حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ": "يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ خَيْرَ مَالِ الْمُسْلِمِ غَنَمٌ يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الْجِبَالِ، وَمَوَاقِعَ الْقَطْرِ، يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنْ الْفِتَنِ.
 
[الحديث 19- أطرافه في: 7088,6495,3600,3300]
قوله: "باب من الدين الفرار من الفتن" عدل المصنف عن الترجمة بالإيمان - مع كونه ترجم لأبواب الإيمان - مراعاة للفظ الحديث، ولما كان الإيمان والإسلام مترادفين في عرف الشرع وقال الله تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْأِسْلامُ} " صح إطلاق الدين في موضع الإيمان.قوله: "حدثنا عبد الله بن مسلمة" هو القعنبي أحد رواة الموطأ، نسب إلى جده قعنب، وهو بصري أقام بالمدينة مدة.قوله: "عن أبيه" هو عبد الله بن عبد الرحمن بن الحارث بن أبي صعصعة، فسقط الحارث من الرواية، واسم أبي صعصعة عمرو بن زيد بن عوف الأنصاري ثم المازني، هلك في الجاهلية، وشهد ابنه الحارث أحدا، واستشهد باليمامة.قوله: "عن أبي سعيد" اسمه سعد على الصحيح - وقيل سنان - ابن مالك بن سنان، استشهد أبوه بأحد، وكان هو من المكثرين.وهذا الإسناد كله مدنيون، وهو من أفراد البخاري عن مسلم.نعم أخرج مسلم في الجهاد - وهو عند المصنف أيضا من وجه آخر - عن أبي سعيد حديث الأعرابي الذي سأل: أي الناس خير؟قال: مؤمن مجاهد في سبيل الله بنفسه وماله.قال: ثم من؟قال: مؤمن في شعب من الشعاب يتقي الله ويدع الناس من شره.وليس فيه ذكر الفتن.وهي زيادة من حافظ فيقيد بها المطلق.ولها شاهد من حديث أبي هريرة عند الحاكم، ومن حديث أم مالك البهزية عند الترمذي، ويؤيده ما ورد من النهي عن سكنى البوادي والسياحة والعزلة، وسيأتي مزيد لذلك في كتاب الفتن.قوله: "يوشك" بكسر الشين المعجمة أي: يقرب.قوله: "خير" بالنصب على الخبر، وغنم الاسم، وللأصيلي برفع خير ونصب غنما على الخبرية، ويجوز رفعهما على الابتداء والخبر ويقدر في يكون ضمير الشأن قاله ابن مالك، لكن لم تجيء به الرواية.قوله: "يتبع" تشديد التاء ويجوز إسكانها." وشعف " بفتح المعجمة والعين المهملة جمع شعفة كأكم وأكمة، وهي رؤوس الجبال.قوله: "ومواقع القطر" بالنصب عطفا على شعف، أي بطون الأودية، وخصهما بالذكر لأنهما مظان المرعى.قوله: "يفر بدينه" أي: بسبب دينه.و " من " ابتدائية، قال الشيخ النووي: في الاستدلال بهذا الحديث للترجمة نظر، لأنه لا يلزم من لفظ الحديث عد الفرار دينا، وإنما هو صيانة للدين.قال: فلعله لما رآه صيانة للدين أطلق عليه اسم الدين.وقال غيره: إن أريد بمن كونها جنسية أو تبعيضية فالنظر متجه، وإن أريد كونها ابتدائية
(1/69)


أي الفرار من الفتنة منشؤه الدين فلا يتجه النظر.وهذا الحديث قد ساقه المصنف أيضا في كتاب الفتن، وهو أليق المواضع به، والكلام عليه يستوفى هناك إن شاء الله تعالى.
(1/70)



...

الموضوع التالي


باب قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "أَنَا أَعْلَمُكُمْ بِاللَّهِوَأَنَّ الْمَعْرِفَةَ فِعْلُ الْقَلْبِ، لِقَوْلِ اللَّهِ تعالى: { وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} 0 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَمَرَهُمْ أَمَرَهُمْ مِنْ الأَعْمَالِ بِمَا يُطِيقُونَ.قَالُوا: إِنَّا لَسْنَا كَهَيْئَتِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ. فَيَغْضَبُ حَتَّى يُعْرَفَ الْغَضَبُ فِي وَجْهِهِ، ثُمَّ يَقُولُ: "إِنَّ أَتْقَاكُمْ وَأَعْلَمَكُمْ بِاللَّهِ أَنَا.

الموضوع السابق


حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ": " بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُ النَّاسَ يُعْرَضُونَ عَلَيَّ وَعَلَيْهِمْ قُمُصٌ، مِنْهَا مَا يَبْلُغُ الثُّدِيَّ، وَمِنْهَا مَا دُونَ ذَلِكَ. وَعُرِضَ عَلَيَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ يَجُرُّهُ" . قَالُوا: فَمَا أَوَّلْتَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟قَالَ: "الدِّينَ.