ذكرالبشرية منهم
 
هؤلاء اتباع بشر بن المعتمر وقال اخوانه من القدرية بتكفيره فى امور هو فيها مصيب عند القدرية.
فما كفرته القدرية فيه قوله بان الله تعالى قادر على لطف لو فعله بالكافر لآمن طوعا.
وكفروه ايضا فى قوله بأن الله تعالى لو خلق العقلاء ابتداء فى الجنة وتفضل عليهم بذلك لكان ذلك أصلح لهم.
وكفروه ايضا بقوله ان الله لو علم من عبد انه لو أبقاه لآمن كان إبقاؤه اياه اصلح له من ان يميته كافرا.
وكفروه ايضا بقوله ان الله تعالى لم يزل مريدا.
وفى قوله ان الله تعالى اذا علم حدوث شىء من افعال العباد ولم يمنع منه فقد أراد حدوثه.
والحق فى هذه المسائل الخمس كفرت المعتزلة البصرية فيها بشرا مع بشر والمكفرون له فيها هم الكفرة ونحن نكفر بشرا فى أمور شعواها كذا كل واحد منها بدعة شنعاء.
أولها قول بشر بان الله تعالى ما والى مؤمنا فى حال إيمانه ولا عادى كافرا فى حال كفره.
ويجب تكفيره فى هذا على قول جميع الامة اما على قول أصحابنا فلأنا نقول إن الله تعالى لم يزل مواليا لمن علم أنه يكون وليا له اذا وجد ومعاديا لمن علم اذا وجد كفر ومات على كفره يكون معاديا له قبل كفره وفى حال كفره وبعد موته واما على اصول المعتزلة غير بشر فلأنهم قالوا ان الله لم يكن مواليا لاحد قبل وجود الطاعة منه فكان فى حال وجود طاعته مواليا له وكان معاديا للكافر فى حال وجود الكفر منه فإن ارتد المؤمن صار الله تعالى معاديا له بعد ان كان مواليا له عندهم.
وزعم بشر أن الله تعالى لا يكون مواليا للمطيع فى حال وجود طاعته ولا معاديا للكافر فى حال وجود كفره وانما يوالى المطيع فى الحالة الثانية من وجود طاعته ويعادى الكافر فى الحالة الثانية من وجود كفره واستدل على ذلك بأن قال لو جاز ان يوالى المطيع فى حال طاعته وجاز ان يعادى الكافر فى حال وجود كفره لجاز ان يثيب المطيع فى حال طاعته ويعاقب الكافر فى حال كفره فقال اصحابنا لو فعل ذلك لجاز فقال لو جاز ذلك لجاز ان يمسخ الكافر فى حال كفره فقلنا له لو فعل ذلك لجاز.
الفضيحة الثانية من فضائح بشر إفراطه بالقول فى التولد حتى زعم انه يصح من الانسان ان يفعل الالوان والطعوم والروائح والرؤية والسمع وسائر الادراكات على سبيل التولد اذا فعل اسبابها وكذلك قوله فى الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة.
وقد كفره اصحابنا وسائر المعتزلة فى دعواه ان الانسان قد يخترع الألوان والطعوم والروائح والادراكات.
الفضيحة الثالثة من فضائحه قوله بأن الله تعالى قد يغفر للانسان ذنوبه ثم يعود فيما غفر له فيعذبه عليه اذا عاد الى معصيته فسئل على هذا عن كافر تاب عن كفره ثم شرب الخمر بعد توبته عن كفره من غير استحلال منه للخمر وغامضه الموت قبل توبته عن شرب الخمر هل يعذبه الله تعالى في القيمة على الكفر الذى قد تاب منه فقال نعم فقيل له يجب على هذا أن يكون عذاب من هو على ملة الاسلام مثل عذاب الكافر فالتزم ذلك.
الفضيحة الرابعة من فضائحه قوله بأن الله تعالى يقدر على ان يعذب الطفل ظالما له فى تعذيبه اياه فانه لو فعل ذلك لكان الطفل بالغا عاقلا مستحقا للعذاب.
وهذا فى التقدير كأنه يقول ان الله تعالى قادر على ان يظلم ولو ظلم لكان بذلك الظلم عادلا واول هذا الكلام ينقض آخره.
وأصحابنا يقولون ان الله تعالى قادر على تعذيب الطفل ولو فعل ذلك كان عدلا منه فلا يناقض قولهم فى هذا الباب وقوله بشر فيه متناقض.
الفضيحة الخامسة من فضائحه قوله بان الحركة تحصل وليس بالجسم فى المكان الاول ولا فى المكان الثانى ولكن الجسم يتحرك به من الاول الى الثانى.
وهذا قول غير معقول فى نفسه واختلف المتكلمون قبله فى الحركة هل هو معنى أم لا فنفاها بقاة الاعراض واختلف الذين اثبتوا الاعراض فى وقت وجود الحركة فمنهم من زعم انها توجد فى الجسم وهو فى المكان الأولى فينتقل بها عن الاول الى الثاني وبه قال النظام وأبو شمر الممرجئ ومنهم من قال ان الحركة تحصل فى الجسم وهو في المكان الثانى لانها اول كون فى المكان الثانى وهذا قول ابى الهذيل والجبائي وابنه أبي هاشم وبه قال شيخنا ابو الحسن الاشعرى رحمه الله ومنهم من قال ان الحركة كونان فى مكانين احدهما يوجد فى المتحرك وهو فى المكان الاول والثانى يوجد فيه وهو فى المكان الثانى وهذا قول الروندى وبه قال شيخنا ابو العباس القلانسى وقد خرج قول بشر بن المعتمر عن هذه الاقوال بدعواه ان الحركة تحصل وليس الجسم فى المكان الاول ولا فى الثانى مع علمنا بأنه لا واسطة بين حالى كونه فى المكان الاول وكونه فى المكان الثانى وقوله هذا غير معقول له فكيف يكون معقولا لغيره؟

الموضوع التالي


ذكرالهشامية منهم

الموضوع السابق


ذكرالمعمرية منهم