ذكر الحمزية منهم
 
هؤلاء اتباع حمزة بن أكرك الذي عاث سجستان وخراسان ومكران وقهستان وكرمان وهزم الجيوش الكثيرة وكان في الاصل من العجاردة الخازمية ثم خالفهم في باب القدر والاستطاعة فقال فيها بقول القدرية فأكفرته الخازمية في ذلك ثم زعم مع ذلك أن أطفال المشركين في النار فأكفرته القدرية في ذلك ثم إنه والى القعدة من الخوراج مع قوله بتكفير من لا يوافقه على قتال مخالفيه من فرق هذه الامة مع قوله بأنهم مشركون وكان اذا قاتل قوما وهزمهم أمر باحراق أموالهم وعقد دوابهم وكان مع ذلك يقتل الاسراء من مخالفيهم وكان ظهوره في أيام هارون الرشيد فى سنة تسع وسبعين ومائة وبقى الناس في فتنته الى أن مضى صدر من أيام خلافة المأمون ولما استولى على بعض البلدان جعل قاضيه أبا يحيى يوسف بن بشار وصاحب جيشه رجلا اسمه جيويه بن معبد وصاحب حرسه عمرو بن صاعد وكان معه جماعة من شعراء الخوارج كطلحة بن فهد وأبى الجلندى وأقرانهم وبدأ بقتال البيهسية من الخوارج وقتل الكثير منهم فسموه عند ذلك أمير المؤمنين وقال الشاعر طلحة بن فهد في ذلك:
أمير المؤمنين على رشاد وغير هداية نعم الأمير
امير يفضل الامراء فضلا كما فضل السها القمر المنير
ثم ان حمزة أسرى سرية الى الخازمية من الخوارج بناحية فلجرد فقتل منهم مقتلة عظيمة ثم قصد بنفسه هراة فمنعه اهلها من دخولها فاستعرض الناس خارج المدينة وقتل منهم الكثير فخرج اليه عمرو بن يزيد الازدى وهو يومئذ والى هراة مع جنده فدامت الحرب بينهم شهورا وقتل من ارض هراة جماعة وقتل من أصحاب هيصم الشاري وكان داعية حمزة يدعو الناس الى ضلالته ثم أغار حمزة على كروخ من رستاق هراة واحرق أموالهم وعقر أشجارهم ثم حارب عمرو بن يزيد الأزدى بقرب بوشبخ وقتل عمر ثم انتصب على بن عيسى بن هاديان وهو يومئذ والى خراسان لحرب حمزة فانهزم منه الى ارض سجستان بعد ان قتل من قواده ستون رجلا سوى اتباعه فلما وصل الى سجستان منعه أهل زرنخ عن دخول البلد فاستعرض الناس بالسيف في صحراء البلد ثم تنكر لأهل زرنخ بان ألبس أصحابه السواد يوهمهم انهم أصحاب السلطان وأنذرهم بذلك منذر فمنعوه من دخول البلدة فعقر نخلهم في سوادهم وقتل المجتازين فى صحاريهم ثم قصد نهر شعبة وقتل بها الكثير من الخوارج الخلفية وعقر اشجارهم وأحرق أموالهم وانهزم منه رئيس للخلفية اسمه مسعود بن قيس وعبر فى هزيمته واديا وغرق فيه وشك أتباعه في موته وهم ينتظرونه الى اليوم ثم رجع حمزة من كرمان وأغار في طريقه على رستاق بست من رساتيق نيسابور وكان بها قوم من الخوارج الثعالبة فقتلهم حمزة ودامت فتنة بخراسان وكرمان وقهستان وسجستان الى آخر ايام الرشيد وصدر من خلافة المأمون لاشتغال حند أكثر خراسان بقتال رافع بن ليث بن نصر بن سيان على باب سمرقند فلما تمكن المأمون من الخلافة كتب الى حمزة كتابا استدعاه فيه الى طاعته فما ازداد الا عتوا في امره فبعث المأمون بطاهر بن الحسين لقتال حمزة فدارت بين طاهر وحمزة حروب قتل فيها من الفريقين مقدار ثلاثين ألفا أكثرهم من اتباع حمزة وانهزم فيها حمزة الى كرمان وأتى طاهر على القعدة عن حمزة ممن كان على رأيه وظفر بثلثمائة منهم فأمر بشد كل رجل منهم بالحبال بين شجرتين قد جذبت رؤوس بعضها الى بعض ثم قطع الرجل بين الشجرتين فرجعت كل واحدة من الشجرتين بالنصف من بدن المشدود عليها ثم ان المأمون استدعى طاهر بن الحسين من خراسان وبعث به الى منصبه فطمع حمزة في خراسان فأقبل فى جيشه من كرمان فخرج اليه عبد الرحمن النيسابورى في عشرين الف رجل من غزاة نيسابور ونواحيها فهزموا حمزة باذن الله وقتلوا الالوف من أصحابه وانفلت منهم حمزة جريحا ومات في هزيمته هذه وأراح الله عز وجل منه ومن أتباعه العباد بعد ذلك وكانت هذه الواقعة التى هلك بعدها حمزة الخارجى القدرى من مفاخر اهل نيسابور والحمد لله على ذلك.

الموضوع التالي


ذكر الثعالبة منهم

الموضوع السابق


ذكر الصلتية منهم