الفصل الثالث فى ذكر المغيرية من الغلاة وبيان خروجها عن جملة فرق الاسلام
 
هؤلاء اتباع المغيرة بن سعيد العجلى وكان يظهر في بدء امره مولاة الامامية ويزعم ان الامامة بعد على والحسن والحسين الى سبطه محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسين بن الحسن بن على وزعم انه هو المهدى المنتظر واستدل على ذلك بالخبر الذى ذكر ان اسم المهدى يوافق اسم النبى واسم ابيه يوافق اسم ابن النبى عليه السلام وقتله الرافضة على دعوته اياهم الى انتظار محمد بن عبد الله بن الحسين بن الحسن ابن على.
ثم انه أظهر لهم بعد رياسته عليهم انواعا من الكفر الصريح.
منها دعواه النبوة ودعواه علمه بالاسم الاعظم وزعم انه يحيى به الموتى ويهزم به الجيوش.
ومنها افراطه فى التشبيه وذلك انه زعم ان معبوده رجل من نور على رأسه تاج من نور وله اعضاء وقلب ينبع منه الحكمة.
وزعم ايضا ان اعضاءه على صور حروف الهجاء وان الالف منها مثال قدميه والعين على صورة عينه وشبه الهاء بالفرج.
ومنها انه تكلم في بدء الخلق فزعم ان الله تعالى لما اراد ان يخلق العالم تكلم باسمه الاعظم فطار ذلك الاسم ووقع تاجا على رأسه وتأول على ذلك قوله : سبح اسم ربك الاعلى ، وزعم ان الاسم الاعلى انما هو ذلك التاج ثم انه بعد وقوع التاج على رأسه كتب باصبعه على كفه اعمال عباده ثم نظر فيها فغضب من معاصيهم فعرق فاجتمع من عرقه بحران احدهما مظلم مالح والآخر عذب نير ثم اطلع في البحر فابصر ظله فذهب ليأخذه فطار فانتزع عينى ظله فخلق منهما الشمس والقمر وافنى باقى ظله وقال لا ينبغى ان يكون معى إله غيرى ثم خلق الخلق من البحرين فخلق الشيعة من البحر العذب النير فهم المؤمنون وخلق الكفرة وهم اعداء الشيعة من البحر المظلم المالح.
وزعم ايضا ان الله تعالى خلق الناس قبل اجسادهم فكان اول ما خلق فيها ظل محمد قال فذلك قوله: قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين ، قال ثم ارسل ظل محمد الى أظلال الناس ثم عرض على السماوات والجبال ان يمنعن على بن ابى طالب من ظالميه فأبين ذلك فعرض ذلك على الناس فامر عمر ابا بكر ان يتحمل نصره على ومنعه من اعدائه وان يغدر به فى الدنيا وضمن له ان يعينه على القدرية على شرط ان يجعل له الخلافة بعده ففعل ابو بكر ذلك قال فذلك تأويل قوله: إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها واشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا .فزعم ان الظلوم الجهول ابو بكر وتأول فى عمر قول الله تعالى : كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إنى برىء منك ، والشيطان عنده عمر.
وكان المغيرة مع ضلالاته التى حكيناها عنه يأمر أصحابه بانتظار محمد بن عبد الله بن الحسين بن الحسن بن على وسمع خالد بن عبد الله القشرى يخبره وضلالاته فطلبه.
[فلما قتل المغيرة بقى اتباعه على انتظار محمد بن عبد الله بن الحسين بن الحسن فلما اظهر محمد هذا دعوته بالمدينة بعث اليها ابو جعفر المنصور بصاحب جيشه عيسى بن موسى مع جيش كثيف فقتلوا محمدا بعد غلبته على مكة والمدينة وكان اخوه ابراهيم بن عبد الله قد غلب على ارض المغرب فاما محمد بن عبد الله بن الحسن فقتل بالمدينة فى الحرب واما ابراهيم بن عبد الله يسير الرحال واتباعه من المعتزلة وضمنوا له النصرة على جند المنصور فلما التقى الجمعان بناحمرى وهي على ستة عشر فرسخا من الكوفة قتل ابراهيم وانهزمت المعتزلة عنه ولحقه شؤمهم وتولى قتالهم من اصحاب المنصور عيسى بن موسى وسلم ابن قتيبة واما أخوه الرئيس فانه مات بارض المغرب وقيل انه سم وذكر بعض اصحاب التواريخ ان سليمان بن جرير الزيدي سمه ثم هرب الى العراق فلما قتل محمد ابن عبد الله بن الحسين بن الحسن اختلف المغيرية فى المغيرة فهربت منه فرقة منهم ولعنوه وقالوا انه كذب فى دعواه ان محمد بن عبد الله بن الحسن هو المهدى الذى يملك الارض لانه قتل ولم يملك الارض ولا عشرها وفرقة ثبتت على موالاة المغيرة وقالت ان صدق فى ان محمد بن عبد الله بن الحسن هو المهدى المنتظر وانه لم يقتل بل هو فى جبل من جبال حاجز مقيم الى ان يؤمر بالخروج فاذا خرج عقدت له البيعة بمكة بين الركن والمقام ويحيى له سبعة عشر رجلا يعطى كل رجل منهم حرفا واحدا من حروف الاسم الاعظم فيهزمون الجيوش ويملكون الارض وزعم هؤلاء ان الذى قتله جند] المنصور بالمدينة انما كان شيطانا تمثل للناس بصورة محمد بن عبد الله بن الحسين بن الحسن وهؤلاء يقال لهم المحمدية من الرافضة لانتظارهم محمد ابن عبد الله بن الحسن بن الحسن.
وكان جابر الجعفي على هذا المذهب وادعى وصية المغيرة بن سعيد اليه بذلك فلما مات جابر ادعى بكر الاعور الهجرى القتات وصية جابر اليه وزعم انه لا يموت واكل بذلك اموال المغيرية على وجه السخرية منهم فلما مات بكر علموا انه كان كاذبا في دعواه فلعنوه.
قال عبد القاهر كيف يعد في فرق الاسلام قوم شبهوا معبودهم بحروف الهجاء وادعوا نبوة زعيمهم لو كان هؤلاء من الامة لصح قول من يزعم ان القائلين بنبوة مسيلمة وطلحة كانوا من الامة.
ويقال للمغيرية ان انكرتم قتل محمد بن عبد الله بن الحسين بن الحسن بن على وزعمتم ان المقتول كان شيطانا تصور فى صورته فبم تنفصلون ممن يزعم ان الحسين بن على واصحابه لم يقتلوا بكر بلاء بل غابوا وقتل شياطين تصوروا بصورتهم فانتظروا حسينا فانه اعلى رتبة من ابن اخيه محمد بن عبد الله بن الحسين بن الحسن وانتظروا عليا ولا تصدقوا بقتله كما انتظرته السبابية فان عليا اجل من بنيه وهذا مالا انفصال لهم عنه