كان وأخواتها
 

الدرس الثاني عشر من سلسلة شرح المقدمة الآجرومية للشيخ حسن الحفظي

حمدًا لك اللهم كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، وصلاةً وسلامًا دائمين متتابعين على الرحمة المهداة نبينا محمدٍ صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليمًا كثيرًا.
أيها الإخوة الكرام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نواصل الحديث في باب كان وأخواتها، وقد وصلنا إلى الأفعال التي تحتاج لعمل هذا العمل أن يتقدم عليها نفيٌ أو شبهه، وانتهينا من الحديث عن "زال"، ومثلنا لها  ـ بل استشهدنا ـ بقول الشاعر:
ألا يا اسلمي يا دارمي على البلى        ولا زال منهلا بجرعائك القطر
وقلنا إن "زال" هنا تقدمت عليها "لا" الدعائية، وخبرها هو "منهلا" ومتقدم هنا، و"القطر" اسمها مؤخر.
أما انفك فيستشهدون لها، وقد جاءت بلفظ الفعل المضارع في هذا البيت، يستشهدون لها بقول الشاعر:
ليس ينفك ذا غنًى واعتزازي        كل ذي عفّةٍ مُقلٍ قنوع
فـ"ليس" هنا هي النفي الذي تقدم على كلمة "ينفك" وأجاز أن نعملها عمل كان وأخواتها، أما "ينفك" فجاءت بلفظ الفعل المضارع، وقد تقدم هنا خبرها على اسمها هو قوله "ذا غنًى"، و"ذا" اسم من الأسماء الخمسة وهو مضاف إلى كلمة "غنًى" ومنصوب وعلامة نصبه الألف، أما اسمها فهو قوله "كلّ ذي عفةٍ"، وقد جاء مؤخرًا كما ترون.
أما فتئ يا أيها الأحباب فيستشهدون له بقول الله عزّ وجلّ ﴿ قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ ﴾ [يوسف: 85]، والشاهد في قوله تفتأ هنا صحيح أنه لم يتقدم عليها في ظاهر اللفظ نفي، ولكن النفي مقدر، لأن التقدير والله أعلم " لَا تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ "، فـ ﴿ تَفْتَأُ ﴾ هنا جاء بلفظ الفعل المضارع، واسم ﴿ تَفْتَأُ ﴾ هنا ضمير مستتر تقديره "أنت"، و﴿ تَذْكُرُ يُوسُفَ ﴾ هذه الجملة في محل نصبٍ خبر.
أما "برح" فمن شواهدها قول الله عزّ وجلّ ﴿ لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى ﴾ [طـه:91]، ﴿ نَبْرَحَ ﴾ تقدمت عليها ﴿ لَنْ ﴾ فمعناها أنها استوفت شرطها وهو النفي، و﴿ نَبْرَحَ ﴾ هنا فعل مضارع، وهو منصوبٌ ب﴿ لَنْ ﴾، و﴿ عَاكِفِينَ ﴾ خبر ﴿ نَبْرَحَ ﴾، وأما اسمها فهو ضميرٌ مستترٌ تقديره "نحن"، " لَنْ نَبْرَحَ نَحْنُ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ".
أما "دام" فقد ذكرنا لكم أنه يُشترط لعملها أن تتقدم عليها "ما" المصدرية الظرفية، أما كونها مصدرية فلأنها تؤول مع ما بعدها بمصدر، وأما كونها ظرفية فلأنها تدل على المدة، وانظروا إلى نحو قول الله عزّ وجلّ ﴿ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا ﴾ [مريم: 31]، فإن التأويل فيها أو التقدير
ـ والله أعلم ـ "مدة دوامي حيًّا"، فـ"مدة" هذه أخذنا منها الظرفية، و"دوامي" هذه أخذنا منها
المصدرية، أما "دام" هنا فاسمها هو التاء، و ﴿ حَيًّا ﴾ هو خبرها، فقوله سبحانه ﴿ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا ﴾ "دام" استوفت شروطها بتقدم "ما" المصدرية الظرفية عليها، وعملت هذا العمل، ذلك أن التاء هنا ضمير متصل مبني على الضم في محل "رفع" اسم "دام"، و﴿ حَيًّا ﴾ هو خبرها.
يُقال كلام كثير عن تقدم أخبارها عليها أو توسط الأخبار بينها وبين أسمائها، أما التوسط فقد رأيتم من الأمثلة أنه جائز وكثير، "ولا زال منهلا بجرعائك القطر"، وفي قول الله عزّ وجلّ ﴿ لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ ﴾ [الغاشية: 6]، لا مانع من أن يتوسط الخبر بين الفعل وبين الاسم.
أما تقدم أخبارها عليها فباتفاق لا يجوز تقدم خبر "دام" عليها، لم؟ لأن "ما" المصدرية من الألفاظ التي لها الصدارة، فلا يتقدم شيءٌ من متبوعاتها عليها، أما ليس ففيها خلافٌ طويلٌ، والصحيح أنه لا يجوز تقدم خبرها عليها لأنه لم يرد له شواهد، أما بقية الأفعال فباتفاق لم يُخالف في جواز تقدم أخبارها عليها أحدٌ إلا إن كان النفي الذي نشترطه في الأدوات التي يُشترط فيها تقدم النفي عليها، إن كان النفي بـ"ما" فإنهم لا يجيزون تقدم الخبر عليها، أما إن كان النفي بـ"لا" أو بـ"لن" أو بغيرها فلا مانع من تقدم أخبارها عليها.
ثم ننتقل بعد هذا إلى بابٍ جديدٍ وهو باب إنّ وأخواتها، قال المصنف ( وَأَمَّا إِنَّ وَأَخَوَاتُهَا فَإِنَّهَا تَنْصِبُ الاسْمَ وَتَرْفَعُ الْخَبَرَ )، كما ترون عملها عكس عمل كان وأخواتها، لأن في كان وأخواتها كان الاسم هو المرفوع والخبر هو المنصوب، أما هنا فبالعكس، إن وأخواتها يكون اسمها منصوبًا ويكون خبرها مرفوعًا.
ثم قال ابن آجروم رحمه الله ( وهي ) يعني يعدد الآن إن وأخواتها، فيقول ( وَهِيَ: إِنَّ، وَأَنَّ، وَلَكِنَّ، وَكَأَنَّ، وَلَيْتَ، وَلَعَلَّ، تَقُولُ: إِنَّ زَيْدًا قَائِمٌ، وَلَيْتَ عَمْرًا شَاخِصٌ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ ) مثل لنا
بمثالين، أحدها لـ"إن" والآخر لـ"ليت"، وعليك أن تقيس، وهنا فيه اختلاف بينها وبين كان وأخواتها من حيث توسط الخبر ومن حيث تقدم الخبر عليها، فأولا بإجماع لا يجوز تقدم أخبارها عليها، أما توسط الخبر بين "إن" واسمها أو "ليت" واسمها أو "لعل" واسمها فإنه جائزٌ بشرط أن يكون إمّا ظرفًا وإما جارًا ومجرورًا، وإذا كان غير ذلك فلا يجوز، فلا يجوز أن تقول "إنّ مجتهدٌ زيدًا"، هذا بإجماع، ويجوز أن تقول "إنّ في الدار زيدًا"، تقدم خيره وهو جار ومجرور، قال الله عزّ وجلّ ﴿ إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا ﴾ [المزمل:12]، فـ ﴿ لَدَيْنَا ﴾ هذا هو خبر ﴿ إِنَّ ﴾، و ﴿ أَنْكَالًا ﴾ هو اسمها وقد تأخر، ولا إشكال فيه لأن الخبر هنا ظرف، أما لو كان غير ظرفٍ فبإجماع لا يجوز، هذا فارقٌ دقيقٌ بين كان وأخواتها وإن وأخواتها.
هنا كانت المسألة مفتوحة من حيث توسط الخبر، سواءٌ أكان ظرفًا أم غيره، أما هنا فلا يجوز أن يتوسط الخبر إلا إذا كان ظرفًا أو جارًا ومجرورًا، ولا يجوز تقدمه مطلقًا وبإجماع لا خلاف في ذلك.
مثل لنا بمثالين فقال "إن زيدًا قائمٌ"، "إنّ" حرف توكيد ونصب، ويمكن أن تقول "إنّ" حرفٌ ناسخ، هذه كلها حروف، وهناك أفعال في باب كان وأخواتها، أقول "إنّ" حرف ناسخ، أو "إنّ" حرف توكيد ونصب، "زيدًا" اسمها منصوب، "قائم" خبرها، ومثله قولك "ليت عمرًا شاخصٌ"، فـ"ليت" حرفٌ ناسخ، وعمرًا اسمها، وشاخصٌ خبرها.
قال المصنف ( وَمَعْنَى إِنَّ وَأَنَّ لِلتَّوْكِيدِ )، أما "إنّ" فبإجماعٍ أنها تدل على التوكيد، وأما "أنّ" فبخلافٍ، فيها خلافٌ هل تدل على التوكيد أو لا تدل على التوكيد، من شواهد "إنّ" قول الرسول صلى الله عليه وسلم فيما رواه الشيخان ( إنّ أبغض الرجال إلى الله الألدُّ الخصم )، فأبغض هنا اسم "إنّ"، و"الألدُّ" خبرها، و"الخصم" يمكن أن تجعلها خبرًا ثانيًا ويمكن أن تجعلها صفةً لـ"الألد"، وقال الله عزّ وجلّ، وهذا شاهدٌ لإعمال "أنّ"، قال الله عزّ وجلّ ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا ﴾ [مريم:83]، فـ"أنَّ" هذه من أخوات "إنّ"، وهي ناسخة، و"نَا" اسمها ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب، وقوله سبحانه ﴿ أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ ﴾ هذه الجملة واقعة في محل رفع خبر "أنَّ".
قال المصنف ( وَلَكِنَّ لِلِاسْتِدْرَاكِ )، ومن شواهدها قول الله عزّ وجلّ ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾ [يونس: 44]، فـ ﴿ النَّاسَ ﴾ هنا اسم ﴿ لَكِنَّ ﴾ منصوب، وجملة ﴿
أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾ فـ ﴿ أَنْفُسَهُمْ ﴾ مفعول ﴿ يَظْلِمُونَ ﴾ مُقدّم، فـ ﴿ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾ هنا في محل رفع خبر ﴿ لَكِنَّ ﴾، و ﴿ لَكِنَّ ﴾ هنا حرفٌ يدل على الاستدراك، وهذا معناه الذي ذكره المصنف.
مما يُقال في ﴿ لَكِنَّ ﴾ بعضهم يرى أنها حرفٌ واحدٌ، وبعضهم يقول لا، إنها مركبة من حرفين، من "لا" النافية و"كأنّ" وخُففت بحذف الهمزة، والصواب أنها حرف واحدٌ، ولذلك لا نحتاج إلى تطويلٍ في هذا الموضوع.
أما "كأنَّ" يا أيها الأحباب فهي حرفٌ يدل على التشبيه، كما قال المصنف هنا، من شواهدها قول الله عزّ وجلّ ﴿ وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ ﴾ [القصص: 82]، ﴿ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ ﴾، ﴿ كَأَنَّ ﴾ حرفٌ ناسخٌ، ﴿ اللَّهَ ﴾ لفظ الجلالة اسمها منصوب على التعظيم، ﴿ يَبْسُطُ الرِّزْقَ ﴾ هذه الجملة في محل رفع خبر ﴿ كَأَنَّ ﴾، و"كأنّ" كما ترون دالة على التشبيه.
قال المصنف أيضًا ( وَلَيْتَ لِلتَّمَنِّي، وَلَعَلَّ لِلتَّرَجِي )، فما الفرق بين التمني والترجي، التمني طلب ما يستحيل حصوله أو ما يبعد حصوله، التمني طلب المستحيل أو ما يبعد حصوله، وأما الترجي فهو طلب ما هو قريب الحصول أو ممكن الحصول أو متوقع الحصول أيضًا، من شواهد ذلك قول الله صلى الله عليه وسلم في ما رواه الشيخان عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم سهر، فلما قدم المدينة قال ( ليت رجلا من أصحابي صالحًا يحرسني الليلة )، فـ( رجلا ) هذا اسمها، و( من أصحابي ) هذه جار ومجرور صفة لرجل، و( صالحٌ ) صفة ثانية، وجملة ( يحرسني ) في محل رفع خبر ( ليت ).
من شواهد "لعل" قول الله عزّ وجلّ ﴿ اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ ﴾ [الشورى: 17]، فـ ﴿ لَعَلَّ ﴾ حرف ناسخ، و ﴿ السَّاعَةَ ﴾ اسمها، و ﴿ قَرِيبٌ ﴾ خبرها.
لا بأس أن نذكر في ختام هذا الموضوع ما يتعلق بـ"لعل" من ما ذكره المرادي في كتابه، قال المرادي: و"لعل" لها ثمانية معانٍ، أولها كما ذكرنا قبل قليل الترجي، ومنها قولك "لعل الله يرحمنا"، ففي هذا المثال رجاؤك رحمة الله، المعنى الثاني من معانيها الإشفاق، كقولك "لعل العدوَّ قادم"، فأنت تتوقع وصوله أو تخاف منه أو تشفق منه فتقول ذلك، من معاني "لعل" التعليل، ومنه قول الله عزّ وجلّ ـ على سبيل المثال، وهو كثير ـ ﴿ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾ [البقرة: 150]، أي "ولتهدوا" والله أعلم، من معانيها كما ذكر المرادي الاستفهام، ومنه وقول الله عزّ وجلّ ﴿ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى ﴾ [عيسى: 3]، قال لأن المعنى هنا "وما يدريك هل يزكّى"، فكأنها دالة على الاستفهام في هذه الآية الكريمة، قال ومن معانيها الشك، ومنه أن تقول وأنت شاكٌّ في مجيء شخص "لعله يجيء"، أنت تشك في مجيئه، وهذه بعض المعاني التي أوردها المرادي في كتابه "الجنى الداني في حروف المعاني"، وهو كتابٌ قيم ذكر فيه الحروف عمومًا وخاصة التي لها معانٍ متعددة أو مختلفة، منها حروف الجر، منها إنّ وأخواتها، منها "إلا" وهكذا، ذكر لها معاني متعددة.
هذه إنّ وأخواتها وقد انتهينا من الحديث فيها، ولا إشكال فيها إلا من ناحية تقدم أخبارها عليها كما ذكرتُ لكم أنه لا يجوز بإجماع، ومن ناحية توسط أخبارها بينها وبين أسمائها، وإلا فلا إشكالات فيها والحمد لله رب العالمين.
ننتقل إلى بابٍ جديد ذكره المصنف وهو ظن وأخواتها، فقال المصنف رحمنا الله وإياه ( وَأَمَّا ظَنَنْتُ وَأَخَوَاتُهَا فَإِنَّهَا تَنْصِبُ الْمُبْتَدَأَ وَالْخَبَرَ عَلَى أَنَّهُمَا مَفْعُولَانِ لَهَا )، تقول "ظننتُ زيدًا مجتهدًا"، "ظنَّ" فعلٌ ماضٍ، والتاء فاعل، "زيدًا" مفعول به أول، و"مجتهدًا" مفعولٌ به ثانٍ، فبعد أن كانت كلمة "زيدٌ مجتهدٌ" كانت مبتدءًا وخبرًا دخلت عليها "ظنّ" فنسخت حكمها فجعلت المبتدأ مفعولا به أولا، والخبر مفعولا به ثانيًا، وغيرت حكم الرفع إلى النصب، فصار المبتدأ منصوبًا على أنه مفعول به أول، وصار الخبر منصوبًا على أنه مفعول به ثاني.
قال المصنف أيضًا ( وَهِيَ: ظَنَنْتُ، وَحَسِبْتُ، وَخِلْتُ، وَزَعَمْتُ، وَرَأَيْتُ، وَعَلِمْتُ، وَوَجَدْتُ، وَاتَّخَذْتُ، وَجَعَلْتُ، وَسَمِعْتُ؛ تَقُولُ: "ظَنَنْتُ زَيْدًا قَائِمًا"، وَ"رَأَيْتُ عَمْرًا شاخصًا"، وَمَا
أَشْبَهَ ذَلِكَ )، نبدأ بآخر كلمة قالها لأنه قليلا ما ذُكرت هذه الكلمة وهي كلمة "سمعتُ"، هو ذكرها وقد سبقه بعض النحويين وهو الفارسي، ذكرا أنها من أخوات ظنَّ وأنها تنصب مفعولين، لكن بشرط أن يكون المفعولان اللذان تنصبها "سمع" ليس كلامًا، يعني لو قلتَ "سمعتُ زيدًا" هنا تنصب مفعولا به واحد، يعني "سمعتُ كلام زيدٍ".
فهذه لا تنصب إلا مفعولا به واحد، لكن لو قلت "سمعتُ زيدًا مجتهدًا"، هذه هي التي تنصب مفعولين، وكما قلتُ لكم إنه قليلٌ من النحويين ذكرها في باب ظنّ وأخواتها.
ثم نعود من الأول فنقول هذه الأفعال تدخل على المبتدأ والخبر فتنصبهما مفعولين، هذه الأفعال لابد أن تكون معانيها متعلقةً بالقلب أو بالفكر، ولذلك يسميها بعضهم باب الأفعال القلبية، أو باب الأفعال التي تنصب مفعولين، أو باب ظن وأخواتها، هناك تسميات متعددة لهذا الباب، لكن لابد أن تكون معانيها متعلقةً بالقلب أو بالفكر أو بالعقل أو ما شاكل ذلك. بعضها يدل على اليقين في الخبر، وبعضها يدل على الرجحان، وبعضها يحتمل الأمرين ويغلب فيه مثلا الرجحان وبعض آخر يغلب فيه اليقين، وكل واحدةٍ منها سنبين عندما نذكرها إن شاء الله تعالى ما الأصل فيها.
فنبدأ أولا بـ"ظنّ"، "ظنّ" الكثير والغالب فيها أن تدل على الرجحان في الخبر، من شواهدها قول الله عزّ وجلّ ﴿ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ ﴾ [هـود: 27]، "ظنّ" هنا دالة على الرجحان في الخبر، والكاف مفعول به أول، و ﴿ كَاذِبِينَ ﴾ مفعولٌ به ثان. أما ورودها دالة على اليقين في الخبر ـ وهذا قليل، فالغالب فيها أن تدل على الرجحان ـ فنحو قول الله عزّ وجلّ ﴿ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ ﴿45﴾ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴿46﴾ ﴾[البقرة:45، 46]، هؤلاء الخاشعون متيقنون بأنهم ملاقون الله سبحانه وتعالى، فليس مترجحًا عندهم، بل هو يقين، ولذلك خشعوا في صلاتهم، ﴿ وَإِنَّهَا ﴾ يعني الصلاة، ﴿ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ ﴿45﴾ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴿46﴾ ﴾، أين مفعولاها؟ "أنّ" وما دخلت عليه سدّت مسدّ المفعولين، بعضهم يرى أن "أنّ" وما دخلت عليه مفعول به أول، والمفعول به الثاني مقدر، فيكون التقدير
في هذه الآية الكريمة "يظنون ملاقاة ربهم حاصلة"، وهكذا انهجوا هذا النهج في كل ما ورد في باب "ظنّ" وأخواتها "أنّ" وأخواتها فإنه يمكن أن تؤولها بمصدر فتجعلها كافية أو سادة مسد المفعولين، أو تقول لا، هذا مصدر وهو المفعول به الأول والمفعول به الثاني مقدر.
من شواهد "حسب" قول الله عزّ وجلّ ﴿ وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا ﴾ [الإنسان: 19]، "حسب" هنا الغالب فيها أن تدل على الرجحان في الخبر، "حسب" هذا هو الفعل، والتاء فاعل، و"هم" مفعول به أول، و﴿ لُؤْلُؤًا ﴾ مفعولٌ به ثانٍ، أما ورود حسب ـ وهو قليل ـ دالةً على اليقين في الخبر فكقول الشاعر:
حسبت التقى والجود خير بضاعة        رباحا إذا ما المرء أصبـح ثاقل
"حسبت التقى والجود خير"، فـ"التقى" هو المفعول به الأول، و"خير" هو المفعول به الثاني.
أما "خال" يا أيها الأحباب فكذلك، الكثير والغالب فيها أن تكون دالة على الرجحان في الخبر، ولكن قد ترد دالة على اليقين في الخبر، ومنه قول الشاعر:
إخالك إن لم تغضض الطرف ذا هوى        يسومك ما لا يُستطاع من الوجد
"إخال" هذا فعلٌ مضارع، والكاف مفعولٌ به أول، و"ذا هوًى" مفعولٌ به ثاني منصوب، وعلامة نصبه الألف لأنه من الأسماء الخمسة، أما ورود خال دالة على اليقين في الخبر فهو قليل، ولكن يستشهدون له بقول الشاعر:
دعاني الغواني عمهن و خلتني        لي اسم فلا أدعى به و هو أول
يعني أن الغواني قلن لي "يا عم"، وهو لا يريد أن يقلن له "يا عم" لأنه يرى نفسه شبابًا، فيقول " و خلتني لي اسم فلا أدعى به و هو أول "، يعني أحسن أن يُقال لي فلان، ولا يقلن "يا عم"، المهم أن "خال" هنا تدل على اليقين، لأنه متأكد أن له اسم.
أما "زعم" فلا تدل إلا على الرجحان في الخبر، ولا تدل إلا على الرجحان في الخبر، ولا تدل على اليقين، ومنه قول الله عزّ وجلّ ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [الجمعة: 6]، ومنه قوله سبحانه ﴿ زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا ﴾ [التغابن: 7]، وأكثر ما تتعدى به "زعم" أن تكون داخلة على "أنَّ" واسمها وخبرها، أو على "أنْ" وما يتلوها من مصدر أو ما يؤول بمصدرٍ بعدها، هذا أكثر ما يجئ الفعل زعم، وقد ورد ناصبًا لمفعولين ليس فيهما لا "أنْ" ولا "أنَّ"، ومنه قول الشاعر:
زعمتني شيخًا وليستُ بشيخٍ        إنما الشيخ من يدب دبيبً
" زعمتني شيخًا "، الياء مفعول به أول، و"شيخًا" مفعول به ثاني.
أما "وجد" فهي أحيانًا تكون قلبية، وأحيانًا بمعنى عثر على ضالته، يعني وجدها، وأحيانًا تكون بمعنى حقد عليه، "وجد على فلانٍ" يعني حقد عليه، فإذا كانت بمعنى حقد فهي ما تتعدى إلى شيءٍ، لا تنصب أصلا مفعول به، وإن كانت بمعنى عثر على ضالته فهي تنصب مفعولا به واحد، تقول "وجد محمدٌ بعيره"، أو "قلمه" أو "كتابه"، وأما في هذا الباب فإنها تنصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر، في قول الله عزّ وجلّ ﴿ وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا ﴾ [الكهف: 53]، من أي الأنواع هذه؟ هذه من مثل قولك "وجد فلانٌ ضالته".
أما ورودها ناصبةً لمفعولين فنحو قول الله عزّ وجلّ ﴿ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا ﴾ [المزمل: 20]، ﴿ تَجِدُوهُ ﴾ مفعول به أول، و ﴿ خَيْرًا ﴾ مفعولٌ به ثاني.
أما "رأى" فالكثير والغالب فيها أن تكون دالة على اليقين في الخبر، وقد ترد دالة على الشك أو على الرجحان في الخبر، ومن ذلك جُمع بين الدلالتين في قول الله عزّ وجلّ ﴿ إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا ﴿6﴾ وَنَرَاهُ قَرِيبًا ﴿7﴾ ﴾ [المعارج: 6، 7]، فأما قوله سبحانه ﴿ إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا ﴾ فإن هذه الرؤية تدل على الرجحان في الخبر، لأنه يترجح عندهم بعد قيام الساعة، أما قوله سبحانه ﴿ وَنَرَاهُ قَرِيبًا ﴾، فإن هذا يدل على اليقين في الخبر، وهو الغالب فيها.
قبل أن ننتقل عن "رأى"، "رأى" أحيانًا تأتي بصرية، وأحيانًا تأتي علمية وهي التي ذكرناها في هذه الآية الكريمة، وأحيانًا تأتي حُلمية، يعني من "الحُلم" وهو المنام، فإذا كانت بصرية فإنها تنصب مفعولا به واحد فقط، تقول "رأيتُ محمدًا"، أو "رأيتُ الباب"، أو "رأيتُ الأرض"، إلخ، لا تنصب إلا مفعولا به واحد، وإن كانت قلبية فإنها تنصب مفعولين كما ذكرت لكم قبل قليل، ﴿ إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا ﴿6﴾
وَنَرَاهُ قَرِيبًا ﴿7﴾ ﴾ [المعارج: 6، 7]، وإن كانت حُلمية فكذلك، تنصب مفعولين، قالوا ومنه قول الشاعر:
أبو حنشٍ يؤرقني وطلق           وعـــمّـارٌ وآونــة أُثـالــى
أراهم رفقتي حتى إذا ما      تجافى الليل وانخزل انخزال
إذا أنا كالذي يجري لورد           إلـى آلٍ فلـم يـدرك بـــلال
" أراهم رفقتي حتى إذا ما تجافى الليل وانخزل انخزالا "، الآن دليل على أن هذه الرؤية رؤية منامية، والشاهد عندنا في قوله " أراهم رفقتي"، فإن "أرى" هنا حُلمية، وقد نصبت مفعولين، الأول هم قولهم "هم"، والثاني هو قوله "رُفقتي".
أما "علم" فهي مثل رأى في الدلالة، ذلك أن الغالب فيها أنها تدل على اليقين في الخبر، ولكن أيضًا قد تدل على الرجحان، أما دلالتها على اليقين فمن شواهدها قول الله عزّ وجلّ ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ ﴾ [محمد: 19]، ﴿ فَاعْلَمْ ﴾ يعني تيقن أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك، وأما دلالتها على الرجحان فقد وردت في مواضع قليلة، ولكن منها قول الله عزّ وجلّ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ ﴾ [الممتحنة: 10]، لأن المعنى هنا ـ والله أعلم ـ "فإن ترجح لديكم إيمانهن"، لأن اليقين الله وحده هو المطلع عليه، أنت لا تستطيع أن تحكم بأن فلانًا مؤمن أو أنه ليس مؤمن، لكن الذي يترجح لديك هو إيمانه أو يترجح عدم إيمانه، فالظاهر ـ والله أعلم ـ أن علم في هذه الآية تدل على الرجحان في الخبر.
ومن الأفعال التي ذكرها المؤلف "اتَّخذ"، و"اتخذ" ليست من الأفعال القلبية وإنما هي فعلٌ يدل على التصيير، والأفعال الدالة على التصيير تدخل أيضًا على المبتدأ والخبر فتنصبهما مفعولين، ولكن معانيها ليست متعلقة بالقلب، ومن شواهدها قول الله عزّ وجلّ ﴿ وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا ﴾ [النساء: 125]، ﴿ اتَّخَذَ ﴾ هذا فعلٌ ماضٍ، ﴿ اللَّهُ ﴾ لفظ الجلالة فاعل، ﴿ إِبْرَاهِيمَ ﴾ مفعولٌ به أول، و﴿ خَلِيلًا ﴾ مفعولٌ به ثانِ.
فيه كلمة "اتخذ" بعضهم يخفف فيقول "تخذ"، وهي تعمل العمل نفسه فتنصب مفعولين، ومن شواهدها قول الشاعر:
تخذتُ غراز إثرهمُ دليلا         وفروا في الحجار ليعجزوني
"تخذ" هذا فعل ماضٍ، والتاء فاعل، و"غراز" مفعول به أول، و"دليلا" مفعولٌ به ثاني.
من الأفعال أيضًا التي ذكرها المصنف "جعل"، و"جعل" الموجودة عندنا في هذا الباب نوعان، واحد منها للظن أو متعلق معناه بالقلب، ونوعٌ آخر للتصيير، وكلا الأمرين يعملان العمل نفسه، فينصبان مفعولين، مما كان معناه متعلقًا بالقلب قول الله عزّ وجلّ ﴿ وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا ﴾ [الزخرف: 19]، يعني اعتقدوهم، ما صيروهم طبعًا، لكنهم اعتقدوا أن الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثًا، فالملائكة هنا مفعول به أول لـ"جعل"، والواو طبعًا في ﴿ جَعَلُوا ﴾ فاعل، و﴿ إِنَاثًا ﴾ مفعولٌ به ثانٍ.
أما "جعل" التي بمعنى "صيّر" فلعل من شواهدها ما رواه الشيخان من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم وهو قوله ( جعل الله الرحمة مائة جزءٍ، فأمسك عنده تسعًا وتسعين، وأنزل في الأرض جزءًا واحدًا، فمن ذلك يتراحم الخلق حتى ترفع الفرس حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه )، اللهم ارحمنا برحمتك يا رب العالمين، انظر إلى هذه الرحمة العظيمة، ﴿ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ﴾ [الأعـراف: 156]، هذه الرحمة التي يتراحم بها الخلق في هذه الدنيا كلها جزءٌ واحدٌ مما ادخره الله ليوم القيامة، نسأل الله العلي القدير أن يرحمنا وإيّاكم، الشاهد عندنا في قوله ( جعل الله الرحمة مائة جزءٍ )، ( جعل ) هذا هو الفعل الذي بمعنى "صيّر"، و ( الله ) لفظ الجلالة فاعل، و ( الرحمة ) مفعولٌ به أول، و ( مائة جزءٍ ) مفعول به ثاني، وهو مضاف طبعًا وكلمة ( جزءٍ ) مضاف إليه.
أما "سمع" فقد أنهينا الحديث فيها في بداية الأمر، وقد أهمل المصنف رحمه الله بعض أفعال التصيير فلم يذكرها، ويذكر بعض النحويين هذه الأفعال، أنا أذكر لكم بعضها ونترك بعضها الآخر، من الأفعال التي ذكرها بعض النحويين "ودّ"، ومنه قول الله عزّ وجلّ ﴿ وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ
إيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ ﴾ [البقرة: 109]، ومن أفعال التصيير أيضًا التي تركها المصنف"ترك"، ومنها قول الله عزّ وجلّ ﴿ وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ ﴾ [الكهف: 99]، فـ"ترك" فعلٌ يدل على التصيير.
وأيضًا منها "صيّر"، وهي فعلٌ أيضًا يدل على التصيير بصيغته وبلفظه، هذه الأفعال التي تركها المصنف، ونكتفي بهذا القدر بالنسبة للأفعال التي تركها المصنف، ونستمع منكم إذا أردتم أن تسألوا شيئًا متعلقًا بهذه الحلقة أو بغيرها.
سأل أحد الطلبة:
ما تعريف ظنّ وأخواتها؟ وما الفرق بينها وبين باقي الأفعال؟
أجاب الشيخ:
أولا بارك الله فيك، هذا الباب يُسمّى باب أفعال القلوب أحيانًا، ويُسمى باب ظن وأخواتها، ويسمى باب الأفعال الداخلة على المبتدأ والخبر فتنصبهما مفعولين، فمن خلال هذه التسميات يمكن أن نأخذ الفرق بينها وبين بقية الأفعال، وهي أن معظم الأفعال لا تنصب مفعولين، وإنما ينصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر وظن وأخواتها وكذلك الأفعال الدالة على التصيير.
هناك أفعال تنصب مفعولين أيضًا ولكن ليس أصل المفعولين مبتدءًا وخبرًا، وهي ما يسمونه بباب أعطى، وباب كسا، "كسوتُ زيدًا جُبّةً" مثلا، و"أعطيتُ عمرًا دينارًا"، "عمرو" و"دينار" ليس أصله مبتدءًا وخبرًا، فهذا يميزها عن بقية الأفعال أنها تنصب مفعولين.
وأما تعريفها فلا أعرف شيئًا يمكن أن نقوله فيه إلا أن نقول إنها أفعالٌ متعلقةٌ بالقلب في الغالب، وأحيانًا تكون أفعالا دالة على التصيير، وهي تنصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر.
سأل أحد الطلبة:
بارك الله فيكم فضيلة الشيخ، إذا أُلحقت ما بأخوات إن فهل تُبطل عملها أم لا؟
أجاب الشيخ:
هذا مما تركته اختصارًا، ولكن بارك الله فيك حين سألت عنه، "ما" إذا دخلت على إنّ وأخواتها فإنها تبطل عملها قولا واحدًا وتهيؤها للدخول على الجمل.
ونكتفي بهذا القدر، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحابته أجمعين.



الموضوع التالي


العَلَم

الموضوع السابق


الخبر إذا كان جملة