وَيُذْكَرُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "يَزُرُّهُ وَلَوْ بِشَوْكَةٍ ". فِي إِسْنَادِهِ نَظَرٌ وَمَنْ صَلَّى فِي الثَّوْبِ الَّذِي يُجَامِعُ فِيهِ مَا لَمْ يَرَ أَذًى "وَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لاَ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ".
 

قوله : "باب وجوب الصلاة في الثياب، وقول الله تعالى :{خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} يشير بذلك إلى ما أخرجه مسلم من حديث ابن عباس قال: "كانت المرأة تطوف بالبيت عريانة " الحديث وفيه: "فنزلت {خُذُوا زِينَتَكُمْ} " ووقع في تفسير طاوس قال في قوله تعالى:{خُذُوا زِينَتَكُمْ} قال: الثياب، وصله البيهقي، ونحوه عن مجاهد، ونقل ابن حزم الاتفاق على أن المراد ستر العورة. قوله: "ومن صلى ملتحفا في ثوب واحد" هكذا ثبت للمستملي وحده هنا، وسيأتي قريبا في باب مفرد، وعلى تقدير ثبوته هنا فله تعلق بحديث سلمة المعلق بعده كما سيظهر من سياقه. قوله: "ويذكر عن سلمة" قد بين السبب في ترك جزمه به بقوله: "وفي إسناده نظر". وقد وصله المصنف في تاريخه وأبو داود وابن خزيمة وابن حبان واللفظ له من طريق الدراوردي عن موسى بن إبراهيم ابن عبد الرحمن بن أبي ربيعة عن سلمة بن الأكوع قال: "قلت يا رسول الله إني رجل أتصيد، أفأصلي في القميص الواحد؟ قال: "نعم، زره ولو بشوكة " ورواه البخاري أيضا عن إسماعيل بن أبي أويس عن أبيه عن موسى بن إبراهيم عن أبيه عن سلمة، زاد في الإسناد رجلا، ورواه أيضا عن مالك بن إسماعيل عن عطاف بن خالد قال حدثنا موسى بن إبراهيم قال حدثنا سلمة. فصرح بالتحديث بين موسى وسلمة، فاحتمل أن يكون رواية أبي أويس من المزيد في متصل الأسانيد، أو
(1/465)


يكون التصريح في رواية عطاف وهما. فهذا وجه النظر في إسناده. وأما من صححه فاعتمد رواية الدراوردي وجعل رواية عطاف شاهدة لاتصالها، وطريق عطاف أخرجها أيضا أحمد والنسائي، وأما قول ابن القطان: إن موسى هو ابن محمد بن إبراهيم التيمي المضعف عند البخاري وأبي حاتم وأبي داود وأنه نسب هنا إلى جده فليس بمستقيم، لأنه نسب في رواية البخاري وغيره مخزوميا وهو غير التيمي بلا تردد. نعم وقع عند الطحاوي موسى بن محمد بن إبراهيم، فإن كان محفوظا فيحتمل على بعد أن يكونا جميعا رويا الحديث وحمله عنهما الدراوردي وإلا فذكر محمد فيه شاذ، والله أعلم. قوله: "يزره" بضم الزاي وتشديد الراء، أي يشد إزاره ويجمع بين طرفيه لئلا تبدو عورته، ولو لم يمكنه ذلك إلا بأن يغرز في طرفيه شوكة يستمسك بها. وذكر المؤلف حديث سلمة هذا إشارة إلى أن المراد بأخذ الزينة في الآية السابقة لبس الثياب لا تحسينها. قوله: "ومن صلى في الثوب" يشير إلى ما رواه أبو داود والنسائي وصححه ابن خزيمة وابن حبان من طريق معاوية بن أبي سفيان أنه " سأل أخته أم حبيبة: هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في الثوب الذي يجامع فيه؟ قالت نعم، إذا لم ير فيه أذى". وهذا من الأحاديث التي تضمنتها تراجم هذا الكتاب بغير صيغة رواية حتى ولا التعليق. قوله: "ما لم ير فيه أذى" سقط لفظ: "فيه: "من رواية المستملي والحموي. قوله: "وأمر النبي صلى الله عليه وسلم" أشار بذلك إلى حديث أبي هريرة في بعث علي في حجة أبي بكر بذلك، وقد وصله بعد قليل لكن ليس فيه التصريح بالأمر، وروى أحمد بإسناد حسن من حديث أبي بكر الصديق نفسه أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه " لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان " الحديث. ووجه الاستدلال به للباب أن الطواف إذا منع فيه التعري فالصلاة أولى، إذ يشترط فيها ما يشترط في الطواف وزيادة، وقد ذهب الجمهور إلى أن ستر العورة من شروط الصلاة، وعن بعض المالكية التفرقة بين الذاكر والناسي، ومنهم من أطلق كونه سنة لا يبطل تركها الصلاة. واحتج بأنه لو كان شرطا في الصلاة لاختص بها ولافتقر إلى النية، ولكان العاجز العريان ينتقل إلى بدل كالعاجز عن القيام ينتقل إلى القعود. والجواب عن الأول النقض بالإيمان فهو شرط في الصلاة ولا يختص بها، وعن الثاني باستقبال القبلة فإنه لا يفتقر للنية، وعن الثالث على ما فيه بالعاجز عن القراءة ثم عن التسبيح فإنه يصلي ساكتا.

الموضوع التالي


حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ: "أُمِرْنَا أَنْ نُخْرِجَ الْحُيَّضَ يَوْمَ الْعِيدَيْنِ وَذَوَاتِ الْخُدُورِ فَيَشْهَدْنَ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَدَعْوَتَهُمْ وَيَعْتَزِلُ الْحُيَّضُ عَنْ مُصَلاَهُنَّ قَالَتْ امْرَأَةٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِحْدَانَا لَيْسَ لَهَا جِلْبَابٌ قَالَ: "لِتُلْبِسْهَا صَاحِبَتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا".