باب إِذَا حَاضَتْ فِي شَهْرٍ ثَلاَثَ حِيَضٍ وَمَا يُصَدَّقُ النِّسَاءُ فِي الْحَيْضِ وَالْحَمْلِ فِيمَا يُمْكِنُ مِنْ الْحَيْضِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} وَيُذْكَرُ عَنْ عَلِيٍّ وَشُرَيْحٍ "إِنْ امْرَأَةٌ جَاءَتْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ بِطَانَةِ أَهْلِهَا مِمَّنْ يُرْضَى دِينُهُ أَنَّهَا حَاضَتْ ثَلاَثًا فِي شَهْرٍ صُدِّقَتْ" وَقَالَ عَطَاءٌ "أَقْرَاؤُهَا مَا كَانَتْ" وَبِهِ قَالَ إِبْرَاهِيمُ وَقَالَ عَطَاءٌ: "الْحَيْضُ يَوْمٌ إِلَى خَمْسَ عَشْرَةَ" وَقَالَ مُعْتَمِرٌ عَنْ أَبِيهِ "سَأَلْتُ ابْنَ سِيرِينَ عَنْ الْمَرْأَةِ تَرَى الدَّمَ بَعْدَ قُرْئِهَا بِخَمْسَةِ أَيَّامٍ قَالَ النِّسَاءُ أَعْلَمُ بِذَلِكَ"
 

قوله: "باب إذا حاضت في شهر ثلاث حيض" بفتح الياء جمع حيضة. قوله: "وما يصدق" بضم أوله وتشديد الدال المفتوحة. قوله: "فيما يمكن من الحيض" أي فإذا لم يمكن لم تصدق. قوله: "لقول الله تعالى" أشير إلى تفسير الآية المذكورة، وقد روى الطبري بإسناد صحيح عن الزهري قال: بلغنا أن المراد بما خلق الله في أرحامهن
(1/424)


الحمل أو الحيض، فلا يحل لهن أن يكتمن ذلك لتنقضي العدة ولا يملك الزوج الرجعة إذا كانت له. وروى أيضا بإسناد حسن عن ابن عمر قال: "لا يحل لها إن كانت حائضا أن تكتم حيضها، ولا إن كانت حاملا أن تكتم حملها". وعن مجاهد " لا تقول إني حائض وليست بحائض، ولا لست بحائض وهي حائض " وكذا في الحبل. ومطابقة الترجمة للآية من جهة أن الآية دالة على أنها يجب عليها الإظهار، فلو لم تصدق فيه لم يكن له فائدة. قوله: "ويذكر عن علي" وصله الدارمي كما سيأتي ورجاله ثقات، وإنما لم يجزم به للتردد في سماع الشعبي من علي، ولم يقل إنه سمعه من شريح فيكون موصولا. قوله: "أن جاءت" في رواية كريمة: "إن امرأة جاءت " بكسر النون. قوله: "ببينة من بطانة أهلها" أي خواصها. قال إسماعيل القاضي: ليس المراد أن يشهد النساء أن ذلك وقع، وإنما هو فيما نرى أن يشهدن أن هذا يكون وقد كان في نسائهن. قلت: وسياق القصة يدفع هذا التأويل، قال الدارمي: أخبرنا يعلى بن عبيد حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن عامر - هو الشعبي - قال: "جاءت امرأة إلى علي تخاصم زوجها طلقها فقالت: حضت في شهر ثلاث حيض، فقال علي لشريح: اقض بينهما. قال: يا أمير المؤمنين وأنت هاهنا؟ قال: اقض بينهما. قال: إن جاءت من بطانة أهلها ممن يرضى دينه وأمانته تزعم أنها حاضت ثلاث حيض تطهر عند كل قرء وتصلي جاز لها وإلا فلا. قال علي: قالون " قال وقالون بلسان الروم أحسنت. فهذا ظاهر في أن المراد أن يشهدن بأن ذلك وقع منها، وإنما أراد إسماعيل رد هذه القصة إلى موافقة مذهبه، وكذا قال عطاء إنه يعتبر في ذلك عادتها قبل الطلاق، وإليه الإشارة ب قوله: "أقراؤها" وهو بالمد جمع قرء أي في زمان العدة "ما كانت" أي قبل الطلاق، فلو ادعت في العدة ما يخالف ما قبلها لم يقبل. وهذا الأثر وصله عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء. قوله: "وبه قال إبراهيم" يعني النخعي، أي قال بما قال عطاء، ووصله عبد الرزاق أيضا عن أبي معشر عن إبراهيم نحوه. وروى الدارمي أيضا بإسناد صحيح إلى إبراهيم قال: "إذا حاضت المرأة في شهر أو أربعين ليلة ثلاث حيض " فذكر نحو أثر شريح، وعلى هذا فيحتمل أن يكون الضمير في قول البخاري " وبه " يعود على أثر شريح، أو في النسخة تقديم وتأخير، أو لإبراهيم في المسألة قولان. قوله: "وقال عطاء. إلخ" وصله الدارمي أيضا بإسناد صحيح قال: "أقصى الحيض خمس عشرة، وأدنى الحيض يوم". ورواه الدارقطني بلفظ: "أدنى وقت الحيض يوم وأكثر الحيض خمس عشرة". قوله: "وقال معتمر" عني ابن سليمان التيمي. وهذا الأثر وصله الدارمي أيضا عن محمد بن عيسى عن معتمر.

الموضوع التالي


حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ أَبِي رَجَاءٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ عُرْوَةَ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَبِي حُبَيْشٍ سَأَلَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: "إِنِّي أُسْتَحَاضُ فَلاَ أَطْهُرُ أَفَأَدَعُ الصَّلاَةَ فَقَالَ "لاَ إِنَّ ذَلِكِ عِرْقٌ وَلَكِنْ دَعِي الصَّلاَةَ قَدْرَ الأَيَّامِ الَّتِي كُنْتِ تَحِيضِينَ فِيهَا ثُمَّ اغْتَسِلِي وَصَلِّي".

الموضوع السابق


حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ هُوَ ابْنُ سَلاَمٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ حَفْصَةَ قَالَتْ: "كُنَّا نَمْنَعُ عَوَاتِقَنَا أَنْ يَخْرُجْنَ فِي الْعِيدَيْنِ فَقَدِمَتْ امْرَأَةٌ فَنَزَلَتْ قَصْرَ بَنِي خَلَفٍ فَحَدَّثَتْ عَنْ أُخْتِهَا وَكَانَ زَوْجُ أُخْتِهَا غَزَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثِنْتَيْ عَشَرَةَ غَزْوَةً وَكَانَتْ أُخْتِي مَعَهُ فِي سِتٍّ قَالَتْ كُنَّا نُدَاوِي الْكَلْمَى وَنَقُومُ عَلَى الْمَرْضَى فَسَأَلَتْ أُخْتِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعَلَى إِحْدَانَا بَأْسٌ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا جِلْبَابٌ أَنْ لاَ تَخْرُجَ قَالَ " لِتُلْبِسْهَا صَاحِبَتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا وَلْتَشْهَد الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ" فَلَمَّا قَدِمَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ سَأَلْتُهَا أَسَمِعْتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ بِأَبِي نَعَمْ وَكَانَتْ لاَ تَذْكُرُهُ إِلاَّ قَالَتْ بِأَبِي سَمِعْتُهُ يَقُولُ يَخْرُجُ الْعَوَاتِقُ وَذَوَاتُ الْخُدُورِ أَوْ الْعَوَاتِقُ ذَوَاتُ الْخُدُورِ وَالْحُيَّضُ وَلْيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُؤْمِنِينَ وَيَعْتَزِلُ الْحُيَّضُ الْمُصَلَّى قَالَتْ حَفْصَةُ فَقُلْتُ الْحُيَّضُ فَقَالَتْ أَلَيْسَ تَشْهَدُ عَرَفَةَ وَكَذَا وَكَذَا".