النوع التاسع والثلاثون في معرفة الوجوه والنظائر
 
صنف فيه قديماً مقاتل بن سليمان ومن المتأخرين ابن الجوزي وابن الدامغاني وأبوالحسين محمد بن عبد الصمد المصري وابن فارس وآخرون فالوجوه‏:‏ اللفظ المشترك الذي يستعمل في عدة معان كلفظ الأمة وقد أفردت في هذا الفن كتاباً سميته معترك الأقران في مشترك القرآن والنظائر‏:‏ كألفاظ المتواطئة‏.‏
وقيل النظائر في اللفظ والوجوه في المعاني‏.‏
وضعف لأنه لوأريد هذا لكان الجمع في الألفاظ المشتركة وهم يذكرون في تلك الكتب اللفظ الذي معناه واحد في مواضع كثيرة فيجعلون الوجوه نوعاً لأقسام والنظائر نواً لآخر‏.‏
وقد جعل بعضهم ذلك من أنواع معجزات القرآن حيث كانت الكلمة الواحدة تنصرف إلى عشرين وجهاً وأكثر وأقل ولا يوجد ذلك في كلام البشر‏.‏
وذكر مقاتل في صدر كتابه حديثاً مرفوعاً‏:‏ لا يكون الرجل فقيهاً كل الفقه حتى يرى للقرآن وجوهاً كثيرة‏.‏
قلت‏:‏ هذا أخرجه ابن سعد وغيره عن أبي الدرداء موقوفاً ولفظه لا يفقه الرجل كل الفقه وقد فسره بعضهم بأن المراد أن يرى اللفظ الواحد يحتمل معاني متعدد فيحمله عليها إذا كانت غير متضادة ولا يقتصر به على معنى واحد‏.‏
وأشار آخرون إلى أن المراد به استعمال الإشارات الباطنة وعدم الاقتصار على التفسير الظاهر‏.‏
وفقد أخرجه ابن عساكر في تاريخ من طريق حماد بن زيد عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي الدرداء قال‏:‏ إنك لن تفقه كل الفقه حتى ترى للقرآن وجوهاً‏.‏
قال حماد‏:‏ فقلت لأيوب‏:‏ أرأيت قوله‏:‏ حتى ترى للقرآن وجوهاً أهوأن ترى له وجوهاً فتهاب الإقدام عليه قال‏:‏ نعم هوهذا‏.‏
وأخرج ابن سعد من طريق عكرمة عن ابن عباس أن علي بن أبي طالب أرسله إلى الخوارج فقال‏:‏ اذهب إليهم فخاصمهم ولا تحاجهم بالقرآن فإنه ذووجوه ولكن خاصمهم بالسنة‏.‏
وأخرج من وجه آخر أن ابن عباس قال له‏:‏ يا أمير المؤمنين فأنا أعلم بكتاب الله منهم في بيوتنا نزل قال‏:‏ صدقت ولكن القرآن حمال ذووجوه تقول ويقولون ولكن خاصمهم بالسنن فإنهم لم يجدوا عنها محيصاً فخرج إليهم فخاصمهم بالسنن فلم تبق بأيديهم حجة‏.‏
وهذه عيون من أمثلة هذا النوع‏.‏
ومن ذلك‏:‏ الهدى يأتي على سبعة عشر وجهاً‏.‏
بمعنى الثبات‏:‏ {اهدنا الصراط المستقيم}‏.‏
والبيان‏:‏ {أولئك على هدى من ربهم}‏.‏
والدين‏:‏ {إن الهدى هدى الله}‏.‏
والإيمان‏:‏ {ويزيد الله الذين اهتدوا هدى}‏.‏
والدعاء‏:‏ {ولكل قوم هاد}‏.‏
{هل لك إلى أن تزكى} {وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا}‏.‏
وبمعنى الرسل والكتب‏:‏ {فإما يأتينكم مني هدى}‏.‏
والمعرفة‏:‏ {وبالنجم هم يهتدون}‏.‏
وبمعنى النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ {إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى}‏.‏
وبمعنى القرآن‏:‏ {ولقد جاءهم من ربهم الهدى} والتوراة {ولقد آتينا موسى الهدى}‏.‏
والاسترجاع‏.‏
{وأولئك هم المهتدون}‏.‏
والحجة‏:‏ لا يهدي القوم الظالمين بعد قوله تعالى {ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه} أي لا يهديهم حجة‏.‏
والتوحيد‏:‏ {إن نتبع الهدى معك}‏.‏
والسنة‏:‏ {فبهداهم اقتده}‏.‏
{وإنا على آثارهم مهتدون}‏.‏
والإصلاح‏:‏ {إن الله لا يهدي كيد الخائنين}‏.‏
والإلهام‏:‏ {أعطى كل شيء خلقه ثم هدى}‏:‏ أي ألهم المعاش‏.‏
والتوبة‏:‏ {إنا هدنا إليك}‏.‏
والإرشاد‏:‏ {أن يهديني سواء السبيل}‏.‏
ومن ذلك‏:‏ السوء يأتي على أوجه الشدة‏:‏ {يسومونكم سوء العذاب}‏.‏
والعقر‏:‏ {ولا تمسوها بسوء}‏.‏
والونى‏:‏ {ما جزاء من أراد بأهلك سوءا}ً‏.‏
{ما كان أبوك أمرا سوء}‏.‏
والبرص‏:‏ {بيضاء من غير سوء}‏.‏
والعذاب‏:‏ {إن الخزي اليوم والسوء}‏.‏
والشرك‏:‏ {ما كنا نعمل من سوء}‏.‏
والشتم‏:‏ {لا يحب الله الجهر بالسوء}‏.‏
وألسنتهم بالسوء‏.‏
والذنب‏:‏ {يعملون السوء بجهالة}‏.‏
وبمعنى بئس‏:‏ {ولهم سوء الدار}‏.‏
والضر‏:‏ {ويكشف السوء}‏.‏
{وما مسنى السوء}‏.‏
والقتل والهزيمة‏:‏ {لم يمسسهم سوء}‏.‏
ومن ذلك‏:‏ الصلاة تأتي على أوجه‏:‏ الصلوات الخمس‏.‏
يقيمون الصلاة‏.‏
وصلاة العصر‏.‏
يحبسونهما من بعد الصلاة‏.‏
وصلاة الجمعة‏:‏ {إذا نودي للصلاة}‏.‏
والجنازة‏:‏{ ولاتصل على أحد منهم}‏.‏
والعاء‏:‏ {وصل عليهم}‏.‏
والدين‏:‏ أصلواتك تأمرك‏.‏
والقراءة‏:‏ {ولا تجهر بصلاتك}‏.‏
والرحمة والاستغفار‏:‏ {إن الله وملائكته يصلون على النبي}‏.‏
ومواضع الصلاة‏:‏ {وصلوات ومساجدْ}‏.‏
لا تقربوا الصلاة‏.‏
ومن ذلك‏:‏ الرحمة وردت على أوجه‏:‏ الإسلام‏:‏ {يختص برحمته من يشاء}‏.‏
والإيمان‏:‏ {وآتاني رحمة من عنده}‏.‏
والجنة‏:‏ {ففي رحمة الله هم فيها خالدون}‏.‏

والمطر‏:‏ {بشراً بين يدي رحمته}‏.‏
والنعمة‏:‏ {ولولا فضل الله عليكم ورحمته}‏.‏
والنبوة‏:‏ {أم عندهم خزائن رحمة ربك}‏.‏
{أهم يقسمون رحمة ربك}‏.‏
والقرآن‏:‏ {قل بفضل الله وبرحمته}‏.‏
والرزق‏:‏ {خزائن رحمة ربي}‏.‏
والنصر والفتح‏:‏ {إن أراد بكم سوءاً أوأراد بكم رحمة}‏.‏
والعافية‏:‏ {أو أرادني برحمة}‏.‏
والمودة‏:‏ {رأفة ورحمة}‏.‏
رحماء بينهم‏.‏
والسعة‏:‏ {تخفيف من ربكم ورحمة}‏.‏
والمغفرة‏:‏ {كتب على نفسه الرحمة}‏.‏
والعصمة‏:‏ {لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم}‏.‏
ومن ذلك‏:‏ الفتنة‏:‏ وردت على أوجه الشرك‏:‏ {والفتنة أشد من القتل}‏.‏
حتى لا تكون فتنة‏.‏
والإضلال‏:‏ وابتغاء الفتنة والقتل‏:‏ {أن يفتنكم الذي كفروا‏}.‏
والصد‏:‏ {واحذروهم أن يفتنوك}‏.‏
والضلالة‏:‏ {ومن يرد الله فتنته}‏.‏
والمعذرة‏:‏ {ثم لم تكن فتنتهم} والقضاء‏:‏ إن هي غلا فتنتك‏.‏
والإثم‏:‏ {ألا في الفتنة سقطوا}‏.‏
والمرض‏:‏ {يفتنون في كل عام}‏.‏
والعبرة‏:‏ {لا تجعلنا فتنة}‏.‏
والعقوبة‏:‏ {أن تصيبهم فتنة}‏.‏
والاختبار‏:‏ {ولقد فتنا الذين من قبلهم}‏.‏
والعذاب‏:‏ {جعل فتنة الناس كعذاب الله}‏.‏
والإحراق‏:‏ {يوم هم على النار يفتنون}‏.‏
والجنون‏:‏ {بأيكم المفتون}‏.‏
ومن ذلك‏:‏ الروح‏:‏ ورد على أوجه الأمر‏:‏ وروح منه والوحي‏:‏ {ينزل الملائكة بالروح}‏.‏
والقرآن‏:‏ {أوحينا إليك روحاً من أمرنا}‏.‏
والرحمة‏:‏ {وأيدهم بروح منه}‏.‏
والحياة‏:‏ {فروح وريحان}‏.‏
وجبريل‏:‏ {فأرسلنا إليها روحنا}‏.‏
{نزل به الروح الأمين}‏.‏
وملك عظيم‏:‏ يوم يقوم الروح‏.‏
وجيش من الملائكة‏:‏ {تنزل الملائكة والروح فيها}‏.‏
وروح البدن‏:‏ {ويسألونك عن الروح}‏.‏
ومن ذلك‏:‏ القضاء ورد على أوجه‏:‏ الفراغ‏:‏ {فإذا قضيتم مناسككم}‏.‏
والأمر‏:‏ {إذا قضى أمراً}‏.‏
والأجل‏:‏ {فمنهم من قضى نحبه}‏.‏
والفصل‏:‏ {لقضي الأمر بيني وبينكم}‏.‏
والمضي‏:‏ {ليقضي الله أمراً كان مفعولاً}‏.‏
والهلاك‏:‏ {لقضي إليهم أجلهم}‏.‏
والوجوب‏:‏ قضي الأمر والإبرام‏:‏ في نفس يعقوب قضاها‏.‏
والإعلام‏:‏ {وقضينا إلى بني إسرائيل}‏.‏
والوصية‏:‏ {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه}‏.‏
والموت‏:‏ فقضى عليه‏.‏
والنزول‏:‏ {فلما قضينا عليه الموت}‏.‏
والخلق‏:‏ {فقضاهن سبع سموات‏}.‏
والفعل‏:‏ {كلا لما يقض ما أمره}‏:‏ يعني حقاً لم يفعل‏.‏
والعهد‏:‏ {إذ قضينا إلى موسى الأمر}‏.‏
ومن ذلك‏:‏ الذكر ورد على أوجه‏:‏ ذكر اللسان‏:‏ {فاذكروا الله كذكركم آباءكم}‏.‏
وذكر القلب‏:‏ ذكروا الله {فإذا أمنتم فاذكروا الله}‏.‏
والظة‏:‏ {فلما نسوا ما ذكروا به} وذكر فإن الذكرى‏.‏
والبيان‏:‏ {أوعجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم}‏.‏
والحديث‏:‏ {اذكرني عند ربك}‏:‏ أي حدثه بحالي‏.‏
والقرآن‏:‏ {ومن أعرض عن ذكري} {ما يأتيهم من ذكر}‏.‏
والتوراة‏:‏ {فاسألوا أهل الذكر}‏.‏
والخبر‏:‏ {سأتلو عليكم منه ذكراً}‏.‏
والشرف‏:‏ {وإنه لذكر لك}‏.‏
والعيب‏:‏ {أهذا الذي يذكر آلهتكم}‏.‏
واللوح المحفوظ‏:‏ {من بعد الذكر}‏.‏
والثناء‏:‏ {وذكروا الله كثيراً}‏.‏
والوحي‏:‏ {فالتاليات ذكراً}‏.‏
والرسول‏:‏ ذكراً رسولاً‏.‏
والصلاة‏:‏ {ولذكر الله أكبر}‏.‏
وصلاة الجمعة‏:‏ {فاسعوا إلى ذكر الله}‏.‏
وصلاة العصر‏:‏ {عن ذكر ربي}‏.‏
ومن ذلك‏:‏ الدعاء‏:‏ ورد على أوجه‏:‏ العبادة‏:‏ {ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك}‏.‏
والاستعانة‏:‏ {وادعوا شهداءكم}‏.‏
والسؤال‏:‏ {ادعوني أستجب لكم}‏.‏
والقول‏:‏ {دعواهم فيها سبحانك اللهم}‏.‏
والنداء‏:‏ {يوم يدعوكم}‏.‏
والتسمية‏:‏ لا {لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضاً}‏.‏
ومن ذلك‏:‏ الإحصان‏:‏ ورد على أوجه‏:‏ العفة‏:‏ {والذين يرمون المحصنات}‏.‏
والتزوج‏:‏ فإذا أحصن‏.‏
والحرية‏:‏ {نصف ما على المحصنات من العذاب}‏.‏
فصل قال ابن فارس في كتاب الأفراد‏:‏ كل ما في القرآن من ذكر الأسف فمعناه الحزن إلا فلما آسفونا فمعناه‏:‏ أغضبونا‏.‏
وكل ما فيه من ذكر البروج فهي الكواكب إلا {ولو كنتم في بروج مشيدة} فهي القصور الطوال الحصينة‏.‏
وكل ما فيه من ذكر البر والبحر فالمراد بالبحر الماء وبالبر التراب اليابس إلا ظهر الفساد في البر والبحر فالمراد به البرية والعمران‏.‏
وكل ما فيه من بخس فهوالنقص إلا {بثمن بخس} أي حرام‏.‏
وكل ما فيه من البعل فهوالزوج إلا أتدعون بعلا فهوالصنم وكل ما فيه من البكم فالخرس عن الكلام بالإيمان إلا عمياً وبكماً وصماً في الإسراء وأحدهما أبكم في النحل فالمراد به عدم القدرة على الكلام مطلقاً‏.‏
وكل ما فيه جثياً فمعناه‏:‏ جميعاً إلا {وترى كل أمة جاثية} فمعناه‏:‏ تجثوعلى ركبها‏.‏
وكل ما فيه من حسباناً فهوالعدد إلا حسباناً من السماء في الكهف فهوالعذاب‏.‏
وكل ما فيه حسرة فالندامة إلا {ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم} فمعناه‏:‏ الحزن‏.‏
وكل ما فيه من الدحض فالباطل إلا فكان من المدحضين فمعناه‏:‏ من المقروعين‏.‏
وكل ما فيه من رجز فالعذاب إلا {والرجز فاهجر} فالمراد به الصنم‏.‏
وكل ما فيه من ريب فالشك إلا {ريب المنون} يعني حوادث الدهر‏.‏
وكل ما فيه من الرجم فهوالقتل إلا لأرجمنك فمعناه‏:‏ لأشتمنك ورجماً بالغيب أي ظناً‏.‏
وكل ما فيه من الزور فالكذب مع الشرك إلا {منكراً من القول وزوراً} فإنه كذب غير الشرك‏.‏
وكل ما فيه من زكاة المال فهوإلا {وحنانا من لدنا وزكاة} أي طهرة‏.‏
وكل ما فيه من الزيغ فالميل إلا {وإذ زاغت الأبصار} أي شخصت‏.‏
وكل ما فيه من سخر فالاستهزاء إلا سخرياً في الزخرف فهومن التسخير والاستخدام‏.‏
وكل سكينة فيه‏.‏
طمأنينة إلا التي في قصة طالوت فهوشيء كرأس الهرة له جناحان‏.‏
وكل سعير فيه فهوالنار والوقود إلا في ضلال وسعر فهوالعناء‏.‏
وكل شيطان فيه فإبليس وجنوده إلا {وإذا خلوا إلى شياطينهم} وكل شهيد فيه غير القتلى فمن يشهد في أمور الناس إلا وادعوا شهداؤكم فهوشركاؤكم وكل ما فيه من أصحاب النار فأهلها إلا وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة فالمراد خزنتها وكل صلاة فيه عبادة ورحمة غلا وصلوات ومساجد‏:‏ فهي الأماكن‏.‏
وكل صمم فيه ففي سماع الإيمان والقرآن خاصة إلا الذي في الإسراء‏.‏
وكل عذاب فيه فالتعذيب إلا {وليشهد عذابهما} فهوالضرب‏.‏
وكل قنوت فيه طاعة إلا {كل له قانتون} فمعناه‏:‏ مقرون‏.‏
وكل كنز فيه مال إلا الذي في الكهف فهوصحيفة علم‏.‏
وكل مصباح فيه كوكب إلا الذي في النور فالسراج‏.‏
وكل نكاح فيه تزوج إلا حتى إذ بلغوا النكاح فهوالحلم‏.‏
كل نبأ فيه خبر إلا فعميت عليهم الأنباء فهي الحجج‏.‏
وكل ورود فيه دخول إلا ولما ورد ماء مدين يعني هجم عليه ولم يدخله‏.‏
وكل ما فيه من لايكلف نفساً إلا وسعها فالمراد منه العمل إلا التي في الطلاق فالمراد النفقة‏.‏
وكل يأس فيه قنوط إلا التي في الرعد فمن العلم‏.‏
وكل صبر فيه محمود إلا {لولا أن صبرنا عليها}‏.‏
{واصبروا على آلهتكم} هذا آخر ما ذكره ابن فارس‏.‏
وقال غيره‏:‏ كل صوم فيه فمن العبادة إلا نذرت للرحمن صوماً أي صمتاً‏.‏
وكل ما فيه من الظلمات والنور فالمراد الكفر والإيمان إلا التي في أول الأنعام فالمراد ظلمة الليل ونور النهار‏.‏
وكل إنفاق فيه فهوالصدقة إلا {فآتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا} فالمراد به المهر‏.‏
وقال الداني‏:‏ كل ما فيه من الحضور فهوبالضاد من المشاهدة إلا موضعاً واحداً فإنه بالظاء من الاحتظار وهوالمنع وهوقوله تعالى {كهشيم المحتظر}‏.‏
وقال ابن خالويه‏:‏ ليس في القرآن بعد بمعنى قبل إلا حرف واحد ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكرا قال مغلطاي في كتاب الميسر‏:‏ قد وجدنا حرفاً آخر وهوقوله تعالى {والأرض بعد ذلك دحاها} قال أبوموسى في كتاب المغيث‏:‏ معناه هنا قبل لأنه تعالى خلق الأرض في يومين ثم استوى إلى السماء فعلى هذا خلق الأرض قبل السماء انتهى‏.‏
قلت‏:‏ قد تعرض النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعون لشيء من هذا النوع‏.‏
فأخرج الإمام أحمد في مسنده وابن أبي حاتم وغيرهما من طريق دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كل حرف في القرآن يذكر فيه القنوت فهوالطاعة هنا إسناده جيد وابن حبان يصححه‏.‏
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس قال‏:‏ كل شيء في القرآن أليم فهوالموجع‏.‏
وأخرج من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال‏:‏ كل شيء في القرآن قتل فهولعن‏.‏
وأخرج من طريق الضحاك عن ابن عباس قال‏:‏ كل شيء في كتاب الله من الرجز‏:‏ يعني به العذاب‏.‏
وقال الفرياني‏:‏ حدثنا قيس عن عمار الذهبي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال‏:‏ كل تسبيح في القرآن صلاة وكل سلطان في القرآن حجة‏.‏
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس قال‏:‏ كل شيء في القرآن الدين فهوالحساب‏.‏
وأخرج ابن الأنباري في كتاب الوقف والابتداء من طريق السدى عن أبي مالك عن ابن عباس قال‏:‏ كل ريب شك إلا مكاناً واحداً في والطور‏:‏ ريب المنون يعني حوادث الأمور‏.‏
وأخرج ابن أبي حاتم وغيره عن أبيّ بن كعب قال‏:‏ كل شيء في القرآن من الرياح فهي رحمة وكل شيء فيه من الريح فهوعذاب‏.‏
وأخرج عن الضحاك قال‏:‏ كل كأس ذكره الله في القرآن إنما عنى به الخمر‏.‏
وأخرج عنه قال‏:‏ كل شيء في القرآن فاطر فهوخالق‏.‏
وأخرج عن سعيد بن جبير قال‏:‏ كل شيء في القرآن إفك فهوكذب‏.‏
وأخرج عن أبي العالبة قال‏:‏ كل آية في القرآن في الأمر بالمعروف فهوالإسلام والنهي عن المنكر فهوعبادة الأوثان‏.‏
وأخرج عن أبي العالية قال‏:‏ كل آية في القرآن يذكر فيها حفظ الفرج فهومن الزنى إلا قوله تعالى {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم} فالمراد أن لا يراها أحد‏.‏
وأخرج عن مجاهد قال‏:‏ كل شيء في القرآن إن لإنسان كفوراً إنما يعني به الكفار‏.‏
وأخرج عن عمر بن عبد العزيز قال‏:‏ كل شيء في القرآن خلود فإنه لا توبة له‏.‏
وأخرج عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال‏:‏ كل شيء في القرآن يقدر فمعناه يقل‏.‏
وأخرج عنه قال‏:‏ التزكي في القرآن كله الإسلام‏.‏
وأخرج عن أبي مالك قال‏:‏ وراء في القرآن‏:‏ أمام كله غير حرفين فمن ابتغى وراء ذلك يعني سوى ذلك {وأحل لكم ما وراء ذلكم} يعني سوى ذلكم‏.‏
وأخرج عن أبي بكر بن عياش قال‏:‏ ما كان كسفاً فهوعذاب وما كان كسفاً فهوقطع السحاب‏.‏
وأخرج عن عكرمة قال‏:‏ ما صنع الله فهوالسد وما صنع الناس فهوالسد‏.‏
وأخرج ابن جرير عن أبي روق قال‏:‏ كل شيء في القرآن جعل فهوخلق‏.‏
وأخرج عن مجاهد قال‏:‏ المباشرة في كل كتاب الله‏:‏ الجماع‏.‏
وأخرج عن أبي زيد قال‏:‏ كل شيء في القرآن فاسق فهوكاذب إلا قليلاً‏.‏
وأخرج ابن المنذر عن السدي قال‏:‏ ما كان في القرآن حنيفاً‏:‏ مسلماً وما كان في القرآن حنفاء‏:‏ مسلمين حجاجاً‏.‏
وأخرج عن سعيد بن جبير قال‏:‏ العفوفي القرآن على ثلاثة أنحاء‏:‏ نحو‏:‏ تجاوز عن الذنب ونحوفي القصد في النفقة {ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو} ونحوفي الإحسان فيما بين الناس إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح وفي صحيح البخاري قال سفيان ابن عيينة‏:‏ ما سمى الله المطر في القرآن إلا عذاباً وتسمية العرب الغيث‏.‏
قلت استثنى من ذلك {إن كان بكم أذى من مطر} فلإن المراد به الغيث قطعاً‏.‏
وقال أبو عبيدة‏:‏ إذا كان في العذاب فهوأمطرت وإذا كان في الرحمة فهوأمطرت‏.‏
فرع أخرج أبو الشيخ عن الضحاك قال‏:‏ قال لي ابن عباس‏:‏ احفظ عني كل شيء في القرآن وما لهم في الأرض من ولي ولا نصير فهوللمشركين فأما المؤمنون فما أكثر أنصارهم وشفعاءهم‏.‏
وأخرج سعيد بن منصور عن مجاهد قال‏:‏ كل طعام في القرآن فهونصف صاع‏.‏
وأخرج ابن أبي حاتم عن وهب بن منبه قال‏:‏ كل شيء في القرآن قليل فهودون العشرة‏.‏
وأخرج عن مسروق قال‏:‏ ما كان في القرآن على صلاتهم يحافظون حافظوا على الصلوات فهوعلى مواقيتها‏.‏
وأخرج عن سفيان بن عيينة قال‏:‏ كل شيء في القرآن وما يدريك فلم يخبر به وما أدراك فقد أخبر به‏.‏
وأخرج عنه قال‏:‏ كل مكر في القرآن فهوعمل‏.‏
وأخرج عن مجاهد قال‏:‏ ما كان في القرآن قتل لعن فإنما عنى به الكافر‏.‏
وقال الراغب في مفرداته‏:‏ قيل كل شيء ذكره الله بقوله‏:‏ وما أدراك فسره وكل شيء ذكره بقوله وما يدريك تركه‏.‏
وقد ذكر {وما أدراك ما سجين}‏.‏
وما أدراك ما عليون ثم فسر الكتاب لا السجين ولا العليون وفي ذلك نكتة لطيفة انتهى ولم يذكرها وبقيت أشياء تأتي في النوعه الذي يلي هذا إن شاء الله تعالى‏.‏

*******************