة والثبات وتأسف الناس عليه لكونه كان من محاسن البلد ومعالمه وله في الوجود ما ينيف عن أربعة آلاف سنة انتهى والله أعلم