فتح باب كيسان بعد غلقه نحوا من مائتي سنة
 
وفي يوم الاربعاء السادس والعشرين من شعبان اجتمع نائب السلطنة والقضاة عند باب كيسان وشرع الصناع في فتحه عن مرسوم السلطان الوارد من الديار المصرية وأمر نائب السلطنة وإذن القضاة في ذلك واستهل رمضان وهم في العمل فيه وفي العشر الأخير من شعبان توفي الشريف شمس الدين محمد بن علي بن الحسن بن حمزة الحسيني المحدث المحصل المؤلف لاشياء مهمة وفي الحديث قرأ وسمع وجمع وكتب أسماء رجال بمسند الامام احمد واختصر كتابا في أسماء الرجال مفيدا وولى مشيخة الحديث التي وقفها في داره بهاء الدين القاسم بن عساكر داخل باب توما وختمت البخاريات في آخر شهر رمضان
ووقع بين الشيخ عماد الدين بن السراج قارئ البخاري عند محراب الصحابة وبين الشيخ بدر الدين بن الشيخ جمال الدين الشريشني وتها ترا على رؤس الاشهاد بسبب لفظه يبتز بمعنى يدخر وفي نسخة يتير فحكى ابن السراج عن الحافظ المزي أن الصواب يبتز من قول العرب عزيز وصدق في ذلك فكأن منازعه خطأ ابن المزي فانتصر الآخر للحافظ المزي فقاد منه بالقول ثم قام والده الشيخ جمال الدين المشار اليه فكشف رأسه على طريقة الصوفية فكأن ابن السراج لم يلتفت اليه وتدافعوا إلى القاضي الشافعي فانتصر للحافظ المزي وجرت أمور ثم اصلطحوا غير مرة وعزم اولئك على كتب محضر على ابن السراج ثم انطفأت تلك الشرور
وكثر الموت في أثناء شهر رمضان وقاربت العدة المائة وربما جاوزت المائة وربما كانت اقل منها وهو الغالب ومات جماعة من الأصحاب والمعارف فإنا لله وإنا اليه راجعون وكثر الجراد في البساتين وعظم الخطب بسبب وأتلف شيئا كثيرا من الغلات والثمار والخضراوات وغلت الاسعار وقلت الثمار وارتفعت قيم الاشياء فبيع الدبس بما فوق المائتين القنطار والرز بأزيد من ذلك وتكامل فتح باب كيسان وسموه الباب القبلي ووضع الجسر منه إلى الطريق السالكة وعرضه أزيد من عشرة أذرع بالنجاري لأجل عمل الباسورة جنبتيه ودخلت المارة عليه من المشاة والركبان وجاء في غاية الحسن وسلك الناس في حارات اليهود وانكشف دخلهم وأمن الناس من دخنهم وغشهم ومكرهم وخبثهم وانفرج الناس بهذا الباب المبارك
واستهل شوال والجراد قد أتلف شيئا كثيرا من البلاد ورعى الخضروات والاشجار وأوسع أهل الشام في الفساد وغلت الأسعار واستمر الفناء وكثر الضجيج والبكاء وفقدنا كثيرا من الأصحاب والأصدقاء فلان مات وقد تناقص الفناء في هذه المدة وقل الوقع وتناقص للخمسين وفي شهر ذي القعدة تقاصر الفناء ولله الحمد ونزل العدد إلى العشرين فما حولها وفي رابعه دخل بالفيل والزرافة إلى مدينة دمشق من القاهرة فأنزل في الميدان الأخضر قريبا من القصر الأبلق وذهب الناس للنظر اليهما على العادة
وفي يوم الجمعة تاسعه صلى على الشيخ جمال الدين عبد الصمد بن خليل البغدادي المعروف بابن الخضري محدث بغداد وواعظها كان من أهل السنة والجماعة رحمه الله انتهى