و أما الركن الثالث و هو الكلام في صانع العالم و صفاته الذاتية
 
وقالوا في الركن الثالث وهو الكلام فى صانع العالم وصفاته الذاتية التى استحقها لذاته ان الحوادث كلها لا بد لها من محدث صانع واكفروا ثمامة واتباعه من القدرية في قولهم ان الافعال المتولدة لا فاعل لها.
وقالوا ان صانع العالم خالق الاجسام والاعراض واكفروا معمرا واتباعه من القدرية في قولهم ان الله تعالى لم يخلق شيئا من الاعراض وانما خلق الاجسام وان الاجسام هى الخالقة للاعراض في انفسها.
وقالوا ان الحوادث قبل حدوثها لم تكن أشياء ولا اعيانا ولا جواهر ولا اعراضا خلاف قول القدرية في دعواها ان المعدومات في حال عدمها اشياء وقد زعم البصريون منهم ان الجواهر والاعراض كانت قبل حدوثها جواهر واعراضا وقول هؤلاء يؤدى الى القول بقدم العالم والقول الذى يؤدى الى الكفر كفر في نفسه.
وقالوا ان صانع العالم قديم لم يزل موجودا خلاف قول المجوس في قولهم بصانعين احدهما شيطان محدث وخلاف قول الغلاة من الروافض الذين قالوا في على جوهر مخلوق محدث بانه صار الها صانعا بحلول روح الإله فيه تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا.
وقالوا بنفى النهاية والحد عن صانع العالم خلاف قول هشام بن الحكم الرافضى في دعواه ان معبوده سبعة اشبار بشبر نفسه وخلاف قول من زعم من الكرامية انه ذو نهاية من الجهة التى تلاقى منها العرش ولا نهاية له من خمس جهات سواها.
واجمعوا على احالة وصفه بالصورة والاعضاء خلاف قول من زعم من غلاة الروافض ومن اتباع داوود الحوالى انه على صورة الانسان وقد زعم هشام بن سالم الجواليقى واتباعه من الرافضة ان معبودهم على صورة الانسان وعلى راسه وفرة سوداء وهو نور اسود وان نصفه الاعلى مجوف ونصفه الاسفل مصمت وخلاف قول المغيرية من الرافضة في دعواهم أن اعضاء معبودهم على صورة حروف الهجاء تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
واجمعوا على انه لا يحويه مكان ولا يجرى عليه زمان خلاف قول من زعم من الشهامية والكرامية انه مماس لعرشه وقد قال امير المؤمنين على رضي الله عنه ان الله تعالى خلق العرش اظهارا لقدرته لا مكانا لذاته وقال ايضا قد كان ولا مكان وهو الآن على ما كان.
واجمعوا على نفى الآفات والغموم والآلام واللذات عنه وعلى نفى الحركة والسكون عنه خلاف قول الهشامية من الرافضة في قولها بجواز الحركة عليه وفي دعواهم ان مكانه حدوث من حركته وخلاف قول من اجاز عليه التعب والراحة والغم والسرور والملالة كما حكى عن ابى شعيب الناسك تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
واجمعوا على ان الله تعالى غنى عن خلقه لا يجتلب بخلقه الى نفسه نفعا ولا يدفع بهم عن نفسه ضررا وهذا خلاف قول المجوس في دعواهم ان الله انما خلق الملائكة ليدفع بهم عن نفسه أذى الشيطان وأذى اعوانه.
واجمعوا على ان صانع العالم واحد خلاف قول الثنوية بصانعين قديمين أحدهما نور والآخر ظلمة وخلاف قول المجوس بصانعين احدهما اله قديم اسمه عندهم بزدان والآخر شيطان رجيم اسمه أهرمن وخلاف قول المفوضة من غلاة الروافض فى ان الله تعالى فوض تدبير العالم الى على فهو الخالق الثانى وخلاف قول الحايطية من القدرية اتباع احمد بن حايط فى قولهم إن الله تعالى فوض تدبير العالم على عيسى بن مريم وانه هو الخالق الثانى وقد استقصينا وجوه دلائل الموحدين على توحيد الصانع فى كتاب الملل والنحل.