الفصل الثانى من فصول هذا الباب في ذكر البيانية من الغلاة وبيان خروجها عن فرق الاسلام
 
هؤلاء اتباع بيان بن سمعان التميمى وهم الذين زعموا ان الامامة صارت من محمد بن الحنفية الى ابنه ابى هاشم عبد الله ابن محمد ثم صارت من ابى هاشم الى بيان بن سمعان بوصيته اليه
واختلف هؤلاء في بيان زعيمهم.
فمنهم من زعم انه كان نبيا وانه نسخ بعض شريعة محمد ومنهم من زعم انه كان إلها وذكر هؤلاء ان بيانا قال لهم ان روح الإله تناسخت فى الانبياء والائمة حتى صارت الى ابى هاشم عبد الله ابن محمد بن الحنفية ثم انتقلت اليه منه يعنى نفسه فادعى لنفسه الربوبية على مذهب الحلولية وزعم ايضا انه هو المذكور فى القرآن فى قوله : هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين ، وقال انا البيان وانا الهدى والموعظة.
وكان يزعم أنه يعرف الاسم الاعظم وانه يهزم به العساكر وانه يدعو به الزهرة فتجيبه.
ثم انه زعم ان الاله الازلى رجل من نور وانه يفنى كله غير وجهه وتأول على زعم قوله : كل شىء هالك الا وجهه ، وقوله : كل من عليها فان ويبقى وجه ربك.
ورفع خبر بيان هذا الى خالد بن عبد الله القشري فى زمان ولايته فى العراق فاحتال على بيان حتى ظفر به وصلبه وقال له ان كنت تهزم الجيوش بالاسم الذى تعرفه فاهزم به اعوانى عنك.
وهذه الفرقة خارجة عن جميع فرق الاسلام لدعواها الاهية زعيمها بيان كما خرج عابدو الاصنام عن فرق الاسلام ومن زعم منهم ان بيانا كان نبيا فهو كمن زعم ان مسيلمة كان نبيا وكلا الفريقين خارجان عن فرق الاسلام ويقال للبيانية اذا جاز فناء بعض الاله فما المانع من فناء وجهه فاما قوله : كل شىء هالك الا وجهه ، فمعناه راجع الى بطلان كل عمل لم يقصد به وجه الله عز وجل وقوله : ويبقى ، معناه ويبقى ربك لانه قال بعده : ذو الجلال والاكرام ، بالرفع على البدل من الوجه ولو كان الوجه مضافا الى الرب لقال ذى الجلال بخفض ذى لان نعت المخفوض يكون مخفوضا وهذا واضح فى نفسه والحمد لله