ترجمة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى |
(حبسي خلوة، وقتلي شهادة، ونفيي سياحة) رحمك الله يا شيخ الإسلام !! ولم يكن الطفل الصغير (ابن تيمية) كغيره من الأطفال يلعب ويلهو، بل كان يسارع إلى مجالس العلماء يستمع إليهم، ويستفيد منهم، ولما بلغ السابعة عشرة من عمره بدأ في التأليف والإفتاء، فاتسعت شهرته وذاع صيته، ولما توفي والده الذي كان من كبار الفقهاء في الفقه الحنبلي؛ تولى التدريس بد ً لا منه. كان الإمام (ابن تيمية) جريًئا في إظهار رأيه، مدافعا عن السُّنة حتى سمي ب (محيي السنة).. عاش ابن تيمية فترة صباه أيام حكم الملك الظاهر بيبرس لمصر والشام الذي عني بالجهاد في سبيل الله، فوقف (ابن تيمية) معه ثم مع السلطان قلاوون، وجاهد بسيفه ضد التتار الذين هجموا على الب لاد، وذهب على رأس وفد من العلماء وقابل (قازان) ملك التتار، وأخذ يخوفه مرة ويقنعه مرة أخرى حتى توقف زحف التتار على دمشق، وأطلق سراح الأسرى.
وكان ابن تيمية قوي الإيمان، فصيح اللسان، شجاع القلب، غزير العلم، وكان وحده
قوة عظمى يحسب لها الأعداء ألف حساب، فازداد الناس تعلًقا به، والتفاًفا حوله، وظل وظل (ابن تيمية) في القاهرة ينشر العلم، ويفسر القرآن الكريم، ويدعو المسلمين إلى التمسك بكتاب الله وسنة رسوله، ثم رحل إلى (دمشق) بعد أن غاب عنها سبع سنين، وخلال وجوده هناك أفتى في مسألة، فأمره السلطان بأن يغير رأيه فيها، لكنه لم يهتم بأوامر السلطان وتمسك برأيه وقا ل: (لا يسعني كتمان العل م) فقبضوا عليه وحبسوه ستة أشهر، ثم خرج من سجنه، ورجع يفتي بما يراه مطابًقا لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
لكن خصومه انتهزوا فرصة إفتائ ه في مسألة شد الرحال إلى قبور الأنبياء والصالحين، فقد
كان ابن تيمية) يرى أن تلك الزيارة ليست واجبة على المسلمين، فشُّنعوا عليه حتى
حبس هو وأخوه الذي كان يخدمه، ورغم ذلك لم ينقطع عن التأليف والكتابة، لكنهم
منعوه من ذلك، فأرادوا كتمان صوت علمه أي ضا، فأخرجوا ما عنده من الحبر والورق،
فلم تلن عزيمته ولم تضعف همته وتحداهم، فكان يكتب بالفحم على أوراق مبعثرة هنا
وهناك، وكان من أقواله (حبسي خلوة، وقتلي شهادة، ونفيي سياحة). يقول رحمه الله { ما يصنع أعدائي بي؟ أنا جنتي وبستاني في صدري، أين رحت فهي معي، لا تفارقني، أنا حبسي خلوة. وقتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة.} |