ذكرالهشامية منهم
 
هؤلاء اتباع هشام بن عمرو القوطى وفضائحه بعد ضلالته بالقدر تترى.
منها أنه حرم على الناس أن يقولوا حسبنا الله ونعم الوكيل من جهة تسميته بالوكيل وقد نطق القرآن بهذا الاسم لله تعالى وذكر ذلك فى السنة الواردة فى تسعة وتسعين اسما من الله تعالى فاذا لم يجز اطلاق هذا الاسم على الله تعالى مع نزول القرآن به ومع ورود السنة الصحيحة به فأى اسم بعده يطلق عليه.
وقد كان اصحابنا يتعجبون من المعتزلة البصرية فى اطلاقها على الله عز وجل من الاسماء مالم يذكر فى القرآن والسنة اذا دل عليه القياس وزاد هذا التعجب بمنع القوطى عن اطلاق الله تعالى بما قد نطق به القرآن والسنة.
واعتذر الخياط عن القوطى بأن قال ان هشاما كان يقول حسبنا الله ونعم المتوكل بدلا من الوكيل وزعم ان وكيلا يقتضى موكلا فوقه وهذا من علامات جهل هشام والمعتذر عنه بمعانى الاسماء فى اللغة وذلك ان الوكيل فى اللغة بمعنى الكافى لانه يكفى موكله أمر ما وكله فيه وهذا معنى قولهم حسبنا الله ونعم الوكيل ومعنى حسبنا كافينا وواجب ان يكون ما بعد نعم موافقا لما قبله كقول القائل الله رازقنا ونعم الرازق ولا يقال الله رازقنا ونعم الغافر ولأن الله تعالى قال {ومن يتوكل على الله فهو حسبه} أى كافيه وقد يكون الوكيل ايضا بمعنى الحفيظ ومنه قوله تعالى {قل لست عليكم بوكيل} اى حفيظ ويقال فى نقيض الحفيظ رجل وكل ووكل اي بليد والوكال البلادة واذا كان الوكيل بمعنى الحفيظ وكان الله عز وجل كافيا وحفيظا لم يكن للمنع من إطلاق الوكيل فى اسمائه معنى.
والعجب من هشام فى انه أجاز ان يكتب لله عز وجل هذا الاسم وان يقرأ به القرآن ولم يجز أن يدعى به فى غير قراءة القرآن.
الفضيحة الثانية من فضائح القوطى امتناعه من اطلاق كثير مما نطق به القرآن فمنع الناس من ان يقولوا ان الله تعالى عز وجل الف بين قلوب المؤمنين وأضل الفاسقين وهذا عناد منه لقول الله عز وجل {وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما فى الارض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم} ولقوله تعالى {ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء} وقوله {وما يضل به الا الفاسقين}. ومنع ان يقول فى القرآن انه عمى على الكافرين.
ووافقه صاحبه عباد بن سليمان العمرى فى هذه الضلالة فمنع الناس أن يقولوا ان الله تعالى خلق الكافر لأن الكافر اسم لشيئين إنسان وكفره وهو غير خالق لكفره عنده ويلزمه على هذا القياس ان لا يقول ان الله تعالى خلق المؤمن لان المؤمن اسم لشيئين انسان وايمان والله عنده غير خالق لإيمانه ويلزمه على قياس هذا الاصل ان لا يقول إن احدا قتل كافرا او ضربه لان الكافر اسم للانسان وكفره والكفر لا يكون مقتولا ولا مضروبا.
ومنع عباد من ان يقال ان الله تعالى ثالث كل اثنين ورابع كل ثلاثة وهذا عناد منه لقول الله عز وجل {ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة الا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شيئ عليم}.
وكان يمنع ان يقال ان الله عز وجل أملى الكافرين وفى هذا عناد منه لقوله عز وجل {إنما نملى لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين}. فان كان عباد قد أخذ هذه الضلالة عن استاذه هشام فالعصا من العصية ولن تلد الحية الا الحية وان انفرد بها دونه فقد قاس التلميذ ما منع من اطلافه على ما منع استاذه من اطلاق اسم الوكيل والكفيل على الله تعالى.
الفضيحة الثالثة من فضائح القوطى قوله بأن الأعراض لا يدل شىء منها على الله تعالى وكذلك قال صاحبه عباد وزعما ان فلق البحر وقلب العصا حية وانشقاق القمر ونجى السحر والمشى على الماء لا يدل شىء من ذلك على صدق الرسول فى دعواه الرسالة.
وزعم القوطى ان الدليل على الله تعالى يجب ان يكون محسوسا والاجسام محسوسة فهى الأدلة على الله تعالى وهى اعراض معلوم بدلائل نظرية فلو دلت على الله تعالى لأحتاج كل دليل منها الى دليل سواه لا الى نهاية.
فقيل له يلزمك على هذا الاستدلال أن تقول إن الاعراض لا تدل على شىء من الاشياء ولا على حكم من الاحكام لانها لو دلت على شىء او على حكم لاحتاجت فى دلالتها على مدلولها الى دلالة على صحة دلالتها عليه واحتاج كل دليل الى دليل لا الى نهاية.
فان صار الى ان الاعراض لا تدل على شىء ولا على حكم ابطال دلالة كلام الله تعالى وكلام رسوله على الحلال والحرام والوعد والوعيد.
على ان من الاعراض ما يعلم وجوده بالضرورة كالالوان والطعوم والروائح والحركة والسكون فيلزمه ان تكون هذه الاعراض المعلومة بالضرورة دلالة على الله سبحانه لانها محسوسة كما دلت الاجسام عليه لانها محسوسة فان قال ان الاعراض غير محسوسة لان نفاة الاعراض قد انكروا وجودها قيل فالنجارية والضرارية قد انكروا وجود جسم لا يكون عرضا لدعواهم ان الاجسام اعراض مجتمعة فيجب على قياس قولك ان لا تكون الاجسام معلومة بالضرورة وان لا سببحانه.
الفضيحة الرابعة من فضائح القوطى قوله بالمقطوع والموصول وذلك قوله لو أن رجلا أسبغ الوضوء وافتتح الصلاة متقربا بها الى الله سبحانه عازما على اتمامها ثم قرأ فركع فسجد مخلصا لله تعالى فى ذلك كله غير انه قطعها فى آخرها ان اول صلاته وآخرها معصية قد نهاه الله تعالى عنها وحرمها عليه وليس له سبيل قبل دخوله فيها الى العلم بانها معصية فيجتنبها.
واجتمعت الامة قبله على أن ما مضى منها كانت طاعة لله تعالى وإن لم تكن صلاة كاملة كما لو مات فيها كان الماضى منها طاعة وان لم تكن صلاة كاملة.
الفضيحة الخامسة من فضائحه إنكاره حصار عثمان وقتله بالغلبة والقهر وزعم أن شرذمة قليلة قتلوه غرة من غير حصار مشهور.
ومنكر حصار عثمان مع تواتر الاخباربه كمنكر وقعتى بدر وأحد مع تواتر الاخبار بهما وكمنكر المعجزات التى تواترت الاخبار بها.
الفضيحة السادسة من فضائحه قوله فى باب الامة ان الامة اذا اجتمعت كلمتها وتركت الظلم والفساد احتاجت الى إمام بسوسها واذا عصت وفجرت وقتلت امامها لم تعقد الامامة لاحد فى تلك الحال.
وانما أراد الطعن فى امامة على لانها عقدت له فى حال الفتنة وبعد قتل امام قبله. وهذا قريب من قول الأصم منهم إن الامامة لا تنعقد الا بإجماع عليه وإنما قصد بهذا الطعن فى امامة على رضى الله عنه لأن الامة لم تجتمع عليه لثبوت أهل الشام على خلافه الى أن مات فانكر امامة على مع قوله بامامة معاوية لاجتماع الناس عليه بعد قتل على رضي الله عنه.
وقرت عيون الرافضة المائلين الى الاعتزال بطعن شيوخ المعتزلة فى امامة على وبعد شك زعيمهم واصل فى شهادة على وأصحابه.
الفضيحة السابعة من فضائح القوطى قوله بتكفير من قال ان الجنة والنار مخلوقتان وأخلافه من المعتزلة شكوا فى وجودها اليوم ولم يقولوا بتكفير من قال انهما مخلوقان.
والمثبتون لخلقهما يكفرون من أنكرهما ويقسمون بالله تعالى ان من أنكرهما لا يدخل الجنة ولا ينجو من النار.
الفضيحة الثامنة من فضائحه انكاره افتضاض الابكار فى الجنة ومن انكر ذلك يحرم ذلك بل يحرم عليه دخول الجنة فضلا عن افتضاض الابكار فيها.
وكان الفوطى مع ضلالاته التى حكيناها عنه يرى قتل مخالفيه فى السر غيلة وان كانوا من أهل ملة الاسلام.
فماذا على أهل السنة إذا قالوا فى هذا القوطى وأتباعه إن دماءهم وأموالهم حلال للمسلمين وفيه الخمس وليس على قاتل الواحد منهم قود ولا دية ولا كفارة بل لقاتله عند الله تعالى القربة والزافى والحمد لله على ذلك

الموضوع التالي


ذكرالمردادية منهم

الموضوع السابق


ذكرالبشرية منهم