الحديث عن المذكر
 

الدرس الرابع عشر من سلسلة شرح المقدمة الآجرومية للشيخ حسن الحفظي

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين.
أيها الأخوة الكرام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نواصل الحديث بإذن الله تعالى في شرح ما يتيسر من الآجرومية وقد انتهينا في لقاءنا الماضي عن أول نوع من أنواع المعارف وهو الضمير .
واليوم نتحدث بإذن الله تعالى في باب العلم .
والعلم لا يشمله تعريف واحد لأنه قسمان رئيسان لا يدخل بعضهما في بعض، فأما القسم المشهور المعروف فهو العلم الشخصي .
والقسم الثاني يسمى بالعلم الجنسي .
والثاني ليس مشهوراً وليس متداولاً لكن سنعطي لمحة يسيره عنه .
فأما العلم الشخصي يا أيها الأحباب فهو الذي يعني يعرّفونه بقولهم هو الذي يعين مسماه تعيناً مطلقاً، فقولهم في التعريف يعين مسماه يدخل في جميع المعارف لأنها كلها تعين مسماها وقولهم تعييناًَ مطلقاً يخرج كل المعارف الأخرى غير العلم لماذا ؟
لأن المعارف الأخرى لا تعين مسماها أو ما تطلق عليه تعريفاً مطلقاً بل تحتاج إلى قرينة ثانية حتى تعرفه، ومن أجل هذا من أجل أنه يتعرف مباشرة تعريفاً مطلقاً رأى بعضهم تقديم العلم وجعله في أول المعارف، والحق أن يعني أكثر النحويين يقدمون الضمير على العلم،  المهم أن تعريف العلم بقولهم هو الذي يعين مسماه تعييناً مطلقاً يخرج بقية المعارف بقوله تعييناً مطلقاً لماذا ؟
قال لأن الضمير إما أن يدل على تكلم أو خطاب أو غيبة فهو يعين مسماه بأمرين بكونه ضميراً وبالخطاب أو بالغيبة أو بالتكلم هذا مثلاً أيضاً اسم الإشارة يتعرف بكونه اسم إشارة وبالإشارة إليه بالحضور، أيضاً الاسم الموصول يتعرف أيضاً بواسطة صلته، ذو الأداة أو ما دخلت عليه “أل” يتعرف بسبب “أل” فكلها أنواع المعارف الأخرى يعني تحتاج إلى أمرين إلى التعريف، أما هذا العلم الشخصي فإنه لا يحتاج إلا إلى أمر واحد حتى يعين مسماه تعيناً مطلقاً، تقول لي إذا قلنا محمد فمحمد ليس واحد وإنما هو يطلق على عدد كبير جداً من الناس، أقول لك إن بينك وبين المخاطب أو بينك وبين الحاضرين واحد فقط هو المقصود بقولك محمد ولذلك يتعين مباشرة بمجرد ما تقول محمد أو تقول عبد الله أو تقول زين العابدين أو نحو ذلك، هذا هو الذي جعلهم يجعلون العلم يعين مسماه تعييناً مطلقاً فهذا هو أول تقسيم له.
أما العلم الجنسي فسأذكر لمحة موجزة عنه يسيره، هو أيضاً يعين مسماه لكن ليس تعييناً مطلقاً بل كتعيين ما دخلت عليه “أل” الجنسية، وذلك أنك تقول أسامة تقصد به واحداً من الأسود لا تقصد به أسداً بعينه، فهو مثل ما تقول الرجل يبين لك هذا الجنس ولذلك سموه بالعلم الجنسي ونكتفي بهذا القدر في العلم الجنسي ثم نعود إلى تقسيمات العلم الأخرى، يقسمون العلم عدة تقسيمات سنأخذ بعضها التقسيم الأول أنه ينقسم إلى مرتجل ومنقول .
فأما المرتجل فهو الذي وضع من أول أمره علماً يمثلون له بكلمة سعاد فإنها ليست منقولة عن شيء آخر، ويمثلون بكلمة أدد فإنه ليس منقولا عن شيء آخر، هذا هو المرتجل .
أما المنقول فكثير وهو الغالب، فقد يكون منقولاً عن مصدر لقولهم فضل، لأنه مصدر فَضُلَ يَفْضُلُ فَضْلاً، وقد يكون منقولاً عن اسم فاعل كقولهم سالم أو مجاهد، أو مكرم، أو نحو ذلك، وقد يكون منقولاً عن اسم مفعول كقولهم مثلاً محمد أو محمود، وقد يكون منقولاً عن أفعل تفضيلا أو اسم تفضيل كقولهم أكرم،  وقد يكون منقولاً عن فعل إما ماضٍ كسحر أو سجى، وقد يكون منقولاً عن فعل مضارع كيزيد وتغلب ويشكر، وقد يكون منقولاً عن جملة والجملة التي سمعت عن العرب هي الجملة الفعلية قالوا مثلاً تأبط شراً هذا اسم علم ولكنه لم يسمع النقل عن الجملة الاسمية لكن لا مانع .
قياساً على ما ورد من الجملة الفعلية هذا هو العلم المنقول وهذه أنواعه، هذه أنواع العلم المنقول .
ننتقل إلى تقسيم آخر مهم في هذا الباب وهو أنهم  يقسمون العلم قسمين: قسم مفرد، وقسم مركب، فأما المفرد فنحو حسن وصالح ومحمد وزيد وعبيد وما شاكل هذا كله مفرد وأما المركب فيقسمونه ثلاثة أقسام:
القسم الأول: هو المركب الإضافي وهو كثير كعبد الله وعبد الرحمن وزين العابدين وأبي بكر، وإلى آخره وأم كلثوم وما شاكل ذلك هذه كلها مركبات تركيباً إضافياً سنعود له بعد قليل إذا تبين كيف نعربه .
الثاني: هو المركب المزجي، والمركب المزجي يقسمونه قسمين :
قسم منه مختوم بكلمة "ويه" وقسم منه غير مختوم بكلمة "ويه" فأما المختوم فنحو سيبويه نفطويه وخمرويه، وأما غير المختوم فنحو معدي كرب وبعلبك وحضرموت وما شاكلها هذا هو العلم المركب تركيباً مزجياً وسنعود له إن شاء الله .
أما الأخير: فهو المركب تركيباً إسنادياً والمقصود به هو ما تكون من جملة والغالب في هذه الجملة أن تكون فعلية لأن هذا هو المسموع عن العرب أما الجملة الاسمية فلم تسمع عن العرب لم يسمع التسمية بالجملة الاسمية يعني ما سمعناه أنهم سموا شخصاً مثلاً بزيد مجتهد ما سمعنا بهذا .
لكننا سمعناهم يسمون بتأبط شراً، جد ثدياها وكذا وكذا وإلى آخره، مجموعة من الأسماء جمل فعلية انتهينا ؟ لا بل نعود أقول المركب الإضافي يعني علامة الإعراب فيه تكون على الجزء الأول منه وأما الجزء الثاني فهو مجرور دائماً بالإضافة، تقول مثلاً : هذا عبد الله ورأيت عبد الله ومررت بعبد الله، فرأيت من الحركة الإعرابية على القسم الأول منه أما المركب تركيباً مزجياً، فهو في استعمالهم قسمان قسم منه يعرب إعراب الممنوع من الصرف يعني يرفع بالضمة وينصب ويجر بالفتحة ولا ينون وهو غير المختوم بكلمة "ويه" نحو معدي كرب وبعلبك وحضرموت وما شاكل هذا تقول هذه حضرموتُ وزرت حضرموتَ ونظرتُ إلى حضرموتَ .
وأما القسم الثاني: فهو المختوم بكلمة "ويه"، وأغلب العرب يبنونه على الكسر فيقولون مثلاً جاء سيبويه ورأيت سيبويه ومررت بسيبويه، لو سألت عن سبب بنائه، تقول: لأنه مختوم بكلمة ويه مما جعله أشبه بأسماء الأصوات وأسماء الأصوات مبينة .
نأتي إلى المركب تركيباً إسنادياً، أما المركب تركيباً إسنادياً بارك الله فيكم فنحو تأبط شراً هذا يقولون يلزم حالة واحدة ويعرب بحركات مقدرة على آخره فتقول جاء تأبط شراً ورأيت تأبط شراً وممرت بتأبط شراً وعند الإعراب نأخذ واحدة صورة منها مررت بتأبط شراً مررت فعل وفاعل والباء حرف جر تأبط شراً اسم مجرور بالباء وعلامة جره الكسرة المقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الحكاية لأنه يلزم صورة واحدة .
ما دام يلزم صورة واحدة لما لم تقولوا إنه مبني ؟ قال لأنه اسم والأسماء الأصل فيها الإعراب ولا تبني إلا إذا أشبهت الحروف وليس بينه وبين الحروف أي شبه، وأظن هذا الكلام واضح ولا نحتاج إلى مزيد.
بقي تقسيم أخير في باب العلم، وهو أنهم يقسمونه ثلاثة أقسام: يقسمونه إلى اسم، ولقب، وكنية، فيقولون إذا بُدِأت الكلمة بأب أو أم فهي كنية، إذا دل على رفعة المسمى أو على ضعته فهو لقب، إذا لم يكن على أي صورة من هاتين الصورتين فإنه الاسم، يعني مثلاً كلمة زيد هذه اسم، كلمة أبي بكر هذه كنية، كلمة زين العابدين هذه لقب لكونها تضمنت مدحاً، كلمة كرز وهو خرج الراعي لو سميته سقفاً بكرز هذا يقولون إنه لقب، المهم أنه متى تضمنت الكلمة مدحاً أو ذماً أو دلالة على رفعة المسمى أو على ضعته فهي لقب، متى بدأت الكلمة بكلمة أب أو بكلمة أم فهي كنية، متى خلت من ذلك فهي اسم
ولعل الأرجح في هذا التقسيم أن يقال ينظر إلى ما سمى به الولد الوالد ولده عند ولادته فإن كان مبدوءاً بلفظ أب مثلاً أنه سمى ولده أبو بكر في بداية أول ما ولد فهل نعد هذه كنية أو نعده اسماً ؟ الصواب في رأيي أو الأرجح على الأقل، الأرجح أن تقول ما سمى الوالد به ولده عند ولادته هو الاسم، ثم بعد هذا إذا أُطلق عليه بأن كُني بأبي عبد الله أو أبي زيد أو أبي عمرو أو إلى آخره هذه كنية أو اشتهر بشيء ما فمُدح به أو ذم به هذا هو اللقب هذا هو الأرجح، وإن كانوا يقسمون على التقسيم الأول الذي ذكرت لكم فيقولون ما بُدأ بأب أو أم فهو كنية، ما دل على رفعة المسمى أو ضعته فهو لقب، ما لم يكن كذلك فهو اسم ولكم أن تختاروا واحداً من هذه الخيارات الموجودة عندكم، انتهينا من العلم باختصار.
ننتقل إلى اسم الإشارة، أما اسم الإشارة فله ألفاظ محدودة وهو النوع الثالث من أنواع المعارف، يشار إلى المفرد المذكر بهذا، ويشار إلى المفردة المؤنثة بهذه وهاته وذي وتي وذه وته، أما المثني المذكر فيقال فيه في حالة الرفع هذان ويقال فيه في حالتي النصب والجر هذين، وأما المثنى المؤنث فيقال فيه في حالة الرفع هاتان ويقال فيه في حالتي النصب والجر هاتين، وأما جماعة الذكور وجماعة الإناث فيشار إليهم بلفظ
واحد وهو أولاء أو هؤلاء، وبالمناسبة فإن الهاء الموجودة في بعض أسماء الإشارة ليست من اسم الإشارة، وإنما هي حرف للتنبيه وأما الاسم الإشارة فهو ما عداها فمثلاً في الإشارة إلى المفرد الحقيقة أن الإشارة إليه بكلمة ذا، يشار إليه بكلمة ذا، أما وجود هذه الهاء فإنما هي للتنبيه، حتى أنك لا تجدها في بعض الأحيان ﴿ أُولَئِكَ عَلَى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [البقرة:5] المهم أن أولئك هنا جاءت بدون هاء، وهكذا فإن الهاء ليست لازمة في اسم الإشارة وإنما اسم الإشارة هو بدونها، فيما يتحدث عنه في أسماء الإشارة أن هؤلاء خاصة بالعقلاء ولا تقول مثلا هؤلاء الأبواب، ولا تقول أكرمكم الله هؤلاء الحمر لا، وإنما تشير إليها بلفظ المفردة المؤنثة وتقول هذه الأبواب ، وتقول هذه الحمر إلى آخره .
المهم أن لفظ أولاء خاص بالعقلاء سواء أكانوا مذكرين أم كن مؤنثات هذا خاص بهم أما قول الشاعر:
ذم المنازل بعد منزلة اللوى          والعيش بعد أولئك الأيام
فقد أشار بأولئك إلى الأيام مع أنها غير عاقلة فالصحيح في روايته أنه بعد أولئك الأقوام، وحينئذ تبقى على الأصل، حتى لو قلنا إنها الرواية الصحيحة أولئك الأيام فنقول هذا استعمل في الشعر ولا يعتد به ولا يجرى عليه .
مما يتحدث عنه في باب أسماء الإشارة أن الإشارة نوعان إما قريب وإما بعيد، فالإشارة إلى القريب تقول هذا أو تقول ذا، أما الإشارة إلى البعيد فتقول فيها ذاك أو تقول ذلك ﴿ ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ ﴾ هذا دلالة على بعد منزلته وعلوها، ممكن أن تكون باللام وممكن أن تكون بدون لام تقول ذاك أو ذلك وبعضهم يجعل مراتب الإشارة ثلاثة:
إشارة إلى القريب.
وإشارة إلى المتوسط .
وإشارة إلى البعيد .
فأما الإشارة إلى القريب فهي ذا .
وأما الإشارة إلى المتوسط فهي ذاك .
وأما الإشارة إلى البعيد فهي ذلك .
ولك الحرية في ذلك، هذه اللام تمتنع أحياناً ذلك أنه إذا كان اسم الإشارة مبدوءاً بالهاء امتنعت .
اثنين : أنها تمتنع في المثنى مطلقاً سواء أكان مبدوءاً باللام أم غير مبدوء .
ثلاثة : أنها تمتنع في الجمع على لغة من مده، لأن بعضهم يرى أنه يمكن أن تقول أولى مقصورًا وتقول أولاء ممدوداً فعلى لغة من مد تمتنع اللام .
وهذا كل ما يقال في أسماء الإشارة، المصنف رحمنا الله وإياه، أهمل الحديث عن الاسم الموصول ولكننا مع ذلك ما قرأنا حديثه عن الاسم العلم، ولم نقرأه في اسم الإشارة، فأما الاسم العلم فقال: ( والاسم العلم نحو زيد ومكة ) زيد هذا علم على رجل، ومكة هذا علم على بلد، وهذا طبعاً من تقسيمات الأعلام أيضاً قد تكون على البلدان وقد تكون على القرى وقد تكون على الحيوانات حتى أيضاً يكون عند واحد، وقد تكون على ما لا يعقل من الجمادات.
ثم انتقل بعد هذا إلى الحديث في اسم الإشارة فقال ( والاسم المبهم ) ثم قال ( نحو هذا وهذه
وهؤلاء ) المقصود بالمبهم يا أيها الأحباب الغامض في الأصل، وبعضهم يدخل في المبهم أمرين الأمر الأول أسماء الإشارة والأمر الثاني الأسماء الموصولة المصنف هنا اكتفى بالحديث عن أسماء الإشارة ومع ذلك فله عذره لأنه قال ( والاسم المبهم نحو ) لما قال نحو ، معناه أن هناك شيئاً آخر غيره ( نحو هذا وهذه وهؤلاء ) ثم بعد هذا لم يتحدث المصنف عن الاسم الموصول ولكننا سنتحدث عنه لأهميته، أما تعريف الاسم الموصول أولاً هو النوع الرابع من أنواع المعارف، النوع الرابع من أنواع المعارف هو الاسم الموصول .
ثانياً تعريفه: هو الاسم الذي يفتقر إلى صلة وعائد، يفتقر دائما محتاج إلى صلة ولا تتم الفائدة من الاسم الموصول إلا بصلته والصلة هذه لابد أن يكون فيها عائد، هذا هو الاسم الموصول، وهو ينقسم قسمين :
قسم منه يسمى بالموصول الخاص، وهو أن يكون لكل نوع لفظ خاص به وقسم يسمى بالموصول المشترك وهو أن يكون اللفظ صالحاً للمذكر والمؤنث والمفرد والمثنى والمجرور فأما الأسماء الموصولة الخاصة فهي : الذي للمفرد، والتي للمفردة، واللذان رفعاً للمثنى المذكر، واللذين نصباً وجراً للمثنى المذكر، واللتان للمثنى المؤنث رفعاً واللتين نصباً وجراً للمثنى المؤنث والذين لجماعة الذكور واللاتي واللائي لجماعة الإناث.
هذه الأسماء الموصولة الخاصة لأن كل واحد منها يخص فئة معينة أما الأسماء الموصولة المشتركة فهي، بعضهم يكثرها وبعضهم يقللها ولكن نذكر لكم الأسماء الموصولة المشتركة هي لفظ "من" و"ما" وبعضهم يدخل معها “أل” ولفظ "أي" فهي اسم موصول مشترك ولفظ "ذو" عند الطائيين خاصةً فهم يستعملونه اسماً موصولاً مشتركاً نمثل على واحد من هذه الأسماء الموصولة المشتركة ونترك الباقي ولكم أن تقيسوا عليه .
أما الواحد هذا الذي سنمثل عليه فهو "من"، فتقول جاء من أحبه، وجاءت من أحبها، وجاء من أحبهما، سواء أقصدت مذكرين أم قصدت مؤنثين، فتقول جاءت من أحبهما وتقول جاء من أحبهم وجاء من أحبهن، فـ"من" هذا موصول مشترك عمَّ الجميع وتميز نوعه بواسطة صلته؛ لأن فيها ضميراً يدلك على المقصود من الاسم الموصول، هذا هو الموصول المشترك.
والموصول الخاص جاء الذي أحبه وجاءت التي أحبها وجاء اللذان أحبهما، وجاءت اللتان أحبهما أيضاً، وجاء الذين أحبهم، وجاء اللاتي أحبهن، وهذا بيّن وواضح بالنسبة للأسماء الموصولة الخاصة أن كل واحد منها يأتي معه يعني ما يبينه، وهذا الاسم الخاص كل واحد منها خاص بفئة معينه ولا يطلق على غيره ولا يطلق على غير هذه الفئة، نحن اشترطنا في أول ما بدأنا في الحديث عن الاسم الموصول قلنا هو ما يفتقر إلى صلة وعائد .
فأما الصلة يا أيها الأحباب فالأصل فيها أن تكون: إما جملة فعلية، وأما جملة اسمية، ولكن قد تكون أيضاً جاراً ومجروراً، وقد تكون ظرفاً، فأما الجملة فيشترط فيها أن تكون خبرية، يشترط في الجملة أن تكون خبرية، ولا يصح أن تكون إنشائية، فيجب أن تقول مثلاً جاء الذي أكرمته، ولا يصح أن تقول جاء الذي أكرمه لأنها إنشائية هذه، أما إن كانت خبرية فلا مانع هذا جانب. الجانب الثاني أنها تحتاج، أن الجملة هذه لابد أن تشتمل على ضمير يربطها بالاسم الموصول فأنت إذا قلت جاء الذي أكرمته، فإن الهاء هذه عائدة على الاسم الموصول ومبينة لحاله، وبخاصة إذا كان الاسم الموصول مشتركاً فلابد من هذه الصلة لتبين نوع هذا الموصول أهو واحد أو اثنان مذكر أو مؤنث جماعة، لابد من الصلة أن تكون موجودة معه وهذا كما يعني بينت لكم، فصلة الموصول الأصل فيها أن تكون إما جملة فعلية وإما جملة اسمية، جاء الذي أبوه مجتهد أو أبوه مخلص أو أبوه مسافر وهكذا، يمكن أن تقيس على هذه العبارة يمكن أن تقيس على هذه العبارة هذا بالنسبة لصلة الموصول لابد أن تكون إما جملة فعلية وإما جملة اسمية.
هل تكون غير ذلك ؟ نعم ، جاء الذي عندك أو عند عبد الله هذه ظرفية مكانية جاء الذي في المسجد أو رأيت الذي في المسجد، هذا جار ومجرور لا مانع، الجار والمجرور هنا والظرف ما متعلقه ؟ الصواب أن متعلقة فعل لابد أن يتعلق بفعل لماذا ؟ قال لأن الأصل في صلة الموصول أنها لابد أن تكون جملة،والجملة لابد أن يكون فيها فعل فلذلك إذا وردنا صلة للموصول وكانت هذه ظرفاً أو جاراً ومجروراً فلابد أن نعلقها بفعل هذا الحديث عن الأسماء الموصولة.
أما المعرف بـ “أل” فقد ذكره المؤلف، ولم يترك الحديث عنه كما ترك الحديث في باب الاسم الموصول، اكتفاءً منه بنوع واحد من المبهمات أو من المبهمين وهما اسم الإشارة والاسم الموصول؛ لأنه اكتفى بالحديث في اسم الأشارة، فأما المعرف بـ “أل” -يا أخي العزيز- فهو قال عنه المصنف ( الاسم الذي فيه الألف واللام نحو الرجل والغلام ) هذا كل حديثه عن الاسم المعرف بـ “أل” وهو النوع الخامس من أنواع المعارف .
أنواع المعارف مرة ثانية : الضمير، العلم، اسم الإشارة، الاسم الموصول المعرف بـ “أل” هذا هو النوع الخامس منها وأما “أل” الداخلة على الاسم فيقسمها النحويون ثلاثة أقسام، لأنها إما للعهد أولتعريف الجنس أو للاستغراق، والعهد قد يكون عهداً ذكرياً وقد يكون عهداً ذهنياً وقد يكون عهداً حضورياً، نمثل لكل واحدة منها أما العهد الذكري فهو لابد أن يكون سبق لما دخلت عليه ذكره في الكلام السابق قال الله عزّ وجلّ ﴿ إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولاً شَاهِداً عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولاً ﴿15﴾ فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ ﴾[المزمل:15-16] أي رسول ؟ هو المذكور سابقاً فـ “أل” الموجودة هنا هي “أل” التي للعهد الذكري، أما “أل” التي للعهد الذهني فنحو قولك مثلاً جاء الأستاذ تصلح لكل أستاذ لكن إذا كان بينك وبين المخاطب عهد في أستاذ معين فإنه لا ينصرف الذهن إلا إليه هذه “أل” المسماه بـ “أل” التي للعهد الذهني لأنه مخزون في الذهن أما العهد الحضوري فمنه قول الله عزّ وجلّ ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ﴾[المائدة: 3] فإن “أل” في اليوم للعهد الحضوري يعني اليوم الذي نحن فيه الآن هذه “أل” العهدية.
أما “أل” الجنسية أيها الأحباب فيطلق عليها بعضهم “أل” التي تدل على الماهية، ومن ذلك نحو قول الله عزّ وجلّ ﴿ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ﴾[الأنبياء: 30] وجعلنا من الماء يعني من هذا الجنس فـ“أل” هنا تدل على الجنس.
أما “أل” الاستغراقية التي تدل على الاستغراق فالاستغراق نوعان :
إما استغراق حقيقي ، وهو ما له أفراد يشملهم .
وإما استغراق مجازي، وهو ما ليس له أفراد في الخارج ولكنك تطلقه على سبيل المبالغة.
فأما الاستغراق الحقيقي فنحو قول الله عزّ وجلّ ﴿ وَالْعَصْرِ ﴿1﴾ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ﴿2﴾ إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾[العصر:1-3]
انتبه رحمك الله الإنسان هنا لو حذفت كلمة ال ووضعت مكانها كلمة كل فإنه يستقيم الكلام، لو قلت إن كل إنسان لفي خسر، ودليلك على ذلك أنه استثنى منه الإنسان واحد واستثنى منه جماعة هو قوله سبحانه وتعالى ﴿ إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ وهذا واضح في هذا الأمر ﴿ وَالْعَصْرِ ﴿1﴾ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ﴾ هذه “أل” التي للاستغراق الحقيقي، أما “أل” التي للاستغراق المجازي وهو ما بولغ فيه مبالغة فهي نحو قولك: أنت الرجل علماً، كأنك قلت أنت كل رجل، يعني لو وصف أي رجل في العالم بالعلم فأنت تجمع صفات العلم الموجودة فيه وهذا على سبيل المبالغة، ف “أل” الموجودة هذه “أل” التي تسمى التي للاستغراق المجازي أما الأولى في قول الله عزّ وجلّ ﴿ وَالْعَصْرِ ﴿1﴾ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ﴾ فهي للاستغراق الحقيقي .
ننتقل بعد هذا إلى حديث المصنف عن المعرفة بالإضافة، يعني أن يكون الاسم نكرة
فتضيفه إلى معرفة فيتعرف بالإضافة، وإذا أضفته إلى واحد مما مضى فهو الذي يمسى معرفة بالإضافة ، قال المصنف ( وما أضيف إلى واحد من هذه الأربعة ) هو طبعاً اكتفى بذكر أربعة، الأصل في الكلمة أن تكون نكره ثم تضيفها إلى الضمير فتتعرف فمثلاً عندك كلمة قلم نجرب عليها نقول هذا قلمك، قلم نكرة أضفتها إلى الضمير تعرفت بالإضافة، هذا قلم محمد أضفتها إلى العلم تعرفت بواسطة هذه الإضافة، هذا قلم هذا أضفتها إلى اسم الإشارة، هذا قلم الذي رأيته أمس أضفتها إلى اسم الموصول، هذا قلم الأستاذ أضفتها إلى المعرف بـ "أل" تعرفت بواسطة الإضافة إلى واحد من هذه الخمسة وليس كما قال المصنف رحمه الله إلي واحد من الأربعة.
قال صلى الله عليه وسلم ( من سره أن يبسط له رزقه وينسئ له في أثره فليصل رحمه ) رزقه هنا رزق نكره، أضفتها إلى الضمير فتعرفت بالإضافة وقال الله عزّ وجلّ ﴿ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ﴾[النحل: 103] فلسان نكره وأضفتها إلى الاسم الموصول فتعرفت وقول الله عزّ وجلّ ﴿ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَاماً وَرَحْمَةً ﴾[هود: 17] كتاب نكره أضفتها إلى العلم فتعرفت بسبب الإضافة وقال الله عزّ وجلّ ﴿إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ ﴾[آل عمران:68] النكرة هي كلمة ولي والمعرفة التي أضيفت إليها واكتسبت منها التعريف هي كلمة المؤمنين وهي معرفة بـ “أل” .
هذا عن ما أضيف إلى واحد من هذه الأربعة ننتقل إلى حديث المصنف عن النكرة قال المصنف(والنكرة كل اسم شائع في جنسه لا يختص به واحد دون آخر، وتقريبه كل ما صلح دخول الألف واللام عليه، نحو الرجل والفرس ).
ولكننا لن نبدأ في شرحها لأن الوقت أوشك فسنترك المجال لكم لتوجيه الأسئلة، وإذا لم تسألوا سألت أنا إن شاء الله فيما مضى، تفضلوا بارك الله فيكم .
سأل أحد الطلبة:
جزاكم الله خير، لقد تخلل شرحكم ذكر أسماء الأصوات فما تعريفها مع التمثيل والإعراب ؟
أجاب الشيخ:
بارك الله فيكم، أولاً أسماء الأصوات هذه يقولون من الأسماء المبينة وهذه أسماء يعني يعبر بها عنصوتٍ معين فمثلاً يعبرون عن صوت الغراب مثلا بغاق، وعن صوت شيء كسرته أو أُلقى على الأرض كلمة قب، هذه بعض أسماء الأصوات المبنية وليس المقصود بها مثلاً صوت فحيح الأفعى أو رغاء الإبل أو ثغاء الشاة أو ما شاكل ذلك، ليس هذا هو المقصود وإنما المقصود التعبير عن بعض الأصوات للحيوانات أو للأشياء التي تستعملها وتتعامل معها وهذا كما مثلت لك قبل قليل .
سأل الطالب:
وكيف تعرب أسماء الأصوات ؟
أكمل الشيخ:
عفواً هي تلزم حالة واحدة لأنها مبنية أشبهت الحروف فبنيت، نعم تفضل .
سأل أحد الطلبة:
فضيلة الشيخ جزاكم الله خير، قلتم الضمير أظهر في المعرفة من الاسم العلم لأنه يدل على المراد بنفسه لمشاهدة مدلوله ألا نقول اسم الإشارة كذلك يكون أعرف من اسم العلم ؟
أجاب الشيخ:
أما ترتيب المعارف على حسب الأعرفية أيها أعرف فقد اختلفوا فيه لكن أغلبهم يرتبون بادئين بالضمير فيقولون هو أعرف المعارف ثم يلونه بالعلم ثم يلونه بأسماء الإشارة، أنا وجدت بعضهم يقدم اسم الإشارة لأنه حاضر معك ولأن تعريفه بالإشارة إليه، فهذا قد يكون صحيحاً لكن الأولى فيه تصور أن يقدم الضمير على أنه أعرف المعارف لأن فيه شيئاً أو نوع واحد منها مثلاً وهو ضمير المتكلم وليس هناك شيء يكون أعرف من الشخص بنفسه، فهو يعرف نفسه أكثر مما يعرفه أي شيء أو أكثر مما يعرف أي شيئاً آخر فمن أجل هذا قدمه بعضهم لعله من أجل هذا قدم الحديث عن الضمير وجعل في أول أنواع المعارف، نعم تفضل .
سأل أحد الطلبة:
نعم جزاكم الله خير نريد إعراب قول الله عزّ وجلّ في سورة آل عمران ﴿ هَا أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ ﴾[آل عمران:119] .
أجاب الشيخ: ﴿ هَا أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ ﴾ أما هاء فهذه للتنبيه حرف للتنبيه لا محل له من الإعراب، لعلنا في لقاء آخر إن شاء الله يا أخي نعربها لك، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين .

الموضوع التالي


التوابع : باب النعت

الموضوع السابق


العَلَم