في بيان المعنى الجامع للفرق المختلفة في اسم ملة الاسلام على الجملة قبل التفصيل
 
اختلف المنتسبون الى الاسلام في الذين يدخلون بالاسم العام في ملة الاسلام.
فزعم أبو القاسم الكعبى في مقالاته أن قول القائل امة الاسلام تقع على كل مقر بنبوة محمد وان كل ما جاء به حق كائنا قوله بعد ذلك ما كان.
وزعم قوم أن أمة الإسلام كل من يرى وجوب الصلاة الى جهة الكعبة وزعمت الكرامية مجسمة خراسان أن امة الاسلام جامعة لكل من أقر بشهادتي الاسلام لفظا وقالوا كل من قال لا اله الا الله محمد رسول الله فهو مؤمن حقا وهو من أهل ملة الاسلام سواء كان مخلصا فيه أو منافقا مضمر الكفر فيه والزندقة ولهذا زعموا أن المنافقين في عهد رسول الله كانوا مؤمنين حقا وكان ايمانهم كايمان جبريل وميكاءيل والانبياء والملائكة مع اعتقادهم النفاق وإظهار الشهادتين.
وهذا القول مع قول الكعبى في تفسيراته الاسلام ينتقض بقول العيسوية من يهود أصبهان فانهم يقرون بنبوة نبينا محمد وبأن كل ما جاء به حق ولكنهم زعموا انه بعث الى العرب لا الى بنى اسرائيل وقالوا ايضا محمد رسول الله وما هم معدودين في فرق الاسلام وقوم من موشكانية اليهود حكوا عن زعيمهم المعروف بشاركان أنه قال أن محمدا رسول الله الى العرب والى سائر الناس ما خلا اليهود وأنه قال أن القرآن حق وكل الاذان والإقامة والصلوات الخمس وصيام شهر رمضان وحج الكعبة كل ذلك حق غير أنه مشروع للمسلمين دون اليهود وربما فعل ذلك بعض الشاركانية قد أقروا بشهادتي أن لا اله الا الله وأن محمدا رسول الله واقروا بأن دينه حق وما هم مع ذلك من أمة الاسلام لقولهم بان شريعة الاسلام لا تلزمهم.
وأما قول من قال ان اسم ملة الاسلام امر واقع على كل من يرى وجوب الصلاة الى الكعبة المنصوبة بمكة فقد رضى بعض فقهاء الحجاز هذا القول وأنكره أصحاب الرأى لما روى عن أبي حنيفة أن صحح إيمان من أقر بوجوب الصلاة الى الكعبة وشك في موضعها وأصحاب الحديث لا يصححون إيمان من شك في موضع الكعبة كما لا يصححون إيمان من شك في وجوب الصلاة الى الكعبة.
والصحيح عندنا أن أمة الاسلام تجمع المقرين بحدوث العالم وتوحيد صانعه وقدمه وصفاته وعدله وحكمته ونفى التشبيه عنه وبنبوة محمد ورسالته الى الكافة وبتأييد شريعته وبأن كل ما جاء به حق وبأن القرآن منبع أحكام الشريعة وأن الكعبة هي القبلة التي تجب الصلاة اليها فكل من أقر بذلك كله ولم يشبه ببدعة تؤدى الى الكفر فهو السنى الموحد.
وأن ضم الى الاقوال بما ذكرناه بدعة شنعاء نظر: فإن كان على بدعة الباطنية أو البيانية أو المغيرة او الخطابية الذين يعتقدون إلهية الائمة او إلهية بعض الأئمة او كان على مذاهب الحلول أو على بعض مذاهب اهل التناسخ او على مذهب الميمونية من الخوارج الذين أباحوا نكاح بنات البنات وبنات البنين أو على مذهب اليزيدية من الاباضية في قولها بان شريعة الاسلام تنسخ في آخر الزمان أو أباح ما نص القرآن على تحريمه أو حرم ما أباحه القرآن نصا لا يحتمل التأويل فليس هو من أمة الاسلام ولا كرامة له.
وان كانت بدعته من جنس بدع المعتزلة أو الخوارج أو الرافضة الامامية أو الزيدية أو من بدع البخارية أو الجهمية أو الضرارية أو المجسمة فهو من الامة في بعض الاحكام وهو جواز دفنه في مقابر المسلمين وفى ألا يمنع حظه من الفىء والغنيمة ان غزا مع المسلمين وفي ألا يمنع من الصلاة في المساجد وليس من الامة في احكام سواها وذلك ألا تجوز الصلاة عليه ولا خلفه ولا تحل ذبيحته ولا نكاحه لامرأة سنية ولا يحل للسنى أن يتزوج المرأة منهم اذا كانت على اعتقادهم وقد قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه للخوارج علينا ثلاث لا نبدؤكم بقتال ولا نمنعكم مساجد الله أن تذكروا فيها اسم الله ولا نمنعكم من الفىء ما دامت أيديكم مع أيدينا والله أعلم.