الترغيب في الزواج
 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله و كفى ، و أشهد أن لا اله الا الله و حده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبد الله و رسوله صلى الله عليه و على اله و صحبه الغر المحجلين ـ

أما بعد :ـ

اذا تبين لك و اتضح هدي النبي صلى الله عليه و سلم و أمره بالزواج المبكر فعليك أخي / أختي الكريمة أن تدعو الله العلي أن ييسر لك سبيل النكاح و يوفقك لإختيار الأنسب و الرفيق الصالح في عشرة نقية مباركة

ان من مظاهر القسوة و الجفاء في هذه الحياة أن تجد شابا عزبا يعيش حياته اما متأسفا عفيفا طاهرا اذ لم يقدر الله له أن يتزوج و فاجرا متهتكا يستبيح المحارم ، فأما العفيف فقد يجعل الله تعالى له من بعد عسر يسرا و اما الفاسق فانما يملي له حتى اذا أخذه أخذه أخذ عزيز مقتدر ، و الحياة غايتها الإستمرار و الدوام فما الفائدة في شجر لا يثمر الا أن يصير الى النار و هكذا الإنسان الذي يعزف عن الزواج فانه لا يامن على نفسه من الفساد المؤدي الى الجحيم

كما أن من سنة الله التكاثر و انما العزة للمكاثر كما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :ـ

تزوجوا الولود الودود فاني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة

و لا يخفى عليك أن عقيدة المسلم مليئة بقصص اولي الألباب من أنبياء الله تعالى و صالحي عباده الذين رجو الله تعالى أن يرزقهم الولد عند الإياس فمن الله عليهم بفضله و قد عاب الله على من عاداه أن يكون مقطوع النسب فقال تعالى :ـ

ان شانئك هو الأبتر

فكيف ترضى أن تجعل لنفسك هذا الوصف و تختاره و قد أمرك ربك بالزواج و رغبك فيه و جعل لك فيه مودة و رحمة ، و فكر ليوم شيبتك اذا هرمت و ضعفت و انحنى ظهرك كيف يكون الحال بدون الولد و قد قيل أن البنين عدة في البلاء و زينة في الرخاء

ان الإنسان العازب لا هم له في الحياة الا الأكل و المتعة و تلك الصفة لا تختلف كثيرا عن حياة الأنعام التي و صف الله بها أقوام و لا ينبغي لمسلم راشد أن يتصف بهذه الصفة فلابد أن تكون لحياته غاية يترك فيها أثره : ان لم يترك علما أو مالا ترك ولدا صالحا يدعو له ..ـ

قد يكتفي الواحد بالعفة حسب زعمه و يدعي أن ثمة أعذار في زمن الغربة و يجد دعما لهذه الرؤية عند حظ نفسه الأمارة بالسوء و ما يوسوس الخناس من تلبيس ابليس لكن لو علم أن الأعذار التي رضي بها ليست الا أباطيل يقدمها أمامه ليبقى حاله كما هو و رسولنا يقول عليه الصلاة و السلام :ـ

اياكم و المعاذير فان أكثرها مفاجر

فأغلب الأعذار لا تقوم على الصحة و ليست الا نوع من الفرية التي تحدث بها النفس صاحبها لدفع الشبهات و قد رد الله ما اشتبه على الناس في محكم التنزيل و بينه لهم نبيه محمد عليه أفضل الصلاة و أزكى التسليم ، و قد فصل الله في أحكام الزواج فرد شبهة الفقر على المشركين و بين أنه الرزاق ذو القوة المتين المعطي المانع النافع الضار الذي بيده أرزاق المخلوقات كلها و أن لا أحد من خلقه يكتفي بذاته من دون ارادة الله و مشيئته فلا رزق ينالهم دون تقدير الله له و ان سعوا اليه بكل وسيلة فلا حظ لهم فيه بغير ارادة الله الخالق المتصرف في ملكوته وحده لا شريك له .ـ

في الجاهلية كان المشركون يقتلون أولادهم خشية الفقر فجاء الإسلام بتعاليمه الخالدة فبين لهم أن رزقهم و أرزاق ما ولدوا عند الله الكبير المتعال فقال تعالى :ـ

وَ لا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَ إِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كانَ خِطْأً كَبِيراً

فمن ذا الذي يضمن لنفسه أن يرزق في يومه بكذا مال و متاع أو يضمن لنفسه الحياة بعد حين

ان الأمر كله لله يفعل ما يشاء و هو غير ظالم أبدا و ما على المسلم الا أن ينقاد لأمر الله و نهيه و عليه أن يدع الحسابات في هذا الأمر لله تعالى فالغيب لله لا أحد يعلم ما سطر الله فيه و قد قال تعالى :ـ

اِنَّ اللَّه عنده علم السّاعة و يُنْزِّلُ الغيث وَ يَعْلُم ما في الارحام و ما تدرى نفسٌ ما ذا تكسب غداً و ما تدرى نفسٌ باَىٍّ ارضٍ تموتُ اِنّ اللَّه عليمٌ خَبير

ان من شروط الإيمان الإيمان بالقدر خيره و شره و الرزق من تقدير الله لعباده و المؤمن يرضى بما قضى الله له و قدر و يعلم أن تصرفه في الحياة لن ينتج الا ما شاء الله له فما شاء الله له كان و ما لم يشاء لم يكن ، فكم من عبد سعى في أمر حتى كاد أن يبلغه ثم صرفه الله عنه بما شاء و كم من عبد أتت اليه الدنيا راغمة دون جهد أو عناء ، و على المسلم أن يدرك هذه الحقيقة و يعلم أن التيسير في أمر الله فلا يعسرن أحد على نفسه ما يسر الله و هو أصدق القائلين و هو يقول الحق و يهدي السبيل ، قال تعالى :ـ

يريد الله بكم اليسر و لا يريد بكم العسر

و قال تعالى :ـ

وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم

إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم

اذا كنت أخي المسلم / أختي المسلمة مؤمن / مؤمنة بالله تعالى فاعلم أن الله وعدك في هذه الأية الكريمة و الله لا يخلف الميعاد ، أفتشك في وعد الله الواسع العليم ؟

كتبه الزاهد الورع

الموضوع التالي


متن حديث ام زرع

الموضوع السابق


احكام الزواج