حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا أَبُو الْمِنْهَالِ عَنْ أَبِي بَرْزَةَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الصُّبْحَ وَأَحَدُنَا يَعْرِفُ جَلِيسَهُ وَيَقْرَأُ فِيهَا مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إِلَى الْمِائَةِ وَيُصَلِّي الظُّهْرَ إِذَا زَالَتْ الشَّمْسُ وَالْعَصْرَ وَأَحَدُنَا يَذْهَبُ إِلَى أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجَعَ وَالشَّمْسُ حَيَّةٌ وَنَسِيتُ مَا قَالَ فِي الْمَغْرِبِ وَلاَ يُبَالِي بِتَأْخِيرِ الْعِشَاءِ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ ثُمَّ قَالَ إِلَى شَطْرِ اللَّيْلِ وَقَالَ مُعَاذٌ قَالَ شُعْبَةُ لَقِيتُهُ مَرَّةً فَقَالَ: "أَوْ ثُلُثِ اللَّيْلِ"
 
[الحديث 541 – أطرافه في 771,599,568,547]
قوله :"عن أبي المنهال" في رواية الكشميهني: "حدثنا أبو المنهال " وهو سيار بن سلامة الآتي ذكره في " باب وقت العصر " من رواية عوف عنه. قوله: "يعرف جليسه" أي الذي بجنبه، ففي رواية الجوزقي من طريق وهب بن جرير عن شعبة " فينظر الرجل إلى جليسه إلى جنبه فيعرف وجهه " ولأحمد " فينصرف الرجل فيعرف وجه جليسه " وفي رواية لمسلم: "فينظر إلى وجه جليسه الذي يعرف فيعرفه". وله في أخرى " وننصرف حين يعرف بعضنا وجه بعض". قوله: "والعصر" بالنصب أي ويصلي العصر. قوله: "وأحدنا يذهب إلى أقصى المدينة رجع والشمس حية" كذا وقع هنا في رواية أبي ذر والأصيلي. وفي رواية غيرهما: "ويرجع " بزيادة واو وبصيغة المضارعة عليها شرح الخطابي، وظاهره حصول الذهاب إلى أقصى المدينة والرجوع من ثم إلى المسجد، لكن في رواية عوف الآتية قريبا " ثم يرجع أحدنا إلى رحله في أقصى المدينة والشمس حية " فليس فيه إلا الذهاب فقط دون الرجوع، وطريق الجمع بينها وبين رواية الباب أن يقال: يحتمل أن الواو في قوله: "وأحدنا " بمعنى " ثم " على قول من قال إنها ترد للترتيب مثل ثم، وفيه تقديم وتأخير، والتقدير ثم يذهب أحدنا أي ممن صلى معه. وأما قوله: "رجع " فيحتمل أن يكون بمعنى يرجع ويكون بيانا لقوله يذهب، ويحتمل أن يكون رجع في موضع الحال أي يذهب راجعا، ويحتمل أن أداة الشرط سقطت إما لو أو إذا، والتقدير ولو يذهب أحدنا الخ، وجوز الكرماني أن يكون رجع خبرا للمبتدأ الذي هو أحدنا ويذهب جملة حالية، وهو وإن كان محتملا من جهة اللفظ لكنه يغاير رواية عوف، وقد رواه أحمد عن حجاج بن محمد عن شعبة بلفظ: "والعصر يرجع الرجل إلى أقصى المدينة والشمس حية " ولمسلم والنسائي من طريق خالد بن الحارث عن شعبة مثله لكن بلفظ: "يذهب " بدل يرجع. وقال الكرماني أيضا بعد أن حكى احتمالا آخر وهو أي قوله رجع عطف على يذهب والواو مقدرة ورجع بمعنى يرجع. انتهى. وهذا الاحتمال الأخير جزم به ابن بطال، وهو موافق للرواية التي حكيناها. ويؤيد ذلك رواية أبي داود عن حفص بن عمر شيخ المصنف فيه بلفظ: "وإن أحدنا ليذهب إلى أقصى المدينة ويرجع والشمس حية " وقد قدمنا ما يرد عليها وأن رواية عوف أوضحت أن المراد بالرجوع الذهاب أي من المسجد، وإنما سمي رجوعا لأن ابتداء المجيء كان من المنزل إلى المسجد فكان الذهاب منه إلى المنزل رجوعا، وسيأتي الكلام على بقية مباحث هذا الحديث في " باب وقت العصر " قريبا. قوله: "وقال معاذ" هو ابن معاذ البصري "عن شعبة" أي بإسناده المذكور. وهذا التعليق وصله مسلم عن عبيد الله بن معاذ عن أبيه به، والإسناد كله بصريون، وكذا الذي قبله. وجزم حماد بن سلمة عن أبي المنهال عند مسلم بقوله: "إلى ثلث الليل " وكذا لأحمد عن حجاج عن شعبة. الحديث: 542- حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ يَعْنِي ابْنَ مُقَاتِلٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنِي
(2/22)


غَالِبٌ الْقَطَّانُ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كُنَّا إِذَا صَلَّيْنَا خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالظَّهَائِرِ فَسَجَدْنَا عَلَى ثِيَابِنَا اتِّقَاءَ الْحَرِّ
قوله :"حدثنا محمد" كذا للأصيلي وغيره، ولأبي ذر " ابن مقاتل". قوله: "أخبرنا عبد الله" هو ابن المبارك. قوله: "أخبرنا خالد بن عبد الرحمن" كدا وقع هنا مهملا، وهو السلمي واسم جده بكير، وثبت الأمران في مستخرج الإسماعيلي، وليس له عند البخاري غير هذا الحديث الواحد، وفي طبقته خالد بن عبد الرحمن الخراساني نزيل دمشق وخالد بن عبد الرحمن الكوفي العبدي ولم يخرج لهما البخاري شيئا. قوله: "بالظهائر" جمع ظهيرة وهي الهاجرة، والمراد صلاة الظهر. قوله: "سجدنا على ثيابنا" كذا في رواية أبي ذر والأكثرين. وفي رواية كريمة: "فسجدنا " بزيادة فاء وهي عاطفة على شيء مقدر. قوله: "اتقاء الحر" أي للوقاية من الحر، وقد روى هذا الحديث بشر بن المفضل عن غالب كما مضى، ولفظه مغاير للفظه، لكن المعنى متقارب، وقد تقدم الكلام عليه في " باب السجود على الثوب في شدة الحر " وفيه الجواب عن استدلال من استدل به على جواز السجود على الثوب ولو كان يتحرك بحركته، وفيه المبادرة لصلاة الظهر ولو كان في شدة الحر. ولا يخالف ذلك الأمر بالإبراد، بل هو لبيان الجواز وإن كان الإبراد أفضل، والله أعلم.
(2/23)


الموضوع السابق


حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ حِينَ زَاغَتْ الشَّمْسُ فَصَلَّى الظُّهْرَ فَقَامَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَذَكَرَ السَّاعَةَ فَذَكَرَ أَنَّ فِيهَا أُمُورًا عِظَامًا ثُمَّ قَالَ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَسْأَلَ عَنْ شَيْءٍ فَلْيَسْأَلْ فَلاَ تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ إِلاَّ أَخْبَرْتُكُمْ مَا دُمْتُ فِي مَقَامِي هَذَا فَأَكْثَرَ النَّاسُ فِي الْبُكَاءِ وَأَكْثَرَ أَنْ يَقُولَ سَلُونِي فَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ السَّهْمِيُّ فَقَالَ مَنْ أَبِي قَالَ أَبُوكَ حُذَافَةُ ثُمَّ أَكْثَرَ أَنْ يَقُولَ سَلُونِي فَبَرَكَ عُمَرُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ فَقَالَ رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا فَسَكَتَ ثُمَّ قَالَ عُرِضَتْ عَلَيَّ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ آنِفًا فِي عُرْضِ هَذَا الْحَائِطِ فَلَمْ أَرَ كَالْخَيْرِ وَالشَّرِّ"