النوع الأربعون في معرفة معاني الأدوات التي يحتاج إليها المفسر ث
 
وفي الشاذ أف بالضم منوناً وغير منون وأف بالتخفيف‏.‏
أخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله تعالى {فلا تقل لهما أف} قال‏:‏ لا تقذرهما‏.‏
وأخرج عن أبي أل على ثلاثة أوجه‏.‏
أحدها‏:‏ أن تكون اسماً موصولاً بمعنى الذي وفروعه وهي الداخلة على أسماء الفاعلين والمفعولين نحو {إن المسلمين والمسلمات} إلى آخر الآية {التائبون العابدون}‏ الآية‏.‏
وقيل هي حينئذ حرف تعريف‏.‏
وقيل موصول حرفي‏.‏
الثاني أن تكون حرف تعريف وهي نوعان‏:‏ عهدية وجنسية وكل منهما ثلاثة أقسام‏.‏
فالعهدية‏:‏ إما أن يكون مصحوبها معهوداً ذكرياً نحوكما أرسلنا إلى فرعون رسولاً فعصى فرعون الرسول فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب وضابط هذه أن يسد الضمير مسدها مع مصحوبها أومعهوداً نحو إذ هما في الغار‏.‏
إذ يبايعونك تحت الشجرة أومعهزداً حضورياً نحو اليوم أكملت لكم دينكم‏.‏
اليوم أحل لكم الطيبات قال ابن عصفور‏:‏ وكذا كل واقعة بعد اسم الإشارة أوأي في النداء وإذ الفجائية أوفي اسم الزمان الحاضر نحوالآن والجنسية‏.‏
إما لاستغراق الإفراد وهي التي يخلفها كل حقيقة نحو وخلق الإنسان ضعيفاً‏.‏
عالم الغيب والشهادة ومن دلائلها صحة الاستثناء من مدخولها نحو {إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا} ووصفه بالجمع نحو {أو الطفل الذين لم يظهروا} وإما لاستغراق خصائص الأفراد وهي التي يخلفها كل مجاز نحو ذلك الكتاب أي الكتاب الكامل في الهداية الجامع لصفات جميع الكتب المنزلة وخصائصها‏.‏
وإما لتعريف الماهية والحقيقة والجنس وهي التي لا يخلفها كل لا حقيقة ولا مجازاً نحو وجعلنا من الماء كل شيء حي‏.‏
{أولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكم والنبوة} قيل والفرق بين المعرف بأل هذه وبين اسم الجنس النكرة يدل على مطلق الحقيقة لا باعتبار قيد‏.‏
الثالث‏:‏ أن تكون زائدة وهي نوعان‏:‏ لازمة كالتي في الموصولات على القول بأن تعريفها بالصلة وكالتي في الأعلام المقارنة لنقلها كاللات والعزي أولغلبتها كالبيت للكعبة والمدينة لطيبة والنجم للثريا وهذه في الأصل للعهد‏.‏
أخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله تعالى {والنجم إذا هوى} قال‏:‏ الثريا وغير لازمة كالواقعة في الحال‏.‏
وخرج عليه قراءة بعضهم {ليخرجن الأعز منها الأذل} بفتح الياء‏:‏ أي ذليلاً لأن الحال واجبة التنكير لا أن ذلك غير فصيح والأحسن تخريجه على حذف مضاف‏:‏ أي خروج الأذل كما قدره الزمخشري‏.‏
مسئلة اختلف في أل في اسم الله تعالى فقال سيبويه‏:‏ هي عوض من الهمزة المحذوفة بناء على أن أصله إله أل فنقلت حركة الهمزة إلى اللام ثم أدغمت قاله الفارسي‏.‏
ويدل على ذلك قطع همزها ولزومها‏.‏
وقال آخرون‏:‏ هي مزيدة للتعريف تفخيماً وتعظيماً وأصل إله أولاه‏.‏
وقال قوم‏:‏ هي زائدة لازمة لا للتعريف‏.‏
وقال بعضهم‏:‏ أصله هاء الكناية زيدت فيه لام الملك فصار له ثم زيدت أل تعظيماً وفخموه توكيداً‏.‏
وقال الخليل‏:‏ وخلائق هي من بنية الكلمة وهواسم علم لا اشتقاق له ولا أصل‏.‏
خاتمة أجاز الكوفيين وبعض البصريين وكثير من المتأخرين نيابة أل عن الضمير المضاف إليه وخرجوا على ذلك {فإن الجنة هي المأوى} والمانعون يقدرون له‏.‏
وأجاز الزمخشري نيابتها عن المظاهر أيضاً وخرج عليه {وعلم آدم الأسماء كلها} فإن الأصل أسماء المسميات‏.‏
ألا بالفتح والتخفيف وردت في القرآن على أوجه‏.‏
أحدها‏:‏ التنبيه فتدل على تحقيق ما بعدها‏.‏
قال الزمخشري‏:‏ ولذلك قل وقوع الجمل بعدها إلا مصدرة بنحو ما يتلقى به القسم وتدخل على الاسمية والفعلية نحو {ألا إنهم هم السفهاء}{ ألا يوم يأتيهم ليس مصروفاً} عنهم قال في المغني‏:‏ والمعربون يقولون فيها حرف استفتاح فيبينون مكانها ويهملون معناها وإفادتها التحقيق من جهة تركيبها من الهمزة ولا‏.‏
وهمزة الاستفهام إذا دخلت على النفي أفادت التحقيق نحو أوليس ذلك بقادر الثاني والثالث‏:‏ التحضيض والعرض ومعناهما طلب الشيء لكن الأول طلب بحث والثاني طلب بلين وتختص فيها بالفعلية نحو {ألا تقاتلون قوماً نكثوا}‏.‏
{قوم فرعون ألا يتقون}‏.‏
ألا تأكلون‏.‏
{ألا تحبون أن يغفر الله لكم}‏.‏
ألا بالفتح والتشديد حرف تحضيض لم يقع في القرآن لهذا المعنى فيما أعلم إلا أنه يجوز عندي أن يخرج عليه {ألا يسجدوا لله} وأما قوله تعالى أن لا تعلوا علي فليست هذه بل هي كلمتان‏:‏ إلا بالكسر والتشديد على أوجه‏.‏
أحدها‏:‏ الاستثناء متصلاً نحو {فشربوا منه إلا قليلا}‏.‏
ما فعلوه إلا قليل أومنقطعاً نحو {قل ما أسألكم عليه من أجر إلا من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيل}ا وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى الثاني‏:‏ أن تكون بمعنى غير فيوصف بها وبتاليها جمع منكر أوشبهه ويعرف الاسم الواقع بعدها بإعراب غير نحو {لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا} فلا يجوز أن تكون هذه الآية للاستثناء لأن آلهة جمع منكر في الإثبات فلا عموم له فلا يصح الاستثناء منه ولأنه يصير المعنى حينئذ‏:‏ لوكان فيهما آلهة ليس فيهم الله لفسدتا وهوباطل باعتبار مفهومه‏.‏
الثالث‏:‏ أن تكون عاطفة بمنزلة الواوفي الترسيل ذكره الأخفش والفراء وأبو عبيدة وخرجوا عليه {لئلا يكون للناس عليكم حجة} {إلا الذين ظلموا منهم}‏.‏
{لا يخاف لدى المرسلون}{إلا من ظلم ثم بدل حسناً بعد سوء} أي ولا الذين ظلموا ولا من ظلم وتأولها الجمهور على الاستثناء المنقطع‏.‏
الرابع‏:‏ بمعنى بل ذكره بعضهم وخرج عليه {ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى إلا تذكرة} أي بل تذكرة‏.‏
الخامس‏:‏ بمعنى بدل ذكره ابن الصائغ وخرج عليه آلهة إلا الله أي بدل الله أوعوضه وبه يخرج عن الإشكال المذكور في الاستثناء وفي الوصف بإلا من جهة المفهوم‏.‏
وغلط ابن مالك فعد من أقسامها نحو {إلا تنصروه فقد نصره الله} وليست منها بل هي كلمتان إن الشرطية ولا النافية‏.‏
فائدة قال الرماني في تفسيره‏:‏ معنى إلا اللازم له الاختصاص بالشيء دون غيره فإذا قلت جاءني النوم إلا زيداً فقد اختصصت زيداً لم يجيء وإذا قلت ما جاءني إلا زيد فقد اختصصته بالميء وإذا قلت ما جاءني زيد إلا راكباً فقد اختصصته بهذه الحالة دون غيرها من المشي والعدونحوه‏.‏
الآن اسم لزمن الحاضر وقد يستعمل في غيره مجازاً‏.‏
وقال قوم‏:‏ هي محل للزمانين‏:‏ أي ظرف للماضي وظرف للمستقبل وقد يتجوز بها عما قرب من أحدهما‏.‏
وقال ابن مالك‏:‏ لوقت حضر جميعه كوقت فعل الإنشاء حال النطق به أوبعضه نحو الآن خف الله عنكم‏.‏
فمن يستمع الآن يجد له شهاباً رصداً قال‏:‏ وظرفيته غالبة لا لازمة‏.‏
واختلف في أل التي فيه فقيل للتعريف الحضوري وقيل زائدة لازمة‏.‏
إلى حرف جر له معان‏.‏
أشهرها‏:‏ انتهاء الغاية زماناً نحو {أتموا الصيام إلى الليل} أومكاناً نحو إلى المسجد الأقصى أوغيرهما نحو والأمر إليك أي منته إليك‏.‏
ولم يذكر لها الأكثرون غير هذا المعنى‏.‏
وزاد ابن مالك وغيره تبعاً للكوفيين معاني أخر‏.‏
منها‏:‏ المعية وذلك إذا ضممت شيئاً إلى آخر في الحكم به أوعليه أوالتعليق نحو من أنصاري إلى الله‏.‏
وأيديكم إلى المرافق‏.‏
ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم قال الرضي‏:‏ والتحقيق أنها للانتهاء‏:‏ أي مضافة إلى المرافق وإلى أموالكم‏.‏
وقال غيره‏:‏ ما ورد في ذلك مؤول على تضمين العامل وإبقائها على أصلها‏.‏
والمعنى في الآية الأولى‏:‏ من يضيف نصرته إلى نصرة الله أومن ينصرني حال كوني ذاهباً إلى الله‏.‏
ومنها‏:‏ الظرفية كفى نحو ليجمعنكم إلى يوم القيامة أي فيه {هل لك إلى أن تزكى} أي في أن‏.‏
ومنها مرادفة اللام وجعل منه والأمر إليك أي لك وتقدم أنه من الانتهاء‏.‏
ومنها‏:‏ التبيين‏.‏
قال ابن مالك‏:‏ وهي المبينة لفاعلية مجرورها بعد ما يفيد حباً أوبغضاً أواسم تفضيل محو رب السجن أحب إلى ومنها‏:‏ التوكيد وهي الزائدة نحو {أفئدة من الناس تهوي إليهم} في قراءة بعضهم بفتح الواو‏:‏ أي تهواهم قاله الفراء‏.‏
وقال غيره‏:‏ هوعلى تضمين تهوى معنى تميل‏.‏
تنبيه حكى ابن عصفور في شرح أبيات الإيضاح عن ابن الأنباري أن إلى تستعمل اسماً فيقال‏:‏ انصرفت من إليك كما يقال غدوت من عليه وخرج عليه من القرآن قوله تعالى وهزي إليك بجذع النخلة وبه يندفع إشكال أبي حيان فيه بأن القاعدة المشهورة أن الفعل لا يتعدى إلى ضمير يتصل بنفسه أوبالحرف وقد رفع المتصل وهما لمدلول واحد في غير باب ظن‏.‏
اللهم المشهور أن معناه يا الله حذفت ياء النداء وعوض منها الميم المشددة في آخره‏.‏
وقيل أصله يا الله أمنا بخير فركب تركيب حيهلا مزج‏.‏
وقال أبورجاء العطاردي‏:‏ الميم فيها تجمع سبعين اسماً من أسمائه‏.‏
وقال ابن ظفر‏:‏ قيل إنها الاسم الأعظم واستدل لذلك بأن الله دال على الذات والميم دالة على الصفات التسعة والتسعين‏.‏
ولهذا قال أبو الحسن البصري‏:‏ اللهم تجمع‏.‏
وقال النضر بن شميل‏:‏ من قال اللهم فقد دعا الله بجميع أسمائه‏.‏
أم حرف عطف وهي نوعان‏:‏ متصلة وهي قسمان‏:‏ الأول أن يتقدم عليها همزة التسوية سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم‏.‏
سواء علينا أجزعنا أم صبرنا‏.‏
سواء عليهم استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم والثاني‏:‏ أن يتقدم عليها همزة يطلب بها وبأم التعيين نحو الذكرين حرم أم الانثيين وسميت في القسمين متصلة لأن ما قبلها وما بعدها لا يستغنى بأحدهما عن الآخر‏.‏
وتسمى أيضاً معادلة مادتها للهمزة في إفادة التسوية في القسم الأول والاستفهام في الثاني‏.‏
ويفترق القسمان من أربعة أوجه أحدها وثانيها‏:‏ أن الواقعة بعد همزة التسوية لا تستحق جواباً لأن المعنى معها ليس على الاستفهام وأن الكلام معها قابل التصديق والتكذيب لأنه خبر وليست تلك كذلك لأن الاستفهام معها على حقيقته‏.‏
والثالث والرابع‏:‏ أن الواقعة بعد همزة التسوية لا تقع إلا بين جملتين ولا تكون الجملتان معها إلا في تأويل المفردين وتكون الجملتان فعليتين واسميتين ومختلفتين نحو سواء عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون وأم الأخرى تقع بين المفردين وهوالغالب فيها نحو أأنتم أشد خلقاً أم السماء وبين جملتين ليسا في تأويلها‏.‏