النوع الأربعون في معرفة معاني الأدوات التي يحتاج إليها المفسر ب
 
الثاني‏:‏ أن تكون لغير المفاجأة فالغالب أن تكون ظرفاً للمستقبل مضمنة معنى الشرط وتختص بالدخول على الجمل الفعلية وتحتاج لجواب وتقع في الابتداء عكس الفجائية والفعل بعدها إما ظاهر نحو إذا جاء نصر الله أومقدر نحو {إذا السماء انشقت} وجوابها إما فعل نحو فإذا جاء أمر الله قضى بالحق وجملة اسمية مقرونة بالفاء نحو فإذا نقر في الناقور فذلك يومئذ يوم عسير‏.‏
{فإذا نفخ في الصور فلا أنساب} أوفعلية طلبية كذلك نحو فسبح بحمد ربك أواسمية مقرونة فإذا الفجائية نحو إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون‏.‏
{فإذا أصاب به من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون} وقد يكون مقدر الدلالة ما قبله عليه أولدلالة المقام وسيأتي في أنواع الحذف‏.‏
وقد تخرج إذا عن الظرفية‏.‏
قال الأخفش في قوله تعالى حتى إذا جاءوها أن إذا جر بحتي‏.‏
وقال ابن جني في قوله تعالى {إذا وقعت الواقعة}الآية فيمن نصب خافضة رافعة أن إذا الأولى مبتدأ والثانية خبر والمنصوبان حالان‏.‏
وكذا جملة ليس ومعمولاها والمعنى‏:‏ وقت وقوع الواقعة خافضة لقوم رافعة لآخرين هووقت رج الأرض‏.‏
والجمهور أنكروا خروجها عن الظرفية وقالوا في الآية الأولى‏:‏ إن حتى حرف ابتداء داخل على الجملة بأسرها ولا عمل له وفي الثانية أن إذا الثانية بدل من الأولى والأولى ظرف وجوابها محذوف لفهم المعنى وحسنه طول الكلام وتقديره بعد إذا الثانية‏:‏ أي انقسمتم أقساماً وكنتم أزواجاً ثلاثة‏.‏
وقد تخرج عن الاستقبال فترد للحال نحو والليل إذا يغشى فإن الغشيان مقارن الليل والنهار إذا تجلى‏.‏
والنجم إذا هوى وللماضي نحو {وإذا رأوا تجارة أو لهوا}‏الآية فإن الآية نزلت بعد الرؤية والانفضاض وكذا قوله تعالى {ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه}‏.‏
{حتى إذا بلغ مطلع الشمس}‏.‏
{حتى إذا ساوى بين الصدفين} وقد تخرج عن الشرطية نحو وإذا ما غضبوا هم يغفرون‏.‏
{والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون}فإذا في الآية ظرف لخبر المبتدإ بعدها‏.‏
ولوكانت شرطية والجملة الاسمية جواباً لاقترنت بالفاء‏.‏
وقال بعضهم‏:‏ إنه على تقديرها مردود بأنها لا تحذف إلا لضرورة وقول آخر‏:‏ إن الضمير توكيد لا مبتدأ أوأنما بعده الجواب تعسف‏.‏
وقول آخر‏:‏ جوابها محذوف مدلول عليه بالجملة بعدها تكلف من غير ضرورة‏.‏
تنبيهات‏:‏ الأول المحققون على أن ناصب إذا شرطها والأكثرون أنه ما في جوابها من فعل الثاني‏:‏ قد تستعمل إذا للاستمرار في الأحوال الماضية والحاضرة والمستقبلة كما يستعمل الفعل المضارع لذلك ومنه {وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزءون} أي إن هذا شأنهم أبداً وكذا قوله تعالى {وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى}‏.‏
الثالث‏:‏ ذكر ابن هشام في المغني إذ ولم يذكر إذا ما وقد ذكرها الشيخ بهاء الدين السبكي في عروس الأفراح في أدوات الشرط فأما إذ ما فلم يقع في القرآن ومذهب سيبويه أنها حرف‏.‏
وقال المبرد وغيره‏:‏ إنها باقية على الظرفية وأما إذا ما فوقعت في القرآن في قوله تعالى وإذا ما غضبوا‏.‏
إذا ما أتوك لتحملهم ولم أر من تعرض لكونها باقية على الظرفية أومحولة إلى الحرفية ويحتمل أن يجري فيها القولان في إذما ويحتمل أن يجزم ببقائها على الظرفية لأنها أبعد عن التركيب بخلاف إذما‏.‏
الرابع‏:‏ تختص إذا بدخولها على المتيقن والمظنون والكثير الوقوع بخلاف إن فإنها تستعمل في المشكوك والموهوب والنادر ولهذا قال تعالى {إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا} ثم قال‏:‏ وإن كنتم جنباً فاطهروا فأتى بإذا في الوضوء لتكرره وكثرة أسبابه وبأن في الجنابة لندرة وقوعها بالنسبة إلى الحدث وقال تعالى {فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه وإن تصبهم سيئة يطيروا}‏.‏
{وإذا أذقنا الناس رحمة فرحوا بها وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون} أتى في جانب الحسنة بإذا لأن نعم الله على العباد كثيرة ومقطوع بها وإن فيجانب السيئة لأنها نادرة الوقوع ومشكوك فيها‏.‏
نعم أشكل على هذه القاعدة آيتان‏.‏
الأولى‏:‏ في قوله تعالى ولئن‏.‏
أمتم فإن مات فأتى بإن مع أن الموت محقق الوقوع والأخرى قوله تعالى {وإذا مس الناس ضر دعوا ربهم منيبين إليه ثم إذا أذاقهم منه رحمة} فرحوا بها فأتى بإذا في الطرفين‏.‏
وأجاب الزمخشري عن الأولى بان الموت لما كان مجهول الوقت أجرى مجرى غير المجزوم‏.‏
وأجاب السكاكي عن الثانية بأنه قصد التوبيخ والتقريع فأتى بإذا ليكون تخويفاً لهم وإخباراً لهم وإخباراً بأنهم لا بد أن يمسهم شيء من العذاب واستفيد التقليل من لفظ المس وتنكير ضر‏.‏
وأما قوله تعالى {وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض} فأجيب عنه بأن الضمير في مسه للمعرض المتكبر لا لمطلق الإنسان ويكون لفظ إذا للتنبه على أن مثل هذا المعرض يكون ابتلاؤه بالشر مقطوعاً به‏.‏
وقال الخويبي‏:‏ الذبي أظنه أن إذا يجوز دخولها على المتيقن والمشكوك لأنها ظرف وشرط فبالنظر إلى اشرط تدخل إلى المشكوك وبالنظر إلى الظرف تدخل على المتيقن كسائر الظروف‏.‏
الخامس‏:‏ خالفت إذا إن أيضاً في إفادة العموم‏.‏
قال ابن عصفور‏:‏ فإذا قلت إذا قام زيد قام عمروأفادت أن كلما قام زيد قام عمرو‏.‏
وقال‏:‏ هذا هو الصحيح وفي أن المشروط بها إذا كان عد ما يقع الجزاء في الحال وفي أن لا يقع حتى يتحقق اليأس من وجوده وفي جزاءها مستعقب لشرطها على الاتصال لا يتقدم ولا يتأخر بخلاف إن وفي إن مدخولها لا تجزمه لأنها لا تتمخض شرطاً‏.‏
خاتمة قيل قد تأتي إذا زائدة وخرج عليه {إذا السماء انشقت} أي انشقت السماء كما قال اقتربت الساعة‏.‏
إذن قال سيبويه‏:‏ معناها الجواب والجزاء‏.‏
قال الشلوبين‏:‏ في كل موضع‏.‏
وقال الفارسي‏:‏ في الأكثر والأكثر أن تكون جواباً لإن أولوظاهرتين أومقدرتين‏.‏
قال الفراء‏:‏ وحيث جاءت بعدها اللام فقبلها لومقدرة إن لم تكن ظاهرة نحو إذ لذهب كل إله بما خلق وهي حرف ينصب المضارع بشرط تصديرها واستقباله واتصاله أوانفصالها بالقسم أوبلا النافية‏.‏
قال النحاة‏:‏ وإذا وقعت بعد الواووالفاء جاز فيها الوجهان نحو وإذا لا يلبثون خلفك‏.‏
فإذا لايؤتون الناس وقرئ شاذاً بالنصب فيهما‏.‏
وقال ابن هشام‏:‏ التحقيق أنه إذا تقدمها شرط وجزاء وعطفت فإن قدرت العطف على الجواب جزمت وبطل عمل إذا لوقوعها حشواً أوعلى الجملتين جميعاً جاز الرفع والنصب وكذا إذا تقدمها مبتدأ خبره فعل مرفوع إن عطفت على الفعلية رفعت أوالأسمية فالوجهان‏.‏
وقال غيره‏:‏ إذا نوعان‏.‏
الأول‏:‏ أن تدل على إاء السببية والشرط بحيث لا يفهم الارتباط من غيرها نحوأزورك فتقول إذن أكرمك وهي في هذا الوجه عاملة تدخل على الجمل الفعلية فتنصب المضارع المستقبل المتصل إذا صدرت‏.‏
والثاني‏:‏ أن تكون مؤكدة لجواب ارتبط بمقدم أومنبهة على مسبب حصل في الحال وهي حينئذ غير عاملة لأن المؤكدات لا يعتمد عليها والعامل يعتمد عليه نحو‏:‏ إن تأتني إذن آتيك ووالله إذن لأفعلن‏.‏
ألا ترى أنها لوسقطت لفهم الارتباط وتدخل هذه على الاسمية فتقول إذن أنا أكرمك ويجوز توسطها وتأخرها ومن هذا قوله تعالى {ولئن اتبعت أهواءكم من بعد ما جاءك من العلم إنك إذا} فهي مؤكدة للجواب مرتبطة بما تقدم‏.‏
تنبيهان‏:‏ الأول سمعت شيخنا العلامة الكافيجي يقول في قوله تعالى {ولئن أطعتم بشراً مثلكم إنكم إذاً لخاسرون} ليست إذا هذه الكلمة المعهودة وإنما هي إذا الشرطية حذفت جملتها التي تضاف إليها وعوض عنها التنوين كما في يومئذ وكنت أستحسن هذا جداً وأظن أن الشيخ لا سلف له في ذلك‏.‏
ثم رأيت الزركشي قال في البرهان بعد ذكره لإذن المعنيين السابقين وذكر لها بعض المتأخرين معنى ثالثاً وهي أن تكون مركبة من إذا التي هي ظرف زمن ماض ومن جملة بعدها تحقيقاً أوتقديراً لكن حذفت الجملة تخفيفاً وأبدل منها التنوين كما في قولهم حينئذ وليست هذه الناصبة للمضارع لأن تلك تختص به ولذا عملت فيه ولا يعمل غلا ما يختص وهذه لا تختص بل تدخل على الماضي كقوله تعالى {وإذا لآتيناهم}‏.‏
أذا لأمسكتم‏.‏
إذا لأذقناك وعلى الاسم نحو {وإنكم إذا لمن المقربين} قال‏:‏ وهذا المعنى لم يذكره النحاة لكنه قياس ما قالوه في إذن‏.‏
وفي التذكرة لأبي حيان‏:‏ ذكر لي علم الدين القمني أن القاضي تقي الدين بن رزين كان يذهب إلى أن إذن عوض من الجملة المحذوفة وليس هذا قول نحوي‏.‏
وقال الخويبي‏:‏ وأنا أظن أنه يجوز أن تقول لمن قال أنا آتيك إذن أكرمك بالرفع على معنى إذا أتيتني وعوضت التنوين من الجملة فسقطت الألف لالتقاء الساكنين‏.‏
قال‏:‏ ولا يقدح في ذلك اتفاق النحاة على أن الفعل في مثل منصوب بإذن لأنهم يريدون بذلك ما إذا كانت حرفاً ناصباً له ولا ينفي ذلك رفع الفعل بعدها إذا أريد بها إذا الزمانية معوضاً من جملتها التنوين كما ا منهم من يجزم ما بعد إذا جعلها شرطية ويرفعه إذا أريد بها الموصولة انتهى‏.‏
فهؤلاء قد حاموا حول ما حام عليه الشيخ إلا أنه ليس أحد منهم من المشهورين بالنحووممن يعتمد قوله فيه‏.‏
نعم ذهب بعض النحاة إلى أن أصل إذن الناصبة اسم والتقدير في إذن أكرمك إذا جئتني أكرمك فحذفت الجملة وعوض منها التنوين وأضمرت إن‏.‏
وذهب آخرون إلى أنها حرف مركبة من إذا وإن حكى القولين ابن هشام في المغنى‏.‏
التنبيه الثاني الجمهور أن إذن يوقف عليها بالألف المبدلة من النون وعليه إجماع القراء وجوز قوم منهم المبرد والمازني في غير القرآن الوقوف عليها بالنون كلن وإن وينبني على الخلاف في الوقف عليها كتابتها فعلى الأول تكتب بالألف كما رسمت في المصاحف وعلى الثاني بالنون‏.‏
وأقول‏:‏ الإجماع في القرآن على الوقف عليها وكتابتها بالألف دليل على أنها اسم منون لا حرف آخره نون خصوصاً أنها لم تقع فيه ناصب للمضارع فالصواب إثبات هذا المعنى لها كما جنح إليه الشيخ ومن سبق النقل عنه‏.‏
أف كلمة تستعمل عند التضجر والتكره‏.‏
وقد حكى أبو البقاء في قوله تعالى {فلا تقل لهما أف} قولين‏:‏ أحدهما‏:‏ أنه اسم لفعل الأمر‏:‏ أي كفا واتركا‏.‏
والثاني‏:‏ أنه اسم لفعل ماض‏:‏ أي كرهت وتضجرت‏.‏
وحكى غيره ثالثاً‏:‏ أنه اسم لفعل مضارع‏:‏ أي لتضجر منكما‏.‏
وأما قوله تعالى في سورة الأنبياء أف لكم فأحاله أبو البقاء على ما سبق في الإسراء ومقتضاه تساويهما في المعنى‏.‏
وقال العزيزي في غريبه هنا أي بئساً لكم‏.‏
وفسر صاحب الصحاح أف بمعنى قذراً‏.‏
وقال في الارتشاف‏:‏ أف‏:‏ أتضجر‏.‏
وفي البسيط معناه‏:‏ التضجر وقيل الضجر وقيل تضجرت‏.‏
ثم حكى فيها تسعاً وثلاثين لغة‏.‏
قلت‏:‏ قرئ منها في السبع أف بالكسر بلا تنوين وأف بالكسر والتنوين وأف بالفتح بلا تنوين‏.‏