حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ يَقُولُ أَخْبَرَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَوْمَ الْخَنْدَقِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَاللَّهِ مَا كِدْتُ أَنْ أُصَلِّيَ حَتَّى كَادَتْ الشَّمْسُ تَغْرُبُ وَذَلِكَ بَعْدَ مَا أَفْطَرَ الصَّائِمُ فَقال النبي صلى الله عليه وسلم: "وَاللَّهِ مَا صَلَّيْتُهَا فَنَزَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بُطْحَانَ وَأَنَا مَعَهُ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ صَلَّى يَعْنِي الْعَصْرَ بَعْدَ مَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ ثُمَّ صَلَّى بَعْدَهَا الْمَغْرِبَ"
 
باب قَوْلِ الرَّجُلِ مَا صَلَّيْنَا
قوله: "باب قول الرجل للنبي صلى الله عليه وسلم ما صلينا" قال ابن بطال: فيه رد لقول إبراهيم النخعي: يكره أن يقول الرجل لم نصل ويقول نصلي. قلت: وكراهة النخعي إنما هي في حق منتظر الصلاة، وقد صرح ابن بطال بذلك، ومنتظر الصلاة في صلاة كما ثبت بالنص، فإطلاق المنتظر " ما صلينا " يقتضي نفي ما أثبته الشارع فلذلك كرهه، والإطلاق الذي في حديث الباب إنما كان من ناس لها أو مشتغل عنها بالحرب كما تقدم تقريره في " باب من صلى بالناس جماعة بعد خروج الوقت " في أبواب المواقيت، فافترق حكمهما وتغايرا. والذي يظهر لي أن البخاري أراد أن ينبه على أن الكراهة المحكية عن النخعي ليست على إطلاقها لما دل عليه حديث الباب، ولو أراد الرد على النخعي مطلقا لأفصح به كما أفصح بالرد على ابن سيرين في ترجمة " فاتتنا الصلاة"، ثم إن اللفظ الذي أورده المؤلف وقع النفي فيه من قول النبي صلى الله عليه وسلم لا من قول الرجل، لكن في بعض طرقه وقوع ذلك من الرجل أيضا، وهو عمر كما أورده في المغازي، وهذه عادة معروفة للمؤلف يترجم ببعض ما وقع في طرق الحديث الذي يسوقه ولو لم يقع في الطريق التي يوردها في تلك الترجمة، ويدخل في هذا ما في الطبراني من حديث جندب في قصة النوم عن الصلاة " فقالوا: يا رسول الله سهونا فلم نصل حتى طلعت الشمس " وبقية فوائد الحديث تقدمت في المواقيت. قوله: "ما كدت أن أصلي حتى كادت الشمس تغرب" وذلك بعد ما أفطر الصائم. قال الكرماني مستشكلا: كيف يكون المجيء بعد الغروب؟ لأن الصائم إنما يفطر حينئذ مع تصريحه بأنه جاء في اليوم، ثم أجاب بأن المراد بقوله يوم الحندق زمان الخندق، والمراد به بيان التاريخ لا خصوص الوقت ا هـ. والذي يظهر لي أن الإشارة بقوله: "وذلك بعد ما أفطر الصائم " إشارة إلى الوقت الذي خاطب به عمر النبي صلى الله عليه وسلم لا إلى الوقت الذي صلى فيه عمر العصر، فإنه كان قرب الغروب كما تدل عليه " كاد". وأما إطلاق اليوم وإرادة زمان
(2/123)


الوقعة لا خصوص النهار فهو كثير.
(2/124)


الموضوع السابق


حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ أُقِيمَتْ الصَّلاَةُ فَسَوَّى النَّاسُ صُفُوفَهُمْ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَقَدَّمَ وَهُوَ جُنُبٌ ثُمَّ قَالَ عَلَى مَكَانِكُمْ فَرَجَعَ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ خَرَجَ وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ مَاءً فَصَلَّى بِهِمْ"