عودة قاضي القضاة السبكي إلى دمشق
 
في يوم الاربعاء التاسع والعشرين من جمادي الاولى قدم من ناحية الكسوة وقد تلقاه جماعةمن الاعيان إلى الصمين وما فوقها فلما وصل إلى الكسوة كثر الناس جدا وقاربها قاضي قضاة الحنفية الشيخ جمال الدين بن السراج فلما أشرف من عقبة شحورا تلقاه خلائق لا يحصون كثرة واشعلت الشموع حتى مع النساء والناس في سرور عظيم فلما كان قريبا من الجسورة تلقته الخلائق الخليفيين مع الجوامع والمؤذنون يكبرون والناس في سرور عظيم ولما قرب باب النصر وقع مطر عظيم والناس معه لا تسعهم الطرقات يدعون له ويفرحون بقدومه فدخل دار السعادة وسلم على نائب السلطنة ثم دخل الجامع بعد الصعر ومعه شموع كثيرة والرؤساء أكثر من العامة ولما كان يوم الجمعة ثاني شهر جمادي الاخرة ركب قاضي القضاة السبكي إلى دار السعادة وقد استدعى نائب السلطنة بالقاضيين المالكي والحنبلي فأصلح بينهم وخرج من عنده ثلاثتهم يتماشون إلى الجامع فدخلوا دار الخطابة فاجتمعوا هناك وضيفهما الشافعي ثم حضرا خطبته الحافلة البليغة الفصيحة ثم خرجوا ثلاثتهم من جوا إلى دار المالكي فاجتمعوا هنالك وضيفهم المالكي هنالك ما تيسر والله الموفق للصواب
وفي أوائل هذا الشهر وردت المراسيم الشريفة السلطانية من الديار المصرية بأن يجعل للأمير من إقطاعه النصف خاصا له وفي النصف الاخر يكون لأجناده فحصل بهذا رفق عظيم بالجند وعدل كثير ولله الحمد وأن يتجهز الاجناد ويحرصوا على السبق والرمي بالنشاب وأن يكونوا مستعدين متى استنفروا نفروا فاستعدوا لذلك وتأهبوا لقتال الفرنج كما قال الله تعالى وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم الاية وثبت في الحديث أن رسول الله
ص قال على المنبر ألا إن القوة الرمي وفي الحديث الاخر ارموا واركبوا وأن ترموا أحب إلي
وفي يوم الاثنين بعد الظهر عقد مجلس بدار السعادة للكشف على قاضي القضاة جمال الدين المرداوي الحنبلي بمقتضى مرسوم شريف ورد من الديار المصرية بذلك وذلك بسبب ما يعتمده كثير من شهود مجلسه من بيع اوقاف لم يستوف فيها شرائط المذهب وإثبات إعسارات أيضا كذلك وغير ذلك انتهى