خلافة المتوكل على الله
 
ثم بويع بعده ولده المتوكل على الله على أبو عبد الله محمد بن المعتضد ابي بكر أبي الفتح بن المستكفي بالله أبي الربيع سليمان بن الحاكم بامر الله أبي العباس أحمد رحم لله أسلافه
وفي جمادي الاولى توجه الرسول من الديار المصرية ومعه صناجق خليفية وسلطانية وتقاليد وخلع وتحف لصاحبي الموصل وسنجار من جهة صاحب مصر ليخطب له فيهما وولى قاضي القضاة تاج الدين الشافعي السبكي الحاكم بدمشق لقاضيهما من جهته تقليدين حسب ما أخبرني بذلك وأرسلا مع ما أرسل به السلطان إلى البلدين وهذا امر غريب لم يقع مثله فيما تقدم فيما أعلم والله أعلم
وفي جمادي الاخرة خرج نائب السلطنة إلى مرج الفسولة ومعه حجبته ونقباء النقباء وكاتب السر وذووه ومن عزمهم الاقامة مدة فقدم من الديار المصرية أمير على البريد فأسرعوا الاوبة فدخلوا في صبيحة الاحد الحادي والعشرين منه واصبح نائب السلطنة فحضر الموكب على العادة وخلع على الامير سيف الدين يلبغا الصالحي وجاء النص من الديار المصرية بخلعة دوادار عوضا عن سيف الدين كحلن وخلع في هذا اليوم على الصدر شمس الدين بن مرقي بتوقيع الدست وجهات أخر قدم بها من الديار المصرية فانتشر الخبر في هذا اليوم باجلاس قاضي القضاة شمس الدين الكفري الحنفي فوق قاضي القضاة المالكية لكن لم يحضر في هذا اليوم وذلك بعد ما قد امر باجلاس المالكي فوقه
وفي ثاني رجب توفي القاضي الامام العالم شمس الدين بن مفلح المقدسي الحنبلي نائب مشيخة قاضي القضاة جمال الدين يوسف بن محمد المقدسي الحنبلي وزوج ابنته وله منها سبعة أولاد ذكرو وإناث وكان بارعا فاضلا متفننا في علوم كثيرة ولا سيما علم الفروع كان غاية في نقل مذهب الامام أحمد وجمع مصنفات كثيرة منها كتاب المقنع نحوا من ثلاثين مجلدا كما أخبرني بذلك عنه قاضي القضاة جمال الدين وعلق على محفوظة أحكام الشيخ مجد الدين بن تيمية مجلدين وله غير ذلك من الفوائد والتعليقات رحمه الله توفي عن نحو خمسين سنة وصلى عليه بعد الظهر من يوم الخميس ثاني الشهر بالجامع المظفري ودفن بمقبره الشيخ الموفق وكانت له جناز حافلة حضرها القضاة كلهم وخلق من الاعيان رحمه الله وأكرم مثواه
وفي صبيحة يوم السبت رابع رجب ضرب نائب السلطنة جماعة من أهل قبر عاتكة أساؤا الادب على النائب ومماليكه بسبب جامع للخطبة جدد بناحيتهم فأراد بعض الفقراء أن يأخذ ذلك الجامع ويجعله زاوية للرقاصين فحكم القاضي الحنبلي بجعله جامعا قد نصب فيه مبنر وقد قدم شيخ الفقراء على يديه مرسوم شريف بتسليمه اليه فأنفت أنفس أهله تلك الناحية من عوده زاوية بعد ما كان جامعا وأعظموا ذلك فتكلم بعضهم بكلام سيء فاستحضر نائب السلطنة طائفة منهم وضربهم بالمقارع بين يديه ونودي عليهم في البلد فأراد بعض العامة إنكارا لذلك وحدد ميعاد حديث يقرأ بعد المغرب تحت قبة النسر على الكرسي ألذي يقرأ عليه المصحف رتبة أحد اولاد القاضي عماد الدين بن الشيرازي وحدث فيه الشيخ عماد الدين بن السراج واجتمع عنده خلق كثير وجم غفير وقرأ في السيرة النبوية من خطى وذلك في العشر الاول من هذا الشهر