النوع التاسع والأربعون في مطلقه ومقيده المطلق
 
الدال على الماهية بلا قيد وهومع القيد كالعام مع الخاص‏.‏قال العلماء‏:‏ متى وجد دليل على تقييد المطلق صير إليه وإلا فلا بل يبقى المطلق على إطلاقه والمقيد على تقييده لأن الله تعالى خاطبنا بلغة العرب‏.‏
والضابط أن الله إذا حكم في شيء بصفة أوشرط ثم ورد حكم آخر مطلق النظر‏:‏ فإن لم يكن له أصل يرد إليه إلا ذلك الحكم المقيد وجب تقييده به وإن كان له أصل يرد غيره لم يكن رده إلى أحدهما بأولى من الآخر‏.‏
فالأول مثل اشتراط العدالة في الشهود على الرجعة والفراق والوصية في قوله ‏{‏واشهدوا ذوي عدل منكم‏}‏ وقوله ‏{‏شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم‏}‏ وقد أطلق الشهادة في البيوع وغيرها في قوله ‏{‏واشهدوا إذا تبايعتم‏}‏ ‏{‏فإذا دفعتم إليهم أموالهم فاشهدوا عليهم‏}‏ والعدالة شرط في الجميع‏.‏
ومثل تقييده ميراث الزوجين بقوله ‏{‏من بعد وصية يوصين بها أو دين‏}‏ وإطلاقه الميراث فيما أطلق فيه وكذلك ما أطلق من المواريث كلها بعد الوصية والدين وكذلك ما اشترط في كفارة القتل من الرقبة المؤمنة وإطلاقها في كفارة الظهار واليمين والمطلق كالمقيد في وصف الرقبة وكذلك تقييد الأيدي بقوله ‏{‏إلى المرافق‏}‏ في الوضوء وإطلاقه التيمم وتقييد إحباط العمل بالردة بالموت على الكفر في قوله ‏{‏من يرتد منكم عن دينه فيمت وهو كافر‏}‏ الآية وأطلق في قوله ‏{‏ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وتقييد تحريم الدم بالمسفوح في الأنعام وأطلق فيما عداها‏.‏
فمذهب الشافعي حمل المطلق على المقيد في الجميع ومن العلماء من لا يحمله ويجوز إعتاق الكافر في كفارة الظهار واليمين ويكتفى في التيمم بالمسح إلى الكوعين ويقول‏:‏ إن الردة تحبط العمل بمجردها‏.‏
والثاني‏:‏ مثل تقييد الصوم بالتتابع في كفارة القتل والظهار وتفييده بالتفريق في صوم التمتع وأطلق كفارة اليمين وقضاء رمضان فيبقى على إطلاقه من جوازه مفرقًا ومتتابعًا لا يمكن حمله عليهما لتنافي القيدين وهما التفريق والتتابع وعلى أحدهما لعدم المرجح‏.‏
تنبيهان‏.‏
الأول إذا قلنا‏:‏ يحمل المطلق على المقيد هل هومن وضع اللغة أوبالقياس مذهبان‏.‏
وجه الأول أن العرب من مذهبها استحباب الإطلاق اكتفاء بالقيد وطلبًا للإيجاز والاختصار‏.‏
الثاني‏:‏ ما تقدم محله إذا كان الحكمان بمعنى واحد‏.‏
وإنما اختلفا في الإطلاق والتقييد فأما إذا حكم في شيء بأمور ثم في آخر ببعضها وسكت فيه عن بعضها فلا يقتضي الإلحاق كالأمر بغسل الأعضاء الأربعة في الوضوء وذكر في التيمم عضوين فلا يقال بالحمل ومسح الرأس والرجلين بالتراب فيه أيضًا وكذلك ذكر العتق والصوم والإطعام في كفارة الظهار واقتصر في
*******************