وَقَالَ لَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُصَلِّي فِي مَكَانِهِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ الْفَرِيضَةَ وَفَعَلَهُ الْقَاسِمُ وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ لاَ يَتَطَوَّعُ الإِمَامُ فِي مَكَانِهِ وَلَمْ يَصِحَّ 849- حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ عَنْ هِنْدٍ بِنْتِ الْحَارِثِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا سَلَّمَ يَمْكُثُ فِي مَكَانِهِ يَسِيرًا قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَنُرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِكَيْ يَنْفُذَ مَنْ يَنْصَرِفُ مِنْ النِّسَاءِ " 850- وَقَالَ ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ أَخْبَرَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ كَتَبَ إِلَيْهِ قَالَ حَدَّثَتْنِي هِنْدُ بِنْتُ الْحَارِثِ الْفِرَاسِيَّةُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَتْ مِنْ صَوَاحِبَاتِهَا قَالَتْ كَانَ يُسَلِّمُ فَيَنْصَرِفُ النِّسَاءُ فَيَدْخُلْنَ بُيُوتَهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَنْصَرِفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَتْنِي هِنْدُ الْفِرَاسِيَّةُ وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنْ الزُّهْرِيِّ حَدَّثَتْنِي هِنْدُ الْفِرَاسِيَّةُ وَقَالَ الزُّبَيْدِيُّ أَخْبَرَنِي الزُّهْرِيُّ أَنَّ هِنْدَ بِنْتَ الْحَارِثِ الْقُرَشِيَّةَ أَخْبَرَتْهُ وَكَانَتْ تَحْتَ مَعْبَدِ بْنِ الْمِقْدَادِ وَهُوَ حَلِيفُ بَنِي زُهْرَةَ وَكَانَتْ تَدْخُلُ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ حَدَّثَتْنِي هِنْدُ الْقُرَشِيَّةُ وَقَالَ ابْنُ (2/334)
أَبِي عَتِيقٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ هِنْدٍ الْفِرَاسِيَّةِ وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَهُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ امْرَأَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ حَدَّثَتْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
 
قوله : "باب مكث الإمام في مصلاه بعد السلام" أي وبعد استقبال القوم، فيلائم ما تقدم ثم أن المكث لا يتقيد بحال من ذكر أو دعاء أو تعليم أو صلاة نافلة، ولهذا ذكر في الباب مسألة تطوع الإمام في مكانه. قوله: "وقال لنا آدم الخ" هو موصول، وإنما عبر يقوله: "قال لنا " لكونه موقوفا مغايرة بينه وبين المرفوع، هذا الذي عرفته بالاستقراء من صنيعه. وقيل إنه لا يقول ذلك إلا فيما حمله مذاكرة، وهو محتمل لكنه ليس بمطرد، لأني وجدت كثيرا مما قال فيه: "قال لنا " في الصحيح قد أخرجه في تصانيف أخرى بصيغة " حدثنا " وقد روى ابن أبي شيبة أثر ابن عمر من وجه آخر عن أيوب عن نافع قال: "كان ابن عمر يصلي سبحته مكانه". قوله: "وفعله القاسم" أي ابن محمد بن أبي بكر الصديق، وقد وصله ابن أبي شيبة عن معتمر عن عبيد الله بن عمر قال: "رأيت القاسم وسالما يصليان الفريضة ثم يتطوعان في مكانهما". قوله: "ويذكر عن أبي هريرة رفعه" أي قال فيه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. قوله: "لا يتطوع الإمام في مكانه" ذكره بالمعنى، ولفظه عند أبي داود " أيعجز أحدكم أن يتقدم أو يتأخر أو عن يمينه أو عن شماله في الصلاة"، ولابن ماجه: "إذا صلى أحدكم " زاد أبو داود يعني في السبحة صلى الله عليه وسلم وللبيهقي " إذا أراد أحدكم أن يتطوع بعد الفريضة فليتقدم " الحديث. قوله: "ولم يصح" هو كلام البخاري، وذلك لضعف إسناده واضطرابه تفرد به ليث بن أبي سليم وهو ضعيف، واختلف عليه فيه. وقد ذكر البخاري الاختلاف فيه في تاريخه وقال: "لم يثبت هذا الحديث: "وفي الباب عن المغيرة بن شعبة مرفوعا أيضا بلفظ: "لا يصلي الإمام في الموضع الذي صلى فيه حتى يتحول " رواه أبو داود وإسناده منقطع، وروى ابن أبي شيبة بإسناد حسن عن علي قال: "من السنة أن لا يتطوع الإمام حتى يتحول من مكانه"، وحكى ابن قدامة في " المغني " عن أحمد أنه كره ذلك وقال: لا أعرفه عن غير على، فكأنه لم يثبت عنده حديث أبي هريرة ولا المغيرة، وكان المعنى في كراهة ذلك خشية التباس النافلة بالفريضة. وفي مسلم: "عن السائب بن يزيد أنه صلى مع معاوية الجمعة فتنفل بعدها، فقال له معاوية: إذا صليت الجمعة فلا تصلها بصلاة حتى تتكلم أو تخرج، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمرنا بذلك " ففي هذا إرشاد إلى طريق الأمن من الالتباس، وعليه تحمل الأحاديث المذكورة. ويؤخذ من مجموع الأدلة أن للإمام أحوالا لأن الصلاة إما أن تكون مما يتطوع بعدها أو لا يتطوع، الأول اختلف فيه هل يتشاغل قبل التطوع بالذكر المأثور ثم يتطوع؟ وهذا الذي عليه عمل الأكثر، وعند الحنفية يبدأ بالتطوع. وحجة الجمهور حديث معاوية. وبمكن أن يقال لا يتعين الفصل بين الفريضة والنافلة بالذكر، بل إذا تنحى من مكانه كفي. فإن قيل: لم يثبت الحديث في التنحي، قلنا: قد ثبت في حديث معاوية " أو تخرج " ويترجح تقديم الذكر المأثور بتقييده في الأخبار الصحيحة بدبر الصلاة. وزعم بعض الحنابلة أن المراد بدبر الصلاة ما قبل السلام، وتعقب بحديث: "ذهب أهل الدثور " فإن فيه: "تسبحون دبر كل صلاة وهو بعد السلام جزما، فكذلك ما شابهه. وأما الصلاة التي لا يتطوع بعدها فيتشاغل الإمام ومن معه بالذكر المأثور ولا يتعين له مكان بل إن شاءوا انصرفوا وذكروا، وإن شاءوا مكثوا وذكروا. وعلى الثاني إن كان للإمام عادة أن يعلمهم
ـــــــ
(1)في المخطوطة" المسجد"
(2/335)


أو يعظهم فيستحب أن يقبل عليهم بوجهه جميعا، وإن كان لا يزيد على الذكر المأثور فهل يقبل عليهم جميعا أو ينفتل فيجعل يمينه من قبل المأمومين ويساره من قبل القبلة ويدعو؟ الثاني هو الذي جزم به أكثر الشافعية. ويحتمل إن قصر زمن ذلك أن يستمر مستقبلا للقبلة صلى الله عليه وسلم من أجل أنها أليق بالدعاء، ويحمل الأول على ما لو طال الذكر والدعاء، والله أعلم. قوله: "عن هند بنت الحارث" هي تابعية ولا أعرف عنها راويا غير الزهري، وهي من أفراد البخاري عن مسلم، وسيأتي الخلاف في نسبتها. قوله: "قال ابن شهاب" هو الزهري، وهو موصولا بالإسناد المذكور. و قوله: "فنرى" بضم النون أي نظن. قوله: "من النساء" زاد في " باب التسليم " من هذا الوجه " قبل أن يدركهن من انصرف من القوم " أي الرجال، وهو لفظه في رواية يحيى بن قزعة الآتية بعد أبواب. قوله: "وقال ابن أبي مريم" رويناه موصولا في " الزهريات " لمحمد بن يحيى الذهلي قال: "حدثنا سعيد بن أبي مريم " فذكره. قوله: "من صواحباتها" جمع صاحبة وهي لغة، والمشهور صواحب كضوارب وضاربة، وقيل هو جمع صواحب وهو جمع صاحبة. قوله: "كان يسلم" أي النبي صلى الله عليه وسلم، وأفادت هذه الرواية الإشارة إلى أقل مقدار كان يمكثه صلى الله عليه وسلم. قوله: "وقال ابن وهب الخ" وصله النسائي عن محمد بن سلمة عنه بالإسناد المذكور ولفظه: "أن النساء كن إذا سلمن قمن وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن صلى من الرجال ما شاء الله، فإذا قام رسول الله صلى الله عليه وسلم قام الرجال. قوله: "وقال عثمان بن عمر" سيأتي موصولا بعد أربعة أبواب من طريقه. قوله: "وقال الزبيدي" وصله الطبراني في مسند الشاميين من طريق عبد الله بن سالم عنه بتمامه، وفيه: "أن النساء كن يشهدن الصلاة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا سلم قام النساء فانصرفن إلى بيوتهن قبل أن يقوم الرجال". قوله: "وقال شعيب" هو ابن أبي حمزة، وابن أبي عتيق هو محمد بن عبد الله، وروايتهما موصولة في " الزهريات " أيضا. ومراد البخاري بيان الاختلاف في نسب هند وأن منهم من قال الفراسية نسبة إلى بني فراس بكسر الفاء وتخفيف الراء آخره مهملة وهم بطن من كنانة، ومنهم من قال القرشية، فمن قال من أهل النسب إن كنانة جماع قريش فلا مغايرة بين النسبتين، ومن قال إن جماع قريش فهر بن مالك فيحتمل أن يكون اجتماع النسبتين لهند على أن إحداهما بالأصالة والأخرى بالمخالفة صلى الله عليه وسلم. وأشار البخاري برواية الليث الأخيرة إلى الرد على من زعم أن قول من قال: "القرشية " تصحيف من الفراسية، لقوله فيه: "عن امرأة من قريش " وفي رواية الكشميهني: "أن امرأة " وقوله فيه: "عن النبي صلى الله عليه وسلم: "غير موصولة لأنها تابعية كما تقدم، وكأن التقصير فيه من يحيى بن سعيد وهو الأنصاري، وروايته عن ابن شهاب من رواية الأقران: وفي الحديث مراعاة الإمام أحوال المأمومين، والاحتياط في اجتناب ما قد يفضي إلى المحذور. وفيه اجتناب مواضع التهم، وكراهة مخالطة الرجال للنساء في الطرقات فضلا عن البيوت. ومقتضى التعليل المذكور أن المأمومين إذا كانوا رجالا فقط أن لا يستحب هذا المكث، وعليه حمل ابن قدامة حديث عائشة " أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا سلم لم يقعد إلا مقدار ما يقول: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام " أخرجه مسلم: وفيه أن النساء كن يحضرن الجماعة في المسجد، وستأتي المسألة قريبا.
ـــــــ
(1)الصواب أن المشروع إقبال الإمام على المأمومين بوجهه بعد السلام والإستغفار وقول " اللهم أنت السلام الخ"مطلقا لما تقدم في الأحاديثالصحيحة. والله أعلم
(2)كذا في المطبوعة والمخطوطة , ولعله " بالمحالفة"
(2/336)

الموضوع التالي


حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عُقْبَةَ قَالَ صَلَّيْتُ وَرَاءَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ الْعَصْرَ فَسَلَّمَ ثُمَّ قَامَ مُسْرِعًا فَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ إِلَى بَعْضِ حُجَرِ نِسَائِهِ فَفَزِعَ النَّاسُ مِنْ سُرْعَتِهِ فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ فَرَأَى أَنَّهُمْ عَجِبُوا مِنْ سُرْعَتِهِ فَقَالَ ذَكَرْتُ شَيْئًا مِنْ تِبْرٍ عِنْدَنَا فَكَرِهْتُ أَنْ يَحْبِسَنِي فَأَمَرْتُ بِقِسْمَتِهِ " [ الحديث851- أطرافه في: 6275,1430,1221]

الموضوع السابق


حدثنا موسى بن إسماعيل قال حدثنا جرير بن حازم قال حدثنا أبو رجاء عن سمرة بن جندب قال ثم كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى صلاة أقبل علينا بوجهه [الحديث"845- أطرافه في: 7047,6096,4674,3354,2125,2791,2085,1386,1143] 846- حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن صالح بن كيسان عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن زيد بن خالد الجهني أنه قال ثم صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية على إثر سماء كانت من الليلة فلما انصرف أقبل على الناس فقال هل تدرون ماذا قال ربكم قالوا الله ورسوله أعلم قال أصبح من عبادي مؤمن وكافر فأما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي وكافر بالكوكب وأما من قال بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي ومؤمن بالكوكب " [الحديث846- 7503,4147,1038] (2/333)
847- حدثنا عبد الله سمع يزيد قال أخبرنا حميد عن أنس قال ثم أخر رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة ذات ليلة إلى شطر الليل ثم خرج علينا فلما صلى أقبل علينا بوجهه فقال إن الناس قد صلوا ورقدوا وإنكم لن تزالوا في صلاة ما انتظرتم الصلاة"