النوع الحادي عشر ما تكرر نزوله
 
صرح جماعة من المتقدمين والمتأخرين بأن من القرآن ما تكرر نزوله‏.‏
وقال ابن الحصار‏:‏ قد يتكرر نزول الآية تذكيراً وموعظة وذكر من ذلك خواتيم سورة النحر وأول سورة الروم‏.‏
وذكر ابن كثير منه آية الروح‏.‏
وذكر قوم منه الفاتحة‏.‏
وذكر بعضهم منه قوله ‏{‏ما كان للنبي والذين آمنوا‏}‏ الآية وقال الزركشي في البرهان‏:‏ قد ينزل الشيء مرتين تعظيماً لشأنه وتذكيراً عند حدوث سببه وخوف نسيانه‏.‏
ثم ذكر منه آية الروح‏.‏
وقوله ‏{‏أقم الصلاة طرفي النهار‏}‏ الآية قال‏:‏ فإن سورة الإسراء وهود مكيتان وسبب نزولهما يدل على أنهما نزلتا بالمدينة ولهذا أشكل ذلك على بعضهم ولا إشكال لأنها نزلت مرة بعد مرة‏.‏
قال‏:‏ وكذلك ما ورد في سورة الإخلاص من أنها جواب للمشركين بمكة وجواب لأهل الكتاب بالمدينة‏.‏
وكذلك قوله تقتضي نزول آية وقد نزل قبل ذلك ما يتضمنها فيوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم تلك الآية بعينها تذكيراً لهم‏.‏
تنبيه قد يجعل من ذلك الأحرف التي تقرأ على وجهين فأكثر ويدل له ما أخرجه مسلم من حديث أبيّ إن ربي أرسل إلي أن اقرأ القرآن على حرف فرددت إليه أن هوّن على أمتي فأرسل إليّ أن أقرأه على حرفين فرددت إليه أن هوّن على أمتي فأرسل إليّ أقرأه على سبعة أحرف فهذا الحديث يدل على أن القرآن لم ينزل من أول وهلة بل مرة بعد أخرى‏.‏
وفي جمال القراء للسخاوي بعد أن حكى القول بنزول الفاتحة مرتين‏:‏ فإن قيل ما فائدة نزولها مرة ثانية قلت‏:‏ يجوز أن تكون نزلت أول مرة على حرف واحد ونزلت الثانية ببقية وجوهها نحو‏:‏ ملك ومالك والسراط والصراط ونحوذلك اه‏.‏
تنبيه أنكر بعضهم كون شيء من القرآن تكرر نزوله كذا رأيته في كتاب الكفيل بمعاني التنزيل‏.‏
وعلله بأن تحصيل ما هوحاصل لا فائدة فيه وهومردود مما تقدم من فوائده وبأنه يلزم منه أن يكون كل ما نزل بمكة نزل بالمدينة مرة أخرى فإن جبريل كان يعارضه القرآن كل سنة‏.‏
ورد بمنع الملازمة بأنه لا معنى للإنزال إلا أن جبريل كان ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بقرآن لم يكن نزل به من قبل فيقرئه إياه‏.‏
ورد بمنع اشتراط قوله لم يكن نزل به من قبل ثم قال‏:‏ ولعلهم يعنون بنزولها مرتين أن جبريل نزل حين حولت القبلة فأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن الفاتحة ركن في الصلاة كما كانت بمكة فظن ذلك نزولاً لها مرة أخرى أوأقرأه فيها قراءة أخرى لم يقرئها له بمكة فظن ذلك إنزالاً اه‏.‏
*******************