حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلاَةِ ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الأَيْمَنِ ثُمَّ قُلْ اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ لاَ مَلْجَأَ وَلاَ مَنْجَا مِنْكَ إِلاَّ إِلَيْكَ اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ فَإِنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ فَأَنْتَ عَلَى الْفِطْرَةِ وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَتَكَلَّمُ بِهِ قَالَ فَرَدَّدْتُهَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا بَلَغْتُ اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ قُلْتُ وَرَسُولِكَ قَالَ "لاَ وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ"
 

[الحديث247- أطرافه في:7488,6315,6313,6311]
قوله: "باب فضل من بات على الوضوء" ولغير أبي ذر على وضوء(1). قوله: "أخبرنا عبد الله" هو ابن
ـــــــ
(1)في شرح القسطلاني"باب من بات على الوضوء" بالألف واللام ولأبي ذر وأبي الوقت والأصيلي "وضوء" بالتنكير
(1/357)


المبارك، وسفيان هو الثوري، ومنصور هو ابن المعتمر. أن يكون مخصوصا بمن كان محدثا. ووجه مناسبته للترجمة من قوله: "فإن مت من ليلتك فأنت على الفطرة " والمراد بالفطرة السنة. وقد روى هذا الحديث الشيخان وغيرهما من طرق عن البراء، وليس فيها ذكر الوضوء إلا في هذه الرواية، وكذا قال الترمذي. وقد ورد في الباب حديث عن معاذ بن جبل أخرجه أبو داود، وحديث عن على أخرجه البزار، وليس واحد منهما على شرط البخاري، وسيأتي الكلام على فوائد هذا المتن في كتاب الدعوات إن شاء الله تعالى. قوله: "واجعلهن آخر ما تقول" في رواية الكشميهني: "من آخر " وهي تبين أنه لا يمتنع أن يقول بعدهن شيئا مما شرع من الذكر عند النوم. قوله: "قال لا ونبيك الذي أرسلت" قال الخطابي: فيه حجة لمن منع رواية الحديث على المعنى، قال: ويحتمل أن يكون أشار بقوله: "ونبيك " إلى أنه كان نبيا قبل أن يكون رسولا، أو لأنه ليس في قوله: "ورسولك الذي أرسلت " وصف زائد بخلاف قوله: "ونبيك الذي أرسلت " وقال غيره ليس فيه حجة على منع ذلك، لأن لفظ الرسول ليس بمعنى لفظ النبي، ولا خلاف في المنع إذا اختلف المعنى، فكأنه أراد أن يجمع الوصفين صريحا وإن كان وصف الرسالة يستلزم وصف النبوة، أو لأن ألفاظ الأذكار توقيفية في تعيين اللفظ وتقدير الثواب، فربما كان في اللفظ سر ليس في الآخر ولو كان يرادفه في الظاهر، أو لعله أوحى إليه بهذا اللفظ فرأى أن يقف عنده، أو ذكره احترازا ممن أرسل من غير نبوه كجبريل وغيره من الملائكة لأنهم رسل لا أنبياء، فلعله أراد تخليص الكلام من اللبس، أو لأن لفظ النبي أمدح من لفظ الرسول لأنه مشترك في الإطلاق على كل من أرسل بخلاف لفظ النبي فإنه لا اشتراك فيه عرفا، وعلى هذا فقول من قال كل رسول نبي من غير عكس لا يصح إطلاقه. وأما من استدل به على أنه لا يجوز إبدال لفظ قال نبي الله مثلا في الرواية بلفظ قال رسول الله وكذا عكسه ولو أجزنا الرواية بالمعنى فلا حجة فيه، وكذا لا حجة فيه لمن أجاز الأول دون الثاني لكون الأول أخص من الثاني، لأنا نقول: الذات المخبر عنها في الرواية واحدة فبأي وصف وصفت به تلك الذات من أوصافها اللائقة بها علم القصد بالمخبر عنه ولو تباينت معاني الصفات، كما لو أبدل اسما بكنية أو كنية باسم، فلا فرق بين أن يقول الراوي مثلا عن أبي عبد الله البخاري أو عن محمد بن إسماعيل البخاري، وهذا بخلاف ما في حديث الباب فإنه يحتمل ما تقدم من الأوجه التي بيناها من إرادة التوقيف وغيره والله أعلم. "تنبيه": النكتة في ختم البخاري كتاب الوضوء بهذا الحديث من جهة أنه آخر وضوء أمر به المكلف في اليقظة، ولقوله في نفس الحديث: "واجعلهن آخر ما تقول " فأشعر ذلك بختم الكتاب والله الهادي للصواب. "خاتمة": اشتمل كتاب الوضوء وما معه من أحكام المياه والاستطابة من الأحاديث المرفوعة على مائة وأربعة وخمسين حديثا، الموصول منها مائة وستة عشر حديثا، والمذكور منها بلفظ المتابعة وصيغة التعليق ثمانية وثلاثون حديثا، فالمكرر منها فيه وفيما مضى ثلاثة وسبعون حديثا، والخالص منها أحد وثمانون حديثا، ثلاثة منها معلقة والبقية موصولة وافقه مسلم على تخريجها سوى تسعة عشر حديثا وهي الثلاثة المعلقة وحديث ابن عباس في صفة الوضوء وحديثه توضأ مرة مرة وحديث أبي هريرة ابغني أحجارا وحديث ابن مسعود في الحجرين والروثة
ـــــــ
(1) الرواية التى شرح عليها القسطلاني "واجعلهن آخر ما تتكلم به"
(1/358)


وحديث عبد الله بن زيد في الوضوء مرتين مرتين وحديث أنس في ادخار شعر النبي صلى الله عليه وسلم وحديث أبي هريرة في الرجل الذي سقى الكلب وحديث السائب بن يزيد في خاتم النبوة وحديث سعد وعمر في المسح على الخفين وحديث عمرو بن أمية فيه وحديث سويد بن النعمان في المضمضة من السويق وحديث أنس إذا نعس في الصلاة فليتم وحديث أبي هريرة في قصة الذي بال في المسجد وحديث ميمونة في فأرة سقطت في سمن وحديث أنس في البزاق في الثوب وفيه من الآثار الموقوفة على الصحابة والتابعين ثمانية وأربعون أثرا الموصول منها ثلاثة والبقية معلقة. والله أعلم.
(1/359)


كتاب الغسل
مدخل
...
وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمْ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [المائدة6] وَقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْرَبُوا الصَّلاَةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمْ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا} [النساء43]
قوله: "بسم الله الرحمن الرحيم - كتاب الغسل" كذا في روايتنا بتقديم البسملة. وللأكثر بالعكس، وقد تقدم توجيهه ذلك، وحذفت البسملة من رواية الأصيلي وعنده " باب الغسل " وهو يضم الغين اسم للاغتسال، وقيل إذا أريد به الماء فهو مضموم، وأما المصدر فيجوز فيه الضم والفتح حكاه ابن سيده وغيره، وقيل المصدر بالفتح والاغتسال بالضم، وقيل الغسل بالفتح فعل المغتسل وبالضم الماء الذي يغتسل به وبالكسر ما يجعل مع الماء كالأشنان. وحقيقة الغسل جريان الماء على الأعضاء. واختلف في وجوب الدلك فلم يوجبه الأكثر، ونقل عن مالك والمزني وجوبه، واحتج ابن بطال بالإجماع على وجوب إمرار اليد على أعضاء الوضوء عند غسلها قال: فيجب ذلك في الغسل قياسا لعدم الفرق بينهما. وتعقب بأن جميع من لم يوجب الدلك أجازوا غمس اليد في الماء للمتوضئ من غير إمرار فبطل الإجماع وانتفت الملازمة. قوله: "وقول الله تعالى :{وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا} قال الكرماني: غرضه بيان أن وجوب الغسل على الجنب مستفاد من القرآن. قلت: وقدم الآية التي من سورة المائدة على الآية التي من سورة النساء لدقيقة، وهي أن لفظ التي في المائدة {فَاطَّهَّرُوا} ففيها إجمال، ولفظ التي في النساء {حَتَّى تَغْتَسِلُوا} ففيها تصريح بالاغتسال وبيان للتطهير المذكور، ودل على أن المراد بقوله تعالى {فَاطَّهَّرُوا} فاغتسلوا قوله تعالى في الحائض {وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} أي اغتسلن اتفاقا،
(1/359)


ودلت آية النساء على أن استباحة الجنب الصلاة - وكذا اللبث في المسجد - يتوقف على الاغتسال، وحقيقة الاغتسال غسل جميع الأعضاء مع تمييز ما للعبادة عما للعادة بالنية.
(1/360)


الموضوع التالي


حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا اغْتَسَلَ مِنْ الْجَنَابَةِ بَدَأَ فَغَسَلَ يَدَيْهِ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلاَةِ ثُمَّ يُدْخِلُ أَصَابِعَهُ فِي الْمَاءِ فَيُخَلِّلُ بِهَا أُصُولَ شَعَرِهِ ثُمَّ يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ ثَلاَثَ غُرَفٍ بِيَدَيْهِ ثُمَّ يُفِيضُ الْمَاءَ عَلَى جِلْدِهِ كُلِّهِ".

الموضوع السابق


وَقَالَ عَفَّانُ حَدَّثَنَا صَخْرُ بْنُ جُوَيْرِيَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "أَرَانِي أَتَسَوَّكُ بِسِوَاكٍ فَجَاءَنِي رَجُلاَنِ أَحَدُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ الْآخَرِ فَنَاوَلْتُ السِّوَاكَ الأَصْغَرَ مِنْهُمَا فَقِيلَ لِي كَبِّرْ فَدَفَعْتُهُ إِلَى الأَكْبَرِ مِنْهُمَا" قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ اخْتَصَرَهُ نُعَيْمٌ عَنْ ابْن الْمُبَارَكِ عَنْ أُسَامَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ