الفصل الخامس حد الزنا
 

وأما الزاني : فإن كان محصنا ، فإنه يرجم بالحجارة حتى يموت ، كما { رجم النبي صلى الله عليه وسلم ماعز بن مالك الأسلمي ، ورجم الغامدية ورجم اليهودية ورجم غير هؤلاء } ، ورجم المسلمون بعده ، واختلف العلماء : هل يجلد قبل الرجم مائة ؟ على قولين في مذهب أحمد وغيره .

وإن كان غير محصن ، فإنه يجلد مائة جلدة بكتاب الله ، ويغرب عاما بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإن كان بعض العلماء لا يرى وجوب التغريب.

ولا يقام عليه الحد حتى يشهد عليه أربعة شهداء ، أو يشهد على نفسه أربع شهادات ، عند كثير من العلماء أو أكثرهم ، ومنهم من يكتفي بشهادته على نفسه مرة واحدة ولو أقر على نفسه ، ثم رجع فمنهم من يقول : يسقط عنه الحد ، ومنهم من يقول : لا يسقط [ ص: 136 ] والمحصن من وطئ ، وهو حر مكلف ; لمن تزوجها نكاحا صحيحا في قبلها ، ولو مرة واحدة ، وهل يشترط أن تكون الموطوءة مساوية للواطئ في هذه الصفات على قولين للعلماء . وهل تحصن المراهقة للبالغ وبالعكس ؟.

فأما أهل الذمة ، فإنهم محصنون أيضا عند أكثر العلماء ، كالشافعي وأحمد ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم رجم يهوديين عند باب مسجده ، وذلك أول رجم كان في الإسلام.

واختلفوا في المرأة إذا وجدت حبلى ، ولم يكن لها زوج ، ولا سيد ، ولا تدعي شبهة في الحبل ففيها قولان في مذهب أحمد وغيره ، قيل : لا حد لها ، لأنه يجوز أن تكون حبلت مكرهة ، أو بتحمل ، أو بوطء [ ص: 137 ] شبهة ، وقيل بل تحد ، وهذا هو المأثور عن الخلفاء الراشدين وهو الأشبه بأصول الشريعة ، وهو مذهب أهل المدينة ، فإن الاحتمالات النادرة لا يلتفت إليها ، كاحتمال كذبها ، وكذب الشهود.

وأما اللواط فمن العلماء من يقول : حده كحد الزنا ، وقد قيل دون ذلك . والصحيح الذي اتفقت عليه الصحابة : أن يقتل الاثنان الأعلى والأسفل . سواء كانا محصنين ، أو غير محصنين.

فإن أهل السنن رووا عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ، { عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط ، فاقتلوا الفاعل والمفعول به } وروى أبو داود عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : " في البكر يوجد على اللواطية ، قال : يرجم " ويروى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه نحو ذلك . [ ص: 138 ] ولم تختلف الصحابة في قتله ، ولكن تنوعوا فيه ، فروي عن الصديق رضي الله عنه أنه أمر بتحريقه ، وعن غيره قتله ، وعن بعضهم : أنه يلقى عليه جدار حتى يموت تحت الهدم ، وقيل : يحبسان في أنتن موضع حتى يموتا.

وعن بعضهم : أنه يرفع على أعلى جدار في القرية ، ويرمى منه ، ويتبع بالحجارة ، كما فعل الله بقوم لوط وهذه رواية عن ابن عباس ، والرواية الأخرى قال : يرجم .

وعلى هذا أكثر السلف ، قالوا : لأن الله رجم قوم لوط ، وشرع رجم الزاني تشبيها برجم لوط ، فيرجم الاثنان ، سواء كانا حرين أو مملوكين ، أو كان أحدهما مملوك الآخر ، إذا كانا بالغين ، فإن كان أحدهما غير بالغ عوقب بما دون القتل ، ولا يرجم إلا البالغ.