النوع السابع والأربعون‏:‏ معرفة من لم يرو عنه إلا راو واحد
 
النوع السابع والأربعون‏:‏ معرفة من لم يرو عنه إلا راو واحد
من الصحابة والتابعين فمن بعدهم، رضي الله عنهم
ولمسلم فيه كتاب لم أره‏.‏
ومثاله من الصحابة وهب بن خَنبًش - وهو في كتابي الحاكم وأبي نعيم الأصبهاني في ‏(‏معرفة علوم الحديث‏)‏ هَرِم بن خنبش، وهو رواية داود الأودي عن الشعبي، وذلك خطأ - صحابي لم يرو عنه غير الشعبي‏.‏
‏(‏191‏)‏ وكذلك عامر بن شهر، وعروة بن مضرس، ومحمد بن صفوان الأنصاري، ومحمد بن صيفي الأنصاري - وليسا بواحد، وإن قاله بعضهم - صحابيون، لم يرو عنهم غير الشعبي‏.‏
وانفرد قيس بن أبي حازم بالرواية عن أبيه، وعن دكين بن سعيد المزني، والصُّنابح بن الأعسر، ومرداس بن مالك الأسلمي، وكلهم صحابة‏.‏
وقدامة بن عبد الله الكلابي منهم، لم يروِ عنه غير أيمن بن نابل‏.‏
وفي الصحابة جماعة لم يرو عنهم غير أبنائهم‏.‏
منهم‏:‏ شكل بن حميد، لم يرو عنه غير ابنه شُتَير‏.‏
ومنهم‏:‏ المسيب بن حَزْن القرشي، لم يرو عنه غير ابنه سعيد بن المسيب‏.‏
ومعاوية بن حيدة، لم يرو عنه غير ابنه حكيم والد بهز‏.‏
وقرة بن أياس، لم يرو عنه غير ابنه معاوية‏.‏
وأبو ليلى الأنصاري، لم يرو عنه غير ابنه عبد الرحمن بن أبي ليلى‏.‏
ثم إن الحاكم أبا عبد الله حكم في ‏(‏المدخل إلى كتاب الإكليل‏)‏ بأن أحداً من هذا القبيل لم يخرج عنه ‏(‏البخاري‏)‏ و‏(‏مسلم‏)‏ في صحيحيهما‏.‏
وأنكر ذلك عليه، ونقض عليه‏:‏
بإخراج ‏(‏البخاري‏)‏ في صحيحه‏:‏ حديث قيس بن أبي حازم عن مرداس الأسلمي‏:‏ ‏(‏‏(‏يذهب الصالحون الأول فالأول‏.‏‏.‏‏)‏‏)‏ ولا راوي له غير قيس‏.‏
وبإخراجه - بل بإخراجهما - حديث المسيب بن حزن في وفاة أبي طالب، مع أنه لا راوي له غير ابنه‏.‏
‏(‏192‏)‏ وبإخراجه حديث الحسن البصري، عن عمرو بن تغلب‏:‏ ‏(‏‏(‏إني لأعطي الرجل، والذي أدَع أحب إليَّ‏)‏‏)‏ولم يرو عن عمرو غير الحسن‏.‏
وكذلك أخرج ‏(‏مسلم‏)‏ في صحيحه حديث رافع بن عمرو الغفاري، ولم يرو عنه غير عبد الله بن الصامت‏.‏
وحديث أبي رفاعة العدوي، ولم يرو عنه غير حميد بن هلال العدوي‏.‏
وحديث الأغر المزني‏:‏ ‏(‏‏(‏إنه ليُغان على قلبي‏.‏‏.‏‏.‏‏)‏‏)‏ ولم يرو عنه غير أبي بردة‏.‏
في أشياء كثيرة عندهما في كتابيهما على هذا النحو، وذلك دال على مصيرهما إلى أن الراوي قد يخرج عن كونه مجهولاً مردوداً برواية واحد عنه‏.‏
وقد قدمت هذا في النوع الثالث والعشرين، ثم بلغني عن أبي عمر بن عبد البر الأندلسي وجادة قال‏:‏ كل من لم يرو عنه إلا رجل واحد فهو عندهم مجهول، إلا أن يكون رجلاً مشهوراً في غير حمل العلم، كاشتهار مالك بن دينار بالزهد، وعمرو بن معدي كرب بالنجدة‏.‏
‏(‏193‏)‏ واعلم‏:‏ أنه قد يوجد في بعض من ذكرنا تفرد راو واحد عنه خلافُُ في تفرده، ومن ذلك‏:‏ قدامة بن عبد الله، ذكر ابن عبد البر أنه روى عنه أيضاً حميد بن كلاب، والله أعلم‏.‏
ومثال هذا النوع في التابعين‏:‏ ‏(‏أبو العُشَراء الدارمي‏)‏، لم يرو عنه فيما يعلم غير حماد بن سلمة‏.‏
ومثل ‏(‏الحاكم‏)‏ لهذا النوع في التابعين بمحمد بن أبي سفيان الثقفي، وذكر أنه لم يرو عنه غير الزهري فيما يعلم، قال‏:‏ وكذلك تفرد الزهري عن نيف وعشرين رجلاً من التابعين، لم يرو عنهم غيره‏.‏ وكذلك عمرو بن دينار، تفرد عن جماعة من التابعين، وكذلك يحيى بن سعيد الأنصاري، وأبو إسحاق السبيعي وهشام بن عروة وغيرهم‏.‏ وسمى الحاكم منهم في بعض المواضع‏.‏
فيمن تفرد عنهم‏:‏ عمرو بن دينار‏:‏ عبد الرحمن بن معبد، وعبد الرحمن بن فروخ، وفيمن تفرد عنهم الزهري‏:‏ عمرو بن أبان بن عثمان، وسنان بن أبي سنان الدؤلي‏.‏ وفيمن تفرد عنهم يحيى عبد الله بن أنيس الأنصاري‏.‏
ومثل في أتباع التابعين بالمِسوَر بن رفاعة القرظي، وذكر أنه لم يرو عنه غير مالك‏.‏ وكذلك تفرد مالك عن زهاء عشرة من شيوخ المدينة‏.‏
قلت‏:‏ وأخشى أن يكون ‏(‏الحاكم‏)‏ في تنزيله بعض من ذكره بالمنزلة التي جعله فيها معتمداً على الحسبان والتوهم، والله أعلم‏.‏