النوع الثالث والأربعون في المحكم والمتشابه
 
قال تعالى هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات وقد حكى ابن حبيب النيسابوري في المسئلة ثلاثة أقوال‏.‏
أحدها‏:‏ أن القرآن كله محكم لقوله تعالى كتاب أحكمت آياته‏.‏
الثاني‏:‏ كله متشابه لقوله تعالى كتابًا متشابهًا مثاني‏.‏
الثالث وهوالصحيح‏:‏ انقسامه إلى محكم ومتشابه للآية المصدر بها‏.‏
والجواب عن الآيتين أن المراد بإحكامه إتقانه وعدم تطرق النقص والاختلاف إليه وبتشابهه كونه يشبه بعضه بعضًا في الحق والصدق والإعجاز‏.‏
وقال بعضهم‏:‏ الآية لا تدل على الحصر في شيئين إذ ليس فيها شيء من طرقه وقد قال تعالى لتبين للناس ما نزل إليهم والمحكم لا تتوقف معرفته على البيان والمتشابه لا يرجى بيانه‏.‏
وقد اختلف في تعيين المحكم والمتشابه على أقوال‏.‏
فقيل‏:‏ المحكم ما عرف المراد منه إما بالظهور وإما بالتأويل‏.‏
والمتشابه ما استأثر الله بعلمه كقيام الساعة وخروج الدجال والحروف المقطعة في أوائل السور‏.‏
وقيل‏:‏ المحكم ما وضح معناه والمتشابه نقيضه‏.‏
وقيل‏:‏ المحكم ما لا يحتمل من التأويل إلا وجهًا واحدًا والمتشابه ما احتمل أوجهًا‏.‏
وقيل‏:‏ المحكم ما كان معقول المعنى والمتشابه بخلافه كأعداد الصلوات واختصاص الصيام برمضان دون شعبان قاله الماوردي‏.‏
وقيل‏:‏ المحكم ما استقل بنفسه والمتشابه ما لا يستقل بنفسه إلا برده إلى غيره‏.‏
وقيل‏:‏ المحكم ما تأويله تنزيله والمتشابه ما لا يدرك إلا بالتأويل‏.‏
وقيل‏:‏ المحكم ما لم تكرر ألفاظه ومقابلة المتشابه‏.‏
وقيل‏:‏ المحكم الفرائض والوعد والوعيد والمتشابه القصص والأمثال‏.‏
أخرج ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال‏:‏ المحكمات ناسخة وحلاله وحرامه وحدوده وفرائضه وما يؤمن به ويعمل به والمتشابهات منسوخه ومقدمه ومؤخرة وأمثاله وأقسامه وما يؤمن به ولا يعمل به‏.‏
وأخرج الفريابي عن مجاهد قال‏:‏ المحكمات ما فيه الحلال والحرام وما سوى ذلك منه متشابه يصدق بعضه بعضًا‏.‏
واخرج ابن أبي حاتم عن الربيع قال‏:‏ المحكمات هي أوامره الزاجرة‏.‏
وأخرج عن إسحاق بن سويد أن يحيي ابن يعمر وأبا فاختة تراجعا في هذه الآية فقال أبوفاختة‏:‏ فواتح السور وقال يحيى‏:‏ الفرائض والأمر النهي والحلال‏.‏
وأخرج الحاكم وغيره عن ابن عباس قال‏:‏ الثلاث آيات من آخر سورة الأنعام محكمات قل تعالوا والآيتان بعدها‏.‏
وأخرج ابن أبي حاتم من وجه آخر عن ابن عباس في قوله تعالى فيه آيات محكمات قال‏:‏ من ها هنا قل تعالوا إلى ثلاث آيات ومن ها هنا وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه إلى ثلاث آيات بعدها‏.‏
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك قال‏:‏ المحكمات ما لم ينسخ منه والمتشابهات ما قد نسخ‏.‏
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان قال‏:‏ المتشابهات فيما بلغن ألم والمص والمر والر‏.‏
قال ابن أبي حاتم‏:‏ وقد روى عن عكرمة وقتادة وغيرهما أن المحكم الذي يعمل به والمتشابه الذي يؤمن به ولا يعمل به‏.‏
فصل اختلف‏:‏ هل المتشابه مما يمكن الاطلاع على علمه أولا يعلمه إلا الله على قولين منشؤهما الاختلاف في قوله ‏{‏والراسخون في العلم‏}‏ هل هومعطوف ويقولون حال أومبتدأ خبره يقولون والواو للاستئناف‏.‏
وعلى الأول طائفة يسيرة منه مجاهد وهورواية عن ابن عباس‏.‏
فأخرج ابن المنذر من طريق مجاهد عن ابن عباس في قوله ‏{‏وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم‏}‏ قال‏:‏ إنا مما يعلم تأويله‏.‏
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله ‏{‏والراسخون في العلم‏}‏ قال‏:‏ يعلمون تأويله ويقولون آمنا به‏.‏
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك قال الراسخون في العلم يعلمون تأويله لولم يعلموا تأويله لم يعلموا ناسخه من منسوخه ولا حلاله من حرامه ولا محكمه من متشابهه‏.‏
واختار هذا القول النووي فقال في شرح مسلم إنه الأصح لأنه يبعد أن يخاطب الله عباده بما لا سبيل لأحد من الخلق إلى معرفته‏.‏
وقال ابن الحاجب‏:‏ إنه الظاهر‏.‏
وأما الأكثرون من الصحابة والتابعين وأتباعهم ومن بعدهم خصوصًا أهل السنة فذهبوا إلى الثاني وهواصح الروايات عن ابن عباس‏.‏
قال ابن السمعاني‏:‏ لم يذهب إلى القول الأول إلا شرذمة قليلة واختاره العتبي قال‏:‏ وقد كان يعتقد مذهب أهل السنة لكنه سهى في هذه المسئلة‏.‏
قال‏:‏ ولا غروفإن لكل جواد كبوة ولكل عالم هفوة‏.‏
قلت‏:‏ ويدل لصحة مذهب الأكثرين ما أخرجه عبد الرزاق في تفسيره والحاكم في مستتدركه عن ابن عباس أنه كان يقرأ وما يعلم تأويله إلا الله ويقول والراسخون في العلم آمنا به فهذا يدل على أن الواو للاستئناف لأن هذه الرواية وإن لم تثبت بها القراءة فأقل درجتها ا تكون خبرًا بإسناد صحيح إلى ترجمان القرآن فيقدم كلامه في ذلك على من دونه ويؤيد ذلك أن الآية دلت على ذم منبعي المتشابه ووصفهم بالزيغ وابتغاء الفتنة وعلى مدح الذين فوضوا العلم إلى الله وسلموا إليه كما مدح الله المؤمنين بالغيب‏.‏
وحكى الفراء أن في قراءة أبيّ بن كعب أيضًا‏:‏ ويثول الراسخون‏.‏
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف من طريق الأعمش قال في قراءة ابن مسعود‏:‏ وإن تأويله إلا عند الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به‏.‏
وأخرج الشيخان وغيرهما على عائشة قالت‏:‏ تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية ‏{‏هو الذي أنزل عليك الكتاب‏}‏ إلى قوله ‏{‏أولوا الألباب‏}‏ قالت‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فأحذرهم‏.‏
وأخرج الطبراني في الكبير عن أبي مالك الأشعري أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا أخاف على أمي إلا ثلاث خلال‏:‏ أن يكثر لهم المال فيتحاسدوا فيقتتلوا وأن يفتح لهم الكتاب فيأخذه المؤمن يبتغي تأويله وما يعلم تأويله إلا الله الحديث‏.‏
أخرج ابن مردويه من حديث عمروبن شعيب عن أبيه عن جده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن القرآن لم ينزل ليكذب بعضه بعضًا فما عرفتم منه فاعملوا به وما تشابه فآمنوا به‏.‏
واخرج الحاكم عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ كان الكتاب الأول ينزل من باب واحد على حرف واحد ونزل القرآن من سبعة أبواب على سبعة أحرف‏:‏ زاجر وأمر وحلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال فأحلوا حلاله وحرموا حرامه وافعلوا ما أمرتم به وانتهوا عما نهيتم عنه واعتبروا بأمثاله واعملوا بمحكمه وآمنوا بمتشابهه وقولوا آمنا به كل من عند ربنا‏.‏
وأخرج البيهقي في الشعب نحوه من حديث أبي هريرة‏.‏
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس مرفوعًا‏:‏ أنزل القرآن على أربعة أحرف‏:‏ حلال وحرام لا يعذر أحد بجهالته وتفسير تفسره العرب وتفسير تفسره العلماء ومتشابه لا يعلمه إلا الله ومن ادعى علمه سوى الله فهوكاذب‏.‏
ثم أخرجه من وجه آخر عن ابن عباس موقوفًا بنحوه‏.‏
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس قال‏:‏ نؤمن بالمحكم وندين به ونؤمن بالمتشابه ولا ندين به وهومن عند الله كله‏.‏
وأخرج أيضًا عن عائشة قالت‏:‏ كان رسوخهم في العلم أن آمنوا بمتشابهه ولا يعلمونه‏.‏
واخرج أيضًا عن أبي الشعثاء وأبي نهيك قالا‏:‏ إنكم تصلون هذه الآية وهي مقطوعة‏.‏
وأخرج الدارمي في مسنده عن سليما بن يسار أن رجلًا يقال له صبيغ قدم المدينة فجعل يسأل عن متشابه القرآن فأرسل إليه عمر وقد أعد له عراجين النخل فقال‏:‏ من أنت قال‏:‏ أنا عبد الله بن صبيغ فأخذ عمر عرجونًا من تلك العراجين فضربه حتى دمى رأسه‏.‏
وفي رواية عنده‏:‏ فضربه بالجريد حتى ترك ظهره دبرة ثم تركه حتى برأ ثم عاد ثم تركه حتى برأ فدعا به ليعود فقال‏:‏ إن كنت تريد قتلي فاقتلني قتلًا جميلًا فأذن له إلى أرضه وكتب إلى أبي موسى الأشعري‏:‏ لا يجالسه أحد من المسلمين‏.‏
وأخرج الدارمي عن عمر بن الخطاب قال‏:‏ إنه سيآتيكم ناس يجادلونكم بمشتبهات القرآن فخذوهم بالسنن فإن أصحب السن أعلم بكتاب الله‏.‏
فهذه الأحاديث والآثار تدل على أن المتشابه مما لا يعلمه إلا الله وأن الخوض فيه مذموم وسيأتي قريبًا زيادة على ذلك‏.‏
قال الطيبي‏:‏ المراد بالمحكم ما اتضح معناه والمتشابه بخلافه لأن اللفظ الذي يقبل معنى إما أن يحتمل غيره أوأولًا والثاني النص‏.‏
والأول إما أن تكون دلالته على ذلك الغير أرجح أولا والأول هو الظاهر‏.‏
والثاني إما أن يكون مساويه أولًا والأول هو المجمل والثاني المؤول فالمشترك بين النص والظاهر هو المحكم والمشترك بين المجمل والمؤول هو المتشابه ويؤيد هذا التقسيم أنه أعالي أوقع المحكم مقابلًا للمتشابه‏.‏
قالوا‏:‏ فالواجب أن يفسر المحكم بما يقابله ويعضد ذلك أسلوب الآية وهوالجمع مع التقسيم لأنه تعالى فرق ما جمع في معنى الكتاب بأن قال منه آيات محكمات وأخر متشابهات وأرد أن يضيف إلى كل منهما ما شاء فقال أولًا فأما الذين في قلوبهم زيغ إلى أن قال والراسخون في العلم يقولون آمنا به وكان يمكن أن يقال‏:‏ وأما الذين في قلوبهم استقامة فيتبعون المحكم لكنه وضع موضع ذلك والراسخون في العلم لإتيان لفظ الرسوخ لأنه لا يحصل إلا بعد التثبت العام والاجتهاد البليغ فإذا استقام القلب على طرق الإرشاد ورسخ القدم في العلم أفصح صاحبه النطق بالقول الحق وكفى بدعاء الراسخين في العلم ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا الخ شاهدًا على أن الراسخون في العلم مقابل لقوله ‏{‏الذين في قلوبهم زيغ‏}‏ وفيه إشارة إلى أن الوقف على قوله إلا الله تام وإلى أن علم بعض المتشابه مختص بالله تعالى وأن من حاول معرفته هو الذي أشار إليه في الحديث بقوله فاحذرهم وقال بعضهم‏:‏ العقل مبتلي باعتقاد حقيقة المتشابه كابتلاء البدن بأداء العبادة كالحكيم إذا صنف كتابًا أجمل فيه أحيانًا ليكون موضع خضوع المتعلم لأستاذه وكالملك يتخذ علامة يمتاز بها من يطلعه على سره‏.‏
وقيل‏:‏ لولم يبتل العقل الذي هوأشرف البدن لاستمر العالم في أبهة العلم على التمرد فبذلك يستأنس إلى التذلل بعز العبودية والمتشابه هوموضع خضوع العقول لبارئها استسلامًا واعترافًا بقصورها‏.‏
وفي ختم الآية بقوله تعالى وما يذكر إلا أولوا الألباب تعريض للزائغين ومدح للراسخين‏:‏ يعني من لم يتذكر ويتعظ ويخالف هواه فليس من أولي العقول ومن ثم ثقال الراسخون ربنا لا تزغ قلوبنا إلى آخر الآية فخضعوا لباريهم لاستنزال العلم اللدني بعد أن استعاذوا به من الزيغ النفساني‏.‏
وقال الخطابي‏:‏ المتشابه على ضربين‏:‏ أحدهما ما إذا رد إلى المحكم واعتبر به عرف معناه‏.‏
والآخر ما لا سبيل إلى الوقوف على حقيقته وهوالذي يتبعه أهل الزيغ فيطلبون تأويله ولا يبلغون كنهه فيرتابون فيه فيتفتتون‏.‏
وقال ابن الحصار‏:‏ قسم الله آيات القرآن إلى محكم ومتشابه وأخبر عن المحكمات أنها أم الكتاب لأن إليها ترد المتشابهات وهي التي تعتمد في فهم مراد الله من خلقه في كل ما تعبدوهم به من معرفته وتصديق رسله وامتثال أوامره واجتناب نواهيه وبهذا الاعتبار كانت أمهات‏.‏
ثم أخبر عن الذين في قلوبهم زيغ أنهم هم الذين يتبعون ما تشابه منه ومعنى ذلك أن من لم يكن على يقين من المحكمات وفي قلبه شك واسترابة كانت راحته في تتبع المشكلات المتشابهات‏.‏
ومراد الشارع منها التقدم إلى فهم المحكمات وتقديم الأمهات حتى إذا حصل اليقين ورسل العلم لم تبل بما أشكل عليك‏.‏
ومراد هذا الذي في قلبه زيغ التقدم إلى المشكلات وفهم المتشابه قبل فهم الأمهات وهوعكس المعقول والمعتاد والمشروع ومثل هؤلاء مثل المشركين الذين يقترحون على رسلهم آيات غير الآيات التي جاؤوا بها ويظنون أنهم لوجاءتهم آيات أخر لآمنوا عندها جهلًا منهم وما علموا أن الإيمان بإذن الله تعالى‏.‏
وقال الراغب في مفردات القرآن‏:‏ الآيات عند اعتبار بعضها ببعض ثلاثة أضرب‏:‏ محكم على الإطلاق ومتشابه على الإطلاق ومحكم من وجه متشابه من وجه‏.‏
فلا متشابه بالجملة ثلاثة أضرب‏:‏ متشابه من جهة اللفظ فقط ومن جهة المعنى فقط ومن جهتهما‏.‏
فالأول ضربان‏:‏ أحدهما يرجع إلى الألفاظ المفردة إما من جهة الغرابة نحو الأب و يزفون أوالاشتراك كاليد واليمين‏.‏
وثانيهما يرجع إلى جملة الكلام المركب وذلك ثلاثة أضرب‏:‏ ضرب لاختصار الكلام نحو وإن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم وضرب لبسطه نحو ليس كمثله شيء لأنه لوقيل ليس مثله شيء كان أظهر للسامع‏.‏
وضرب لنظم الكلام نحوه أنزل على عبده الكلام ولم يجعل له عوجًا قيمًا تقديره‏:‏ أنزل على عبده الكتاب قيمًا ولم يجعل له عوجًا‏.‏
والمتشابه من جهة المعنى أوصاف الله تعالى وأوصاف القيامة فإن تلك الأوصاف لا تتصور لنا إذا كان لا يحصل في نفوسنا صورة ما لم تحسه أوليس من جنسه‏.‏
والمتشابه من جهتهما خمسة أضرب‏:‏ الأول من جهة الكمية كالعموم والخصوص نحو اقتلوا المشركين والثاني من جهة الكيفية كالوجوب والندب نحو فانكحوا ما طاب لكم من النساء‏.‏
والثالث من جهة الزمان كالناسخ والمنسوخ نحو اتقوا الله حق تقاته والرابع من جهة المكان والأمور التي نزلت فيها نحو وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها إن من نسأ زيادة في الكفر فإن لم يعرف عادتهم في الجاهلية يتعذر عليه تفسير هذه الآية‏.‏
الخامس من جهة الشروط التي يصح بها الفعل ويفسد كشروط الصلاة والنكاح قال‏:‏ وهذه الجملة إذا تصورت علم أن كل ما ذكره المفسرون في تفسير المتشابه لا يخرج عن هذه التقاسيم‏.‏
ثم جمع المتشابه على ثلاثة أضرب‏:‏ ضرب لا سبيل إلى الوقوف عليه كوقت الساعة وخروج الدابة ونحوذلك وضرب للإنسان سبيل إلى معرفته كالألفاظ الغريبة والأحكام القلقة وضرب متردد بين الأمرين يختص بمعرفته بعض الراسخين في العلم ويخفي على من دونهم وهوالمشار بقوله صلى الله عليه وسلم لابن عباس اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل وإذا عرفت هذه الجهة عرفت أن الوقوف على قوله ‏{‏وما يعلم تأويله إلا الله‏}‏ ووصله بقوله ‏{‏والراسخون في العلم‏}‏ جائزان وإن لكل واحد منهما وجهًا جسيمًا دل عليه التفصيل المتقدم‏.‏
وقال الإمام فخر الدين‏:‏ صرف اللفظ عن الراجح إلى المرجوح لا بد فيه من دليل منفصل وهوإما لفظي أوعقلي‏.‏
فالأول لا يمكن اعتباره في المسائل الأصولية لأنه لا يكون قاطعًا لأنه موقوف على انتفاء الاحتمالات العشرة المعروفة وانتفاؤها مظنون والموقوف على المظنون مظنون والظني لا يكتفي به في الأصول‏.‏
وأما العقلي فإنما يفيد صرف اللفظ عن ظاهره لكون الظاهر محالًا‏.‏
وأما إثبات المعنى المراد فلا يمكن بالعقل لأن طريق ذلك ترجيح مجاز على مجاز وتأويل على تأويل وذلك الترجيح لا يمكن إلا بالدليل اللفظي والدليل اللفظي في الترجيح ضعيف لا يفيد الظن والظن لا يعول عليه في المسائل الأصولية القطعية فلهذا اختار الأئمة المحققون من السلف والخلف بعد إقامة الدليل القاطع على أن حمل اللفظ على ظاهره محال ترك الخوض في تعيين التأويل‏.‏
وحسبك بهذا الكلام من الإمام‏.‏
فصل من المتشابه آيات الصفات ولابن اللبان فيها تصنيف مفرد نحو الرحمن على العرش استوى كل شيء هالك إلا وجهه ويبقى وجه ربك ولتصنع على عيني يد الله فوق أيديهم والسموات مطويات بيمينه وجمهور أهل السنة منهم السلف وأهل الحديث على الإيمان بها وتفويض معناها المراد منها إلى الله تعالى ولا نفسرها مع تنزيهنا له عن حقيقتها‏:‏ أخرج أبو القاسم اللالكائي في السنة من طريق قرة بن خالد عن الحسن عن أمه عن أم سلمة في قوله تعالى الرحمن على العرش استوى قال‏:‏ الكيف غير المعقول والاستواء غير مجهول والإقرار به من الإيمان والجحود به كفر‏.‏
وأخرج أيضًا عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه سئل عن قوله ‏{‏الرحمن على العرش استوى‏}‏ فقال‏:‏ الإيمان غير مجهول والكيف غير معقول ومن الله الرسالة وعلى الرسول البلاغ المبين وعلينا التصديق‏.‏
واخرج أيضًا عن مالك أنه سئل عن الآية فقال‏:‏ الكيف غير معقول والاستواء غير مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة‏.‏
وأخرج البيهقي عنه أنه قال‏:‏ هوكما وصف نفسه ولا يقال كيف وكيف عنه مرفوع‏.‏
وأخرج اللا لكائي عن محمد بن الحسن قال‏:‏ اتفق الفقهاء كلهم من المشرق إلى المغرب على الإيمان بالصفات من غير تقسيم ولا تشبيه‏.‏
وقال الترمذي في الكلام على حديث الرؤية المذهب في هذا عند أهل العلم من الأئمة مثل سفيان الثوري ومالك وابن المبارك وابن عيينة ووكيع وغيرهم أنهم قالوا‏:‏ نروي هذه الأحاديث كما جاءت ونؤمن بها ولا يقال كيف ولا نفسر ولا نتوهم‏.‏
وذهبت طائفة من أهل السنة إلى أننا نؤولها على ما يليق بحلاله تعالى وهذا مذهب الخلف‏.‏
وكان إمام الحرمين يذهب إليه ثم رجع عنه فقال في الرسالة النظامية‏:‏ الذي نرتضيه دينًا وندين الله به عقدًا أتباع سلف الأمة فإنهم درجوا على ترك التعرض لمعانيها‏.‏
وقال ابن الصلاح‏:‏ على هذه الطريقة مضى صدر الأمة وساداتها وإياها اختار أئمة الفقهاء وقاداتها وإليها دعا أئمة الحديث وأعلامه ولا أحد من المتكلمين من أصحابنا يصدف عنها ويأباها‏.‏
واختار ابن برهان مذهب التأويل قال‏:‏ ومنشأ الخلاف بين الفريقين هل يجوز أن يكون في القرآن شيء لم نعلم أولًا بل يعلمه الراسخون في العلم وتوسط ابن دقيق العيد فقال‏:‏ إذا كان التأويل قريبًا من لسان العرب لم ينكر أوبعيدًا توقفنا عنه وآمنا بمعناه على الوجه الذي أريد به مع التنزيه‏.‏
قال‏:‏ وما كان معناه من هذه الألفاظ ظاهرًا مفهومًا من تخاطب العرب قلنا به من غير توقيف كما في قوله تعالى يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله فنحمله على حق الله وما يجب له‏.‏
ذكر ما وقفت عليه من تأويل الآية المذكورة على طريقة أهل السنة من ذلك صفة الاستواء وحاصل ما رأيت فيها سبعة أجوبة‏.‏
أحدها‏:‏ حكى مقاتل والكلبي عن ابن عباس أن استوى بمعنى استقر وهذا إن صح يحتاج إلى تأويل فإن الاستقرار يشعر بالتجسيم‏.‏
ثانيها‏:‏ أن استوى بمعنى استولى ورد بوجهين‏:‏ أحدهما أن الله تعالى مستول على الكونين والجنة والنار وأهلهما فأي فائدة في تخصيص العرش‏.‏
والآخر أن الاستيلاء إنما يكون بعد قهر وغلبة والله سبحانه وتعالى منزه عن ذلك‏.‏
وأخرج اللالكائي في السنة عن ابن الأعرابي أنه سئل عن معنى استوى فقال‏:‏ هوعلى عرشه كما أخبر فقيل يا أبا عبد الله معناه استولى قال‏:‏ اسكت لا يقال استولى على الشيء إلا إذا كان له مضاد فإذا غلب أحدهما قيل استولى‏.‏
ثالثها‏:‏ أنه بمعنى صعد قاله أبوعبيد‏.‏
ورد بأنه تعالى منزه عن الصعود أيضًا‏.‏
رابعها‏:‏ أن التقدير الرحمن علا‏:‏ أي ارتفع من العلووالعرش له استوى حكاه إسماعيل الضرير في تفسيره‏.‏
ورد بوجهين‏:‏ أحدهما أنه جعل على فعلًا وهي حرف هنا باتفاق فلوكانت فعلًا لكتبت بالألف كقوله ‏{‏علا في الأرض‏}‏ والآخر أنه رفع العرش ولم يرفعه أحد من القراء‏.‏
خامسها‏:‏ أن الكلام تم عند قوله ‏{‏الرحمن على العرش‏}‏ ثم ابتدأ بقوله ‏{‏استوى له ما في السموات وما في الأرض‏}‏ ورد بأنه يزيل الآية عن نظمها ومرادها‏.‏
قلت‏:‏ ولا يتأنى له في قوله ‏{‏ثم استوى على العرش‏}‏ سادسها‏:‏ أن معنى استوى‏:‏ أقبل على خلق العرش وعمد إلى خلقه كقوله ‏{‏ثم استوى إلى السماء وهي دخان‏}‏ أي قصد وعمد إلى خلقها قاله الفراء والأشعري وجماعة أهل المعاني وقال إسماعيل الضرير‏:‏ إنه الصواب‏.‏
قلت‏:‏ يبعده تعديته بعلى ولوكان كما ذكروه لتعدى بإلى كما في قوله ‏{‏ثم استوى إلى السماء‏}‏ سابعها‏:‏ قال ابن اللبان‏:‏ الاستواء المنسوب إليه تعالى بمعنى اعتدل‏:‏ أي قام بالعدل كقوله تعالى قائمًا بالقسط والعدل هواستواؤه ويرجع معناه إلى أنه أعطى بعزته كل شيء خلقه موزونًا بحكمته البالغة‏.‏
ومن ذلك النفس في قوله تعالى تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك ووجه بأنه خروج على سبيل المشاكلة مرادًا به الغيب لأنه مستتر كالنفس وقوله ‏{‏ويحذركم الله نفسه‏}‏ أي عقوبته وقيل إياه‏.‏
وقال السهيلي‏:‏ النفس عبارة عن حقيقة الوجود دون معنى زائد وقد استعمل من لفظه النفاسة والشيء النفيس فصلحت للتعبير عنه سبحانه وتعالى‏.‏
وقال ابن اللبان‏:‏ أولها العلماء بتأويلات‏:‏ منها أن النفس عبر بها عن الذات‏.‏
قال‏:‏ وهذا وإن كان سائغًا في اللغة ولكن تعدى الفعل إليها بفي المفيدة للظرفية محال عليه تعالى وقد أولها بعضهم بالغيب‏:‏ أي ولا أعلم ما في غيبك وسرك‏.‏
قال‏:‏ وهذا حسن لقوله في آخر الآية إنك أنت علام الغيوب ومن ذلك الوجه وهومؤول بالذات‏.‏
وقال ابن اللبان في قوله ‏{‏يريدون وجهه‏}‏ ‏{‏إنما نطعمكم لوجه الله‏}‏ ‏{‏إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى‏}‏ المراد إخلاص النية‏.‏
وقال غيره في قوله ‏{‏فثم وجه الله} أي الجهة التي أمر بالتوجه إليها ومن ذلك العين وهي مؤولة بالبصر أوالإدراك‏.‏
بل قال بعضهم‏:‏ إنها حقيقة في ذلك خلافًا لتوهم بعض الناس أنها مجاز وإنما المجاز في تسمية العضوبها‏.‏
وقال ابن اللبان‏:‏ نسبة العين إليه تعالى اسم لآياته المبصرة التي بها سبحانه ينظر للمؤمنين وبها ينظرون إليه‏.‏
قال تعالى فلما جاءتهم آياتنا مبصرة نسب البصر للآيات على سبيل المجاز تحقيقًا لأنها المرادة بالعين المنسوبة إليه وقال قد جاءكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه ومن عمى فعليها قال‏:‏ فقوله ‏{‏واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا‏}‏ أي بآياتنا تنظر بها إلينا وننظر بها إليك ويؤيده أن المراد بالأعين هنا الآيات كونه علل بها الصبر لحكم ربه صريحًا في قوله ‏{‏إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلًا فاصبر لحكم ربك‏}‏ قال‏:‏ وقوله في سفينة نوح ‏{‏تجري بأعيننا‏}‏ أي بآياتنا بدليل ‏{‏وقال اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها‏}‏ وقال ‏{‏ولتصنع على عيني‏}‏ أي على حكم آيتي التي أوحيتها إلى أمك ‏{‏أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم‏}‏ الآية أه‏.‏
وقال غيره‏:‏ المراد في الآيات كلاءته تعالى‏:‏ ومن ذلك اليد في قوله تعالى لما خلقت بيدي يد الله فوق أيديهم مما عملت أيدينا وإن الفضل بيد الله وهي مؤولة بالقدرة‏.‏
وقال السهيلي‏:‏ اليد في الأصل كالبصر عبارة عن صفة الموصوف ولذلك مدح سبحانه وتعالى بالأيدي مقرونة مع الأبصار في قوله ‏{‏أولو الأيدي والأبصار‏}‏ فلم يمدحهم بالجوارح لأن المدح إنما يتعلق بالصفات لا بالجواهر‏.‏
قال‏:‏ ولهذا قال الأشعري‏:‏ إن اليد صفة ورد بها الشرع والذي يلوح من معنى هذه الصفة أنها قريبة من معنى القدرة إلا أنها أخص والقدرة أعم كالمحبة مع الإرادة والمشيئة فإن في اليد تشريفًا لازمًا‏.‏
وقال البغوي في قوله بيدي في تحقيق الله التثنية في اليد دليل على أنها ليست بمعنى القدرة والقوة والنعمة وإنما هما صفتان من صفات ذاته‏.‏
وقال مجاهد‏:‏ اليد هنا موصولة وتأكيد كقوله ‏{‏ويبقى وجه ربك‏}‏ قال البغوي‏:‏ وهذا تأويل غير قوى لأنها لوكانت صلة لكان لإبليس أن يقول إن كنت خلقته فقد خلقتني وكذلك في القدرة والنعمة لا يكون لآدم في الخلق مزية على إبليس‏.‏
وقال ابن اللبان‏:‏ فإن قلت‏:‏ فما حقيقة اليدين في خلق آدم قلت‏:‏ الله أعلم بما أراد ولكن الذي استثمرته من تدبر كتابه أن اليدين استعارة لنور قدرته القائم بصفة فضله ولنورها القائم بصفة عدله ونبه على تخصيص آدم وتكريمه بأن جمع له في خلقه بين فضله وعدله‏.‏
قال‏:‏ وصاحبة الفضل هي اليمين التي ذكرها في قوله ‏{‏والسموات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى‏}‏‏.‏
ومن ذلك الساق في قوله ‏{‏يوم يكشف عن ساق‏}‏ ومعناه‏:‏ عن شدة وأمر عظيم كما يقال قامت الحرب على ساق‏.‏
أخرج الحاكم في المستدرك من طريق عكرمة عن ابن عباس أنه سئل عن قوله ‏{‏يوم يكشف عن ساق‏}‏ قال‏:‏ إذا خفي عيكم شيء من القرآن فابتغوه في الشعر فإنه ديوان العرب أما سمعتم قول الشاعر‏:‏ ابر عناق إنه شر باق قد سنا لي قومك ضرب الأعناق وقامت الحرب بنا على ساق قال ابن عباس‏:‏ هذا يوم كرب وشدة‏.‏
ومن ذلك الجنب في قوله تعالى ما فرطت في جنب الله أي في طاعته وحقه لأن التفريط إنما يع في ذلك ولا يقع في الجنب المعهود‏.‏
ومن ذلك صفة القرب في قوله ‏{‏فإني قريب‏}‏ ‏{‏ونحن أقرب إليه من حبل الوريد‏}‏ أي بالعلم‏.‏
ومن ذلك صفة الفوقية في قوله ‏{‏وهو القاهر فوق عباده‏}‏ ‏{‏يخافون ربهم من فوقهم‏}‏ والمراد بها العلومن غير جهة‏.‏
وقد قال فرعون ‏{‏وإنا فوقهم قاهرون‏}‏ ولا شك أنه لم يرد العلوالمكاني‏.‏
ومن ذلك صفة المجيء في قوله ‏{‏وجاء ربك‏}‏ واو يأتي ربك أي أمره لا الملك إنما يأتي بأمره أوبتسليطه كما قال تعالى وهم بأمره يعملون فصار كما لوصرح به وكذا قوله ‏{‏اذهب أنت وربك فقاتلا‏}‏ أي اذهب بربك‏:‏ أي بتوقيفه وقوته‏.‏
ومن ذلك صفة الحب في قوله ‏{‏يحبهم ويحبونه}
{فاتبعوني يحببكم الله} وصفة الغضب في قوله ‏{‏غضب الله عليها} وصفة الرضا في قوله ‏{‏رضي الله عنهم‏}‏ وصفة العجب في قوله ‏{‏بل عجبت} بضم التاء وقوله ‏{‏وإن تعجب فعجب قولهم‏}‏ صفة الرحمة في آيات كثيرة‏.‏
وقد قال العلماء كل صفة يستحيل حقيقتها على الله تعالى تفسر بلازمها‏.‏
قال الإمام فخر الدين‏:‏ جميع الأعراض النفسانية‏:‏ أعني الرحمة والفرح والسرور والغضب والحياء والمكر والاستهزاء لها أوائل ولها غايات‏.‏
مثاله الغضب فإن أوله غليان دم القلب وغايته إرادة إيصال الضرر إلى المغضوب عليه فلفظ الغضب في حق الله لا يحمل على أوله الذي هوغليان دم القلب بل غرضه الذي هوإرادة الإضرار‏.‏
وكذلك الحياء له أول وهوانكسار يحصل في النفس وله غرض وهوترك الفعل فلفظ الحياء في حق الله يحمل على ترك الفعل لا على انكسار النفس‏.‏
وقال الحسين بن الفضل‏:‏ العجب من الله إنكار الشيء وتعظيمه‏.‏
وسئل الجنيد عن قوله ‏{‏وإن تعجب فعجب قولهم‏}‏ فقال‏:‏ إن الله لا يعجب من شيء ولكن الله وافق رسوله فقال‏:‏ وإن تعجب فعجب قولهم‏:‏ أي هوكما تقول‏.‏
ومن ذلك لفظة عند في قوله تعالى عند ربك ومن عنده ومعناهما الإشارة إلى التمكين والزلفى والرفعة‏.‏
ومن ذلك قوله ‏{‏وهو معكم أينما كنتم‏}‏ أي بعلمه وقوله ‏{‏وهو الله في السموات وفي الأرض يعلم‏}‏ قال البيهقي‏:‏ الأصح أن معناه أنه المعبود في السموات وفي الأرض مثل قوله ‏{‏وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله‏}‏‏.‏
وقال الأشعري‏:‏ الظرف متعلق بيعلم‏:‏ أي عالم بما في السموات والأرض‏.‏
ومن ذلك قوله ‏{‏سنفرغ لكم أيها الثقلان‏}‏ أي سنقصد لجزائكم‏.‏
تنبيه قال ابن اللبان‏:‏ ليس من المتشابه قوله تعالى ‏{‏إن بطش ربك لشديد‏}‏ لأنه فسره بعده بقوله ‏{‏إنه هو يبدئ ويعيد‏}‏ تنبيهًا على أن بطشه عبارة عن تصرفه في بدئه وإعادته وجميع تصرفاته في مخلوقاته‏.‏
فصل ومن المتشابه أوائل السور والمختار فيها أيضًا أنها من الأسرار التي لا يعلمها إلا الله تعالى‏.‏
أخرج ابن المنذر وغيره عن الشعبي أنه سئل عن فواتح السور فقال‏:‏ إن لكل كتاب سرًا وإن سر هذا القرآن فواتح السور‏.‏
وخاض في معناها آخرون فأخرج ابن أبي حاتم وغيره من طريق أبي الضحى عن ابن عباس في قوله الم قال‏:‏ أنا الله أعلم‏.‏
وفي قوله المص قال‏:‏ أنا الله أفضل‏.‏
وفي قوله الر قال‏:‏ أنا الله أرى‏.‏
وأخرج من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله الم وحم ون قال اسم مقطع‏.‏
وأخرج من طريق عكرمة عن ابن عباس قال الر وحم ون حروف الرحمن مفرقة
وأخرج أبو الشيخ عن محمد بن كعب القرظي قال الر من الرحمن‏.‏
وأخرج عنه أيضًا المص الألف من الله والميم من الرحمن والصاد من الصمد‏.‏وأخرج أيضًا عن الضحاك في قوله المص قال أنا الله الصادق‏.‏
وقيل المص‏:‏ معناه المصور‏.‏
وقيل الر معناه أنا أعلم وأرفع حكاها الكرماني في غرائبه‏.‏
وأخرج الحاكم وغيره من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس في كهيعص قال‏:‏ الكاف من كريم والهاء من هاد والياء من حكيم والعين من عليم والصاد من صادق‏.‏
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق السدي عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة ابن مسعود وناس من الصحابة في قوله كهيعص قال‏:‏ هوهجاء مقطع الكاف من الملك والهاء من الله والعين من العزيز والصاد من المصور‏.‏
وأخرج عن محمد بن كعب مثله إلا أنه قال‏:‏ والصاد من الصمد‏.‏
وأخرج سعيد بن منصور وابن مردويه من طريق آخر عن سعيد عن ابن عباس في قوله كهيعص قال‏:‏ كبير هاد أمين عزيز صادق‏.‏
وأخرج ابن مردويه من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله كهيعص قال‏:‏ الكاف الكافىء والهاء الهادي والعين العالم والصاد الصادق‏.‏
وأخرج من طريق يوسف بن عطية قال‏:‏ سئل الكلبي فحدث عن كهيعص عن أبي صالح عن أم هاني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ كاف هاد أمين عالم صادق‏.‏
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله كهيعص قال‏:‏ يقول أنا الكبير أنا الهادي على أمين صادق‏.‏
وأخرج عن محمد بن كعب في قوله طه قال‏:‏ الطاء من ذي الطول‏.‏
وأخرج عنه أيضًا في قوله طسم قال‏:‏ الطاء من ذي الطول والسين من القدوس والميم من الرحمن‏.‏
وأخرج عن سعيد بن جبير في قوله حم قال‏:‏ حاء اشتقت من الرحمن وميم اشتقت من الرحيم‏.‏
وأخرج عن محمد بن كعب في قوله حمعسق قال‏:‏ والحاء والميم من الرحمن والعين من العليم والسين من القدوس والقاف من القاهر‏.‏
وأخرج عن مجاهد قال‏:‏ فواتح السور كلها هجاء مقطوع‏.‏
وأخرج عن سالم بن عبد الله قال الم وحم ون ونحوها اسم الله مقطعة‏.‏
وأخرج عن السدي قال‏:‏ فواتح السور أسماء من أسماء الرب جل جلاله فرقت في القرآن‏.‏
وحكى الكرماني في قوله ق أنه حرف من اسمه قادر وقاهر‏.‏
وحكى غيره في قوله ن أنه مفتاح اسمه تعالى نور وناصر‏.‏وهذه الأقوال كلها راجعة إلى قول واحد وهوأنها حروف مقطعة كل حرف منها مأخوذ من اسم من أسمائه تعالى والاكتفاء ببعض الكلمة معهود في العربية‏.‏
قال الشاعر‏:‏ قلت لها قفي فقالت ق أي وقفت‏.‏
وقال بالخير خيران وإن شرافًا ولا أريد الشر إلا أن تا أراد‏:‏ وإن شرًا فشر وإلا أن تشاء‏.‏
وقال‏:‏ ناداهم ألا الحموا ألاتا قالوا جميعاص كلهم ألافا أراد‏:‏ ألا تركبون ألا اركبوا وهذا القول اختاره الزجاج‏.‏وقال العرب‏:‏ تنطق بالحرف الواحد تدل على الكلمة التي هومنها‏.‏
وقيل إنها الاسم الأعظم إلا أنا لا نعرف تأليفه منا كذا نقله ابن عطية‏.‏
وأخرج ابن جرير بسند صحيح عن ابن مسعود قال‏:‏ هواسم الله الأعظم‏.‏
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق السدي أنه بلغه عن ابن عباس قال الم وطسم وص وأشباهها قسم أقسم الله به وهومن أسماء الله وهذا يصلح أن يكون قولًا ثالثًا‏:‏ أي أنها برمتها أسماء الله ويصلح أن يكون من القول الأول ومن الثاني‏.‏
وعلى الأول مشى ابن عطية وغيره ويؤيده ما أخرجه ابن ماجه في تفسيره من طريق نافع عن أبي نعيم القاري عن فاطمة بنت علي بن أبي طالب أنها سمعت علي بن أبي طالب يقول‏:‏ يا كهيعص اغفر لي‏.‏
وما أخرجه ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس في قوله كهيعص قال‏:‏ يا من يجير ولا يجار عليه‏.‏
وأخرج عن أشهب قال‏:‏ سألت مالك بن أنس أينبغي لأحد أن يتسمى بيس قال‏:‏ ما أراه ينبغي لقول الله يس والقرآن الحكيم يقول هذا اسم تسميت به‏.‏
وقيل هي أسماء للقرآن كالفرقان والذكر أخرجه عبد الرزاق عن قتادة‏.‏

وأخرجه ابن أبي حاتم بلفظ‏:‏ كل هجاء في القرآن فهواسم من أسماء القرآن‏.‏
وقيل هي أسماء للسور نقله الماوردي وغيره عن زيد بن أسلم ونسبه صاحب الكشاف إلى الأكثر‏.‏
وقيل هي فواتح السور كما يقولون في أول القصائد بل ولا‏.‏
أخرج ثور بن جرير من طريق الثوري عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال الم وحم والمص وص ونحوها فواتح يفتتح الله بها القرآن‏.‏
وأخرج أبو الشيخ من طريق ابن جرير قال‏:‏ قال مجاهد الم الر المر فواتح افتتح الله بها القرآن‏.‏
قلت‏:‏ ألم يكن يقول هذه هي أسماء قال لا‏.‏
وقيل هذا حساب أبي جاد لتدل على مدة هذه الأمة‏.‏
وأخرج ابن أبي إسحاق عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس عن جابر بن عبد الله بن رباب قال‏:‏ مر أبوياسر بن أخطب في رجال من يهود برسول الله صلى الله عليه وسلم وهويتلوفاتحة سورة البقرة الم ذلك الكتاب لا ريب فيه فأتى أخاه حيي بن أخطب في رجال من اليهود فقال‏:‏ تعلمون والله لقد سمعت محمدًا يتلوفيما أنزل عليه الم ذلك الكتاب فقال‏:‏ أنت سمعته قال‏:‏ نعم‏.‏
فمشى حيي في أولئك النفر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا‏:‏ ألم تذكر أنك تتلوفيما أنزل عليك الم ذلك الكتاب فقال بلى فقالوا‏:‏ لقد بعث الله قبلك أنبياء ما نعلمه بين لنبي منهم ما مدة ملكه وما أجل أمته غيرك الألف بواحد واللام بثلاثين والميم بأربعين فهذه إحدى وسبعون سنة أفندخل في دين نبي إنما مدة ملكه وأجل أمته إحدى وسبعوسنة ثم قال‏:‏ يا محمد هل مع هذا غيره قال‏:‏ نعم المص قال‏:‏ هذه أثقل وأطول‏:‏ الألف بواحد واللام بثلاثين والميم بأربعين والصاد بتسعين فهذه إحدى وستون ومائة سنة هل مع هذا غيره قال‏:‏ نعم المر قال‏:‏ هذه أثقل وأطول‏:‏ الألف بواحد واللام بثلاثين والميم بأربعين والراء بمائتين هذه إحدى وسبعون ومائتا سنة ثم قال‏:‏ لقد لبس علينا أمرك حتى ما ندري أقليلًا أعطيت أم كثيرًا ثم قال‏:‏ قوموا عنه ثم قال أبوياسر لأخيه ومن معه‏:‏ ما يدريكم لعله قد جمع هذا كله لمحمد إحدى وسبعون وإحدى وستون ومائة وإحدى وثلاثون ومائتان وإحدى وسبعون ومائتان فذلك سبعمائة وأربع وثلاثون سنة فقالوا‏:‏ لقد تشابه علينا أمره فيزعمون أن هؤلاء الآيات نزلت فيهم هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات‏.‏
أخرجه ابن جرير من هذا الطريق وابن المنذر من وجه آخر عن ابن جريج معضلًا‏.‏
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله الم قال‏:‏ هذه الأحرف الثلاثة من الأحرف التسعة والعشرين دارت بها الألسن ليس منها حرف إلا وهومفتاح اسم من أسمائه تعالى وليس منها حرف إلا وهومن آلائه وبلائه وليس منها حرف إلا وهوفي مدة أقوام وآجالهم فالألف مفتاح اسم الله واللام مفتاح اسمه لطيف والميم مفتاح اسمه مجيد فالألف آلاء الله واللام لطف الله والميم مجد الله فالألف سنة واللام ثلاثون والميم أربعون‏.‏
قال الخويبي‏:‏ وقد استخرج بعض الأئمة من قوله تعالى الم غلبت الروم أن البيت المقدس يفتحه المسلمون في سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة ووقع كما قاله‏.‏وقال السهيلي‏:‏ لعل عدد الحروف التي في أوائل السور مع حذف المكرر للإشارة إلى مدة بقاء هذه الأمة‏.‏
قال ابن حجر‏:‏ وهذا باطل لا يعتمد عليه فقد ثبت عن ابن عباس رضي الله عنه الزجر عن عد أبي جاد والإشارة إلى أن ذلك من جملة السحر وليس ذلك ببعيد فإنه لا أصل له في الشريعة‏.‏
وقد قال القاضي أبو بكر بن العربي في فوائد رحلته‏:‏ ومن الباطل علم الحروف المقطعة في أوائل السور وقد تحصل لي فيها عشرون قولًا وأزيد ولا أعرف أحدًا يحكم عليها بعلم ولا يصل منها إلى فهم والذي أقوله أنه لولا أن العرب كانوا يعرفون أن لها مدلولًا متداولًا عنهم لكانوا أول من أنكر ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم بل تلا عليهم حم فصلت ص وغيرها فلم ينكروا ذلك بل صرحوا بالتسليم له في البلاغة والفصاحة مع تشوقهم إلى عثره وحرصهم على زلة فدل على أنه كان أمرًا معروفًا بينهم لا إنكار أه‏.‏
وقيل هي تنبيهات كما في النداء عده ابن عطية مغايرًا للقول بأنها فواتح والظاهر أنه بمعناه‏.‏
قال أبوعبيدة‏:‏ الم افتتاح كلام‏.‏
وقال الخويبي‏:‏ القول بأنها تنبيهات جيد لأن القرآن كلام عزيز وفوائده عزيزة فينبغي أن يرد على سمع متنبه فكان من الجائز أن يكون الله قد علم في بعض الأوقات كون النبي صلى الله عليه وسلم في عالم البشر مشغولًا فأمر جبريل بأن يقول عند نزولهم الم والر وحم ليسمع النب يصوت جبريل فيقبل عليه ويصغي إليه قال‏:‏ وإنما لم يستعمل الكلمات المشهورة في التنبيه كإلا وإما لأنها من الألفاظ التي يتعارفها الناس في كلامهم والقرآن كلام لا يشبه الكالم فناسب أن يؤتى فيه بألفاظ تنبيه لم تعهد لتكون أبلغ في قرع سمعه أه‏.‏
وقيل إن العرب كانوا إذا سمعوا القرآن لغوا فيه فأنزل الله هذا النظم البديع ليعجبوا منه ويكون تعجبهم منه سببًا لاستماعهم وسماعهم له سببًا لاستماع ما بعده فترق القلوب وتلين الأفئدة عد هذا جماعة قولًا مستقلًا والظاهر خلافه وإنما يصلح هذا مناسبة لبعض الأقوال لا قولًا في معناها إذ ليس فيه بيان معنى‏.‏
وقيل إن هذه الحروف ذكرت لتدل على أن القرآن مؤلف من الحروف التي هي أ ب ت ث فجاء بعضها مقطعًا وجاء تمامها مؤلفًا ليدل القوم الذين نزل القرآن بلغتهم أنه بالحروف التي يعرفونها فيكون ذلك تقريعًا لهم ودلالة على عجزهم أن يأتوا بمثله بعد أن يعلموا أنه منزل بالحروف التي يعلمونها ويبنون كلامهم منها‏.‏وقيل المقصود بها الإعلام بالحروف التي يتركب منها الكلام‏.‏
فذكر منها أربعة عشر حرفًا وهي نصف جميع الحروف وذكر من كل جنس نصفه‏.‏
فمن حروف الحلق الحاء والعين والهاء ومن التي فوقها القاف والكاف ومن الحرفين الشفهيين الميم ومن المهموسة السين والحاء والكاف والصاد والهاء ومن الشديدة الهمزة والطاء والقاف والكاف ومن المطبقة الطاء والصاد ومن المجهورة الهمزة والميم واللام والعين والراء والطاء والقاف والساء والنون ومن المستعلية القاف والصاد والطاء ومن المنخفضة الهمزة واللام والميم والراء والكاف والهاء والياء والعين والسين والحاء والنون‏.‏
ومن القلقلة القاف والطاء ثم إنه تعالى ذكر حروفًا مفردة وحرفين حرفين وثلاثة ثلاثة وأربعة أربعة وخمسة لأن تراكيب الكلام على هذا النمط ولا زيادة على الخمسة‏.‏
وقيل هي أمارة جعلها الله لأهل الكتاب أنه سينزل على محمد كتابًا في أول سور منه حروف مقطعة‏.‏
هذا ما وقفت عليه من الأقوال في أوائل السور من حيث الجملة‏.‏
وفي بعضها أقوال أخر فقيل‏:‏ إن طه ويس بمعنى يا رجل أويا محمد أويا إنسان وقد تقدم في المعرب‏.‏
وقيل هي اسمان من أسماء النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏
قال الكرماني في غرائبه‏:‏ ويقويه في يس قراءة يس بفتح النون وقوله آل ياسين‏.‏
وقيل طه أي طأ الأرض أواطمئن فيكون فعل أمر والهاء مفعول أوللسكت أومبدلة من الهمزة‏.‏
أخرج ابن أبي حاتم من طريق سعيد بي جبير عن ابن عباس في قول كه قال‏:‏ هوكقولك افعل‏.‏
وقيل طه أي يا بدر لأن الطاء بتسعة والهاء بخمسة فذلك أربعة عشر إشارة إلى البدر لأنه يتم فيها ذكره الكرماني في غرائبه‏.‏
وقال في قوله يس أي يا سيد المرسلين‏.‏
وفي قوله ص معناه‏:‏ صدق الله‏.‏وقيل‏:‏ أقسم بالصمد الصانع الصادق‏.‏
وقيل معناه‏:‏ صاد يا محمد علمك بالقرآن‏:‏ أي عارضه به فهوأمر من المصادة‏.‏
وأخرج عن الحسين قال‏:‏ صاد حادث القرآن‏:‏ يعني انظر فيه‏.‏
وأخرج عن سفيان بن حسين قال‏:‏ كان الحسن يقرؤها صاد القرآن يقول‏:‏ عارض القرآن‏.‏
وقيل ص اسم بحر عليه عرش الرحمن‏.‏
وقيل اسم بحر يحيي به الموتى‏.‏
وقيل معناه‏:‏ صاد محمد قلوب العباد حكاها الكرماني كلها‏.‏
وحكى في قوله المص أن معناه‏:‏ ألم نشرح لك صدرك‏.‏
وفي حم أنه صلى الله عليه وسلم‏.‏
وقيل معناه حم ما هوكائن‏.‏
وفي حمعسق أنه جبل ق‏.‏
وقيل ق جبل محيط بالأرض‏.‏
أخرجه عبد الرزاق عن مجاهد وقيل أقسم بقوة قلب محمد صلى الله عليه وسلم‏.‏
وقيل هي القاف من قوله ‏{‏قضي الأمر‏}‏ دلت على بقية الكلمة‏.‏
وقيل معناها‏:‏ قف يا محمد على أداء الرسالة والعمل بما أمرت حكاهما الكرماني‏.‏
وقيل ن هو الحوت‏.‏
أخرج الطبراني عن ابن عباس مرفوعًا‏:‏ أول ما خلق الله القلم والحوت قال‏:‏ اكتب قال‏:‏ ما أكتب قال كل شيء كائن إلى يوم القيامة‏.‏
ثم قرأ ن والقلم فالنون‏:‏ الحوت والقلم‏:‏ القلم‏.‏وقيل هو اللوح المحفوظ‏.‏
أخرجه ابن جرير من مرسل ابن قرة مرفوعًا‏.‏
وقيل هو الدواة‏.‏
أخرجه عن الحسن وقتادة‏.‏
وقيل هو المداد حكاه ابن قتيبة في غريبه‏.‏
وقيل هو القلم حكاه الكرماني عن الجاحظ‏.‏
وقيل هواسم من أسماء النبي صلى الله عليه وسلم حكاه ابن عساكر في مبهماته‏.‏
وفي المحتسب لابن جني أن ابن عباس قرأ حم سق بلا عين ويقول‏:‏ السين كل فرقة تكون والقاف‏:‏ كل جماعة تكون‏.‏
قال ابن جني‏:‏ وفي هذه القراءة دليل على أن الفواتح فواصل بين السور ولوكانت أسماء الله لم يجز تحريف شيء منها لأنها لا تكون ح أعلامًا والأعلام تؤدي بأعيانها ولا يحرف شيء منها‏.‏
وقال الكرماني في غرائبه في قوله تعالى الم‏.‏
أحسب الناس الاستفهام هنا يدل على انقطاع الحروف عما بعدها في هذه السورة وغيرها‏.‏
خاتمة