النوع الخامس والسبعون في خواص القرآن
 
أفرده بالتأليف جماعة منهم التميمي وحجة الإسلام الغزالي ومن المتأخرين اليافعي وغالب ما يذكر في ذلك كان مستنده تجارب الصالحين وها أنا أبدأ بما ورد من ذلك الحديث ثم ألتقط عيونًا مما ذكر السلف والصالحون‏.‏
وأخرج ابن ماجه وغيره من حديث ابن مسعود عليكم بالشفاءين‏:‏ العسل والقرآن‏.‏
وأخرج أيضًا من حديث علي خير الدواء القرآن‏.‏
وأخرج أبوعبيد عن طلحة بن مصرف قال‏:‏ كان يقال‏:‏ إذا قئ القرآن عند المريض وجد لذلك خفة‏.‏
وأخرج البيهقي في الشعب عن واثلة ابن الأسقع أن رجلًا شكا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وجع خلقه قال‏:‏ عليك بقراءة القرآن‏.‏وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد الخدري قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ إني أشتكي صدري قال‏:‏ اقرأ القرآن يقول الله تعالى وشفاء لما في الصدور‏.‏
وأخرج البيهقي وغيره من حديث عبد الله بن جابر في فاتحة الكتاب شفاء من كل داء‏.‏
وأخرج الخلعي في فوائده من حديث جابر ابن عبد الله فاتحة الكتاب شفاء من كل شيء إلا السام والسام‏:‏ الموت‏.‏
وأخرج سعيد بن منصور والبيهقي وغيرهما من حديث أبي سعيد الخدري فاتحة الكتاب شفاء من السم‏.‏
وأخرج البخاري من حديثه أيضًا قال كنا في مسير لنا فنزلنا فجاءت جارية فقالت إن سيد الحي سليم فهل معكم راق فقام معها رجل فرقاه بأم القرآن فبرئ فذكر للنبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ وما كان يدريه أنها رقية‏.‏
وأخرج الطبراني في الأوسط عن السائب بن يزيد قال عودني رسول الله صلى الله عليه وسلم بفاتحة الكتاب تفلًا‏.‏
وأخرج البزار من حديث أنس إذا وضعت جنبك على الفراش وقرأت فاتحة الكتاب وقل هو الله أحد فقد أمنت من كل شيء إلا الموت‏.‏
وأخرج مسلم من حديث أبي هريرة إن البيت الذي تقرأ فيه البقرة لا يدخله الشيطان‏.‏
واخرج عبد الله بن أحمد في زوائد المسند بسند حسن عن أبي كعب قال كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فجاء أعرابي فقال‏:‏ يا نبي الله إن لي أخًا وبه وجع قال‏:‏ ما وجعه قال‏:‏ به لمم قال‏:‏ فائتني به فوضعه بين يديه فعوذه النبي صلى الله عليه وسلم بفاتحة الكتاب وأربع آيات من أول سورة البقرة وهاتين الآيتين وإلهكم إله واحد وآيات الكرسي وثلاث آيات من آخر سورة البقرة وآية من آل عمران شهد الله أنه لا إله إلا هو وآية من الأعراف إن ربكم الله وآخر سورة المؤمنين فتعالى الله الملك الحق وآية من سورة الجن وإنه تعالى جد ربنا وعشر آيات من أول الصافات وثلاث آيات من آخر سورة الحشر وقل هو الله أحد والمعوذتين فقام الرجل كأنه لم يشك قط‏.‏

وأخرج الدارمي عن ابن مسعود موقوفًا‏:‏ من قرأ أربع آيات من أول سورة البقرة وآية الكرسي وآيتين بعد آية الكرسي وثلاثًا من آخر سورة البقرة لم يقربه ولا لأهله يومئذ شيطان ولا شيء يكرهه ولا يقرأن على مجنون إلا أفاق‏.‏
وأخرج البخاري عن أبي هريرة من قصة الصدقة إن الجني قال له‏:‏ إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي فإنك لن يزال عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح فقال النبي صلى اله عليه وسلم‏:‏ أما أنه صدقك وهوكذوب‏.‏
وأخرج المحاملي في فوائده عن ابن مسعود قال‏:‏ قال رجل يا رسول الله علمني شيئًا ينفعني الله به قال‏:‏ اقرأ آية الكرسي فإنه يحفظك وذريتك ويحفظ دارك حتى الدويرات حول دارك‏.‏
وأخرج الدينوري في المجالسة عن الحسن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن جبريل أتاني فقال‏:‏ إن عفريتًا من الجن يكيدك فإذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي‏.‏
وفي الفردوس من حديث أبي قتادة من قرأ آية الكرسي عند الكرب أغاثه الله‏.‏
وأخرج الدارمي عن المغيرة بن سبيع وكان من أصحاب عبد الله قال‏:‏ من قرأ عشر آيات من البقرة عند منامه لم ينسى القرآن أربع من أولها وآية الكرسي وآيتان بعدها وثلاث من آخرها‏.‏
وأخرج الديلمي من حديث أبي هريرة مرفوعًا آيتان هما قرآن وهما يشفيان وهما مما يحبهما الله تعالى الآيتان من آخر سورة البقرة‏.‏
وأخرج الطبراني عن معاذ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له‏:‏ ألا أعلمك دعاء تدعوبه لوكان عليك من الدين مثل ثبير أداه الله عنك قال اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء إلى قوله بغير حساب رحمان الدنيا والآخرة ورحيمها تعطي من تشاء منهما وتمنع من تشاء ارحمني رحمة تغنني بها عن رحمة من سواك‏.‏
واخرج البيهقي في الدعوات عن ابن عباس‏:‏ إذا استصعبت دابة أحدكم أوكان شموسًا فليقرأ هذه الآية في أذنيها أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السموات والأرض طوعًا وكرهًا وإليه ترجعون‏.‏
وأخرج البيهقي في الشعب بسند فيه من لا يعرف عن علي موقوفًا‏:‏ سورة الأنعام ما قرئت على عليل إلا شفاه الله تعالى‏.‏
وأخرج ابن السني عن فاطمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دنا ولادتها أمر أم سلمة وزينب بنت جحش أن يأتيا فيقرأ عندها آية الكرسي وإن ربكم الله‏}‏ الآية ويعوذاها بالمعوذتين‏.‏
وأخرج ابن السني أيضًا من حديث الحسين بن علي أمان لأمتي من الغرق غذ ركبوا أن يقرءوا باسم الله مجراها ومرساها إن ربي لغفور رحيم وما قدروا الله حق قدره‏}‏ الآية‏.‏
وأخرج ابن آل حاتم عن ليث قال‏:‏ بلغني أن هؤلاء الآيات شفاء من السحر تقرأ على إناء فيه ماء ثم يصب على رأس المسحور الآية التي في سورة يونس فلما ألقوا قال موسى ما جئتم به السحر إلى قوله المجرمون وقوله ‏{‏فوقع الحق وبطل ما كانوا يعلمون‏}‏ إلخ أربع آيات وقوله ‏{‏إنما صنعوا كيد ساحر‏}‏ الآية‏.‏
وأخرج الحاكم وغيره من حديث أبي هريرة ما كربني أمر إلا تمثل لي جبريل فقال‏:‏ يا محمد قل توكلت على الحي الذي لا يموت والحمد لله الذي لم يتخذ ولدًا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرًا‏.‏
وأخرج الصابوني في المائتين لان حديث ابن عباس مرفوعًا‏:‏ هذه الآية أمان من السرق قل ادعوا الله وادعوا الرحمن إلى آخر السورة‏.‏
وأخرج البيهقي في الدعوات من حديث أنس ما أنعم الله على عبد نعمة في أهل ولا مال أوولد فيقول ما شاء الله لا قوة إلا بالله فيرى فيه آفة دون الموت‏.‏
أخرج الدارمي وغيره من طريق عبدة بن أبي لبابة عن زر بن حبيش قال‏:‏ من قرأ آخر سورة الكهف لساعة يريد أن يقومها من الليل قامها‏.‏
قال عبده‏:‏ فجربناه فوجدناه كذلك‏.‏
وأخرج الترمذي والحاكم من حديث سعد بن أبي وقاص‏:‏ دعوة ذي النون إذا دعا بها وهوفي بطن الحوت لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له‏.‏
وعند ابن السني‏:‏ إني لا أعلم كلمة لا يقولها مكروب إلا فرج عنه كلمة أخي يونس فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين وأخرج البيهقي وابن السني وأبوعبيد عن ابن مسعود أنه قرأ في أذن مبتلي فأفاق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ما قرأت في أذنيه قال أفحسبتم إنما خلقناكم عبثًا إلى آخر السورة فقال‏:‏ لوأن رجلًا موقنًا قرأها على جبل لزال‏.‏
وأخرج الديلمي وأبوالشيخ أبن حبان في فضائله من حديث أبي ذر ما من ميت يموت فيقرأ عنده يس إلا هون الله عليه‏.‏
وأخرج المحاملي في أماليه من حديث عبد الله بن الزبير من جعل يس أمام حاجة قضيت له وله شاهد مرسل عند الدارمي‏.‏
وفي المستدرك عن أبي جعفر محمد بن علي قال‏:‏ من وجد في قلبه قسوة فليكتب يس في جام بماء ورد وغفران ثم يشربه‏.‏
وأخرج ابن الضريس عن سعيد بن جبير أنه قرأ على رجل مجنون سورة يس فبرئ‏.‏
وأخرج أيضًا عن يحيى بن أبي كثير قال‏:‏ من قرأ يس إذا أصبح لم يزل في فرح حتى يمسي ومن قرأها إذا أمسى لم يزل في فرح حتى يصبح‏.‏
أخبرنا من جرب ذلك‏.‏
وأخرج الترمذي من حديث أبي هريرة من قرأ الدخان كلها وأول غافر إلى إليه المصير وآية الكرسي حين يمسي حفظ بها حتى يصبح ومن قرأهما حين يصبح حفظ بهما حتى يمسي ورواه الدارمي بلفظ لم ير شيئًا يكرهه‏.‏
وأخرج البيهقي والحارث بن أبي أسامة وأبوعبيد عن أبن مسعود مرفوعًا من قرأ كل ليلة سورة الواقعة لم تصبه فاقة أبدًا‏.‏
وأخرج البيهقي في الدعوات عن ابن عباس موقوفًا في المرأة تعسر عليها ولادتها قال‏:‏ يكتب في قرطاس ثم تسقي باسم الله الذي لا إله إلا هو الحليم الكريم سبحان الله وتعالى رب العرش العظيم الحمد لله رب العالمين كأنهم يوم يرونها لم يليثوا إلا عشية أوضحاها كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون‏.‏
وأخرج أبوداود عن ابن عباس قال‏:‏ إذا وجدت في نفسك شيئًا‏:‏ يعني الوسوسة فقل‏:‏ هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهوبكل شيء عليم وأخرج الطبراني عن علي قال لدغت النبي صلى الله عليه وسلم عقرب فدعا بماء وملح وجعل يمسح عليها ويقرأ‏:‏ قل يا أيها الكافرون وقل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس‏.‏
وأخرج أبوداود والنسائي وابن حبان والحاكم عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكره الرقي إلا بالمعوذات‏.‏
وأخرج الترمذي والنسائي عن أبي سعيد قال‏:‏ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ من الجان وعين الإنسان حتى نزلت المعوذات فأخذ بها وترك ما سواها‏.‏
فهذا ما وقفت عليه في الخواص من الأحاديث التي لم تصل إلى حد الوضع ومن الموقوفات على الصحابة والتابعين‏.‏
وأما ما لم يرد به أثر فقد ذكر الناس من ذلك كثيرًا جدًا الله أعلم بصحته‏.‏
ومن لطيف ما حكاه ابن الجوزي عن ابن ناصر عن شيوخه عن ميمونة بنت شاقول البغدادية قالت‏:‏ آذانا جار لنا فصليت ركعتين وقرأت من فاتحة كل سورة آية حتى ختمت القرآن وقلت‏:‏ اللهم أكفنا أمره‏:‏ ثم نمت وفتحت عيني وإذا به قد نزل وقت السحر فنزلت قدمه فسقط ومات‏.‏
تنبيه قال ابن التين‏:‏ الرقي بالمعوذات وغيرها من أسماء الله تعالى هو الطب الروحاني إذا كان على لسان الأبرار من الخلق حصل الشفاء بإذن الله تعالى فلما عز هذا النوع فزع الناس إلى الطب الجثماني‏.‏
قلت‏:‏ ويشير إلى هذا قوله صلى الله عليه وسلم لوأن رجلًا موقنًا قرأ بها على جبل لزال وقال القرطبي تجوز الرقية بكلام الله تعالى وأسمائه فإن كان مأثورًا استحب‏.‏
وقال الربيع‏:‏ سألت الشافعي عن الرقية فقال‏:‏ لا بأس بها أن يرقى بكتاب الله وبما يعرف من ذكر الله تعالى‏.‏
وقال ابن بطال‏:‏ من المعوذات سر ليس في غيرها من القرآن لما اشتملت عليه من جوامع الدعاء التي تعم أكثر المكروهات من السحر والحسد وشر الشيطان ووسوسته وغير ذلك ولهذا كان صلى الله عليه وسلم يكتفي بها‏.‏
وقال ابن القيم في حديث الرقية بالفاتحة‏:‏ إذا ثبت أن لبعض الكلام خواص ومنافع فما الظن بكلام رب العالمين ثم بالفاتحة التي لم ينزل في القرآن ولا غيره من الكتب مثلها لتضمنها جميع معاني الكتاب فقد اشتملت على ذكر أصول أسماء الله تعالى ومجامعها وإثبات المعاد وذكر التوحيد والافتقار إلى الرب في طلب الإعانة به والهداية منه وذكر أفضل الدعاء وهوطلب الهداية إلى الصراط المستقيم المتضمن كمال معرفته وتوحيده وعبادته بفعل ما أمر به واجتناب ما نهى عنه والاستقامة عليه ولتضمنها ذكر أصناف الخلائق وقسمتهم إلى منعم عليه لمعرفته بالحق والعمل به ومغضوب عليه لعدوله عن الحق بعد معرفته وضال بعدم معرفته له مع ما تضمنته من إثبات القدر والشرع والأسماء والمعاد والتوبة وتزكية النفس وإصلاح القلب والرد على جميع أهل البدع وحقيق لسورة هذا بعض شأنها أن يستشفي مسئلة قال النووي في شرح المهذب‏:‏ لوكتب القرآن في إناء ثم غسل وسقاه المريض فقال الحسن البصري ومجاهد وأبوقلابة والأوزاعي‏:‏ لا بأس به وكرهه النخعي‏.‏
قال‏:‏ ومقتضي مذهبنا أنه لا بأس به فقد قال القاضي حسين والبغوي وغيرهما‏:‏ لوكتب قرآنًا على حلوى وطعام فلا بأس بأكله اه‏.‏

قال الزركشي‏:‏ وممن صرح بالجواز في مسئلة الإناء العماد النبهي مع تصريحه بأنه لا يجوز ابتلع ورقة فيها آية لكن أفتي ابن عبد السلام بالمنع من الشراب أيضًا لأنه يلاقيه نجاسة الباطن وفيه نظر‏.‏
*******************