وَقَالَ عَفَّانُ حَدَّثَنَا صَخْرُ بْنُ جُوَيْرِيَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "أَرَانِي أَتَسَوَّكُ بِسِوَاكٍ فَجَاءَنِي رَجُلاَنِ أَحَدُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ الْآخَرِ فَنَاوَلْتُ السِّوَاكَ الأَصْغَرَ مِنْهُمَا فَقِيلَ لِي كَبِّرْ فَدَفَعْتُهُ إِلَى الأَكْبَرِ مِنْهُمَا" قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ اخْتَصَرَهُ نُعَيْمٌ عَنْ ابْن الْمُبَارَكِ عَنْ أُسَامَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ
 

قوله: "باب دفع السواك إلى الأكبر" وقال عفان قال الإسماعيلي: أخرجه البخاري بلا رواية. قلت: وقد وصله أبو عوانة في صحيحه عن محمد بن إسحاق الصغاني وغيره عن عفان، وكذا أخرجه أبو نعيم والبيهقي من طريقه.
(1/356)


قوله: "أراني" بفتح الهمزة من الرؤية، ووهم من ضمها. وفي رواية المستملي: "رآني " بتقديم الراء والأول أشهر، ولمسلم من طريق علي بن نصر الجهضمي عن صخر " أراني في المنام " وللإسماعيلي: "رأيت في المنام " فعلى هذا فهو من الرؤيا. قوله: "فقيل لي" قائل ذلك له جبريل عليه السلام كما سيذكر من رواية ابن المبارك. قوله: "كبر" أي قدم الأكبر في السن. قوله: "قال أبو عبد الله" أي البخاري "اختصره" أي المتن "نعيم" هو ابن حماد، وأسامة هو ابن زيد الليثي المدني، ورواية نعيم هذه وصلها الطبراني في الأوسط عن بكر بن سهل عنه بلفظ: "أمرني جبريل أن أكبر " ورويناها في الغيلانيات من رواية أبي بكر الشافعي عن عمر بن موسى عن نعيم بلفظ: "أن أقدم الأكابر " وقد رواه جماعة من أصحاب ابن المبارك عنه بغير اختصار أخرجه أحمد والإسماعيلي والبيهقي عنهم بلفظ: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستن، فأعطاه أكبر القوم، ثم قال: إن جبريل أمرني أن أكبر"، وهذا يقتضي أن تكون القضية وقعت في اليقظة. ويجمع بينه وبين رواية صخر أن ذلك لما وقع في اليقظة أخبرهم صلى الله عليه وسلم بما رآه في النوم تنبيها على أن أمره بذلك بوحي متقدم، فحفظ بعض الرواة ما لم يحفظ بعض. ويشهد لرواية ابن المبارك ما رواه أبو داود بإسناد حسن عن عائشة قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستن وعنده رجلان، فأوحى إليه أن أعط السواك الأكبر " قال ابن بطال: فيه تقديم ذي السن في السواك، ويلتحق به الطعام والشراب والمشي والكلام. وقال المهلب: هذا ما لم يترتب القوم في الجلوس، فإذا ترتبوا فالسنة حينئذ تقدم الأيمن، وهو صحيح، وسيأتي الحديث فيه في الأشربة، وفيه أن استعمال سواك الغير ليس بمكروه، إلا أن المستحب أن يغسله ثم يستعمله، وفيه حديث عن عائشة في سنن أبي داود قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيني السواك لأغسله فأبدأ به فأستاك ثم أغسله ثم أدفعه إليه " وهذا دال على عظيم أدبها وكبير فطنتها، لأنها لم تغسله ابتداء حتى لا يفوتها الاستشفاء بريقه صلى الله عليه وسلم، ثم غسلته تأدبا وامتثالا. ويحتمل أن يكون المراد بأمرها بغسله تطييبه وتليينه بالماء قبل أن يستعمله، والله أعلم.
(1/357)


الموضوع التالي


حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلاَةِ ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الأَيْمَنِ ثُمَّ قُلْ اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ لاَ مَلْجَأَ وَلاَ مَنْجَا مِنْكَ إِلاَّ إِلَيْكَ اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ فَإِنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ فَأَنْتَ عَلَى الْفِطْرَةِ وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَتَكَلَّمُ بِهِ قَالَ فَرَدَّدْتُهَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا بَلَغْتُ اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ قُلْتُ وَرَسُولِكَ قَالَ "لاَ وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ"