باب الْخُطْبَةِ بَعْدَ الْعِيدِ
 
962- حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ شَهِدْتُ الْعِيدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَكُلُّهُمْ كَانُوا يُصَلُّونَ قَبْلَ الْخُطْبَةِ"
963- حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال حدثنا أبو أسامة قال حدثنا عبيد الله عن نافع عن بن عمر قال ثم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما يصلون العيدين قبل الخطبة
964- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى يَوْمَ الْفِطْرِ رَكْعَتَيْنِ لَمْ يُصَلِّ قَبْلَهَا وَلاَ بَعْدَهَا ثُمَّ أَتَى النِّسَاءَ وَمَعَهُ بِلاَلٌ فَأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ فَجَعَلْنَ يُلْقِينَ تُلْقِي الْمَرْأَةُ خُرْصَهَا وَسِخَابَهَا "
965- حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا زُبَيْدٌ قَالَ سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ فِي يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّيَ ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا وَمَنْ نَحَرَ قَبْلَ الصَّلاَةِ فَإِنَّمَا هُوَ لَحْمٌ قَدَّمَهُ لِأَهْلِهِ لَيْسَ مِنْ النُّسْكِ فِي شَيْءٍ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَبَحْتُ وَعِنْدِي جَذَعَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُسِنَّةٍ فَقَالَ اجْعَلْهُ مَكَانَهُ وَلَنْ تُوفِيَ أَوْ تَجْزِيَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ "
(2/453)

قوله: "باب الخطبة بعد العيد" أي بعد صلاة العيد، وهذا مما يرجح رواية الذين أسقطوا قوله: "والصلاة قبل الخطبة " من الترجمة التي قبل هذه وهم الأكثر. وقال ابن رشيد: أعاد هذه الترجمة لأنه أراد أن يخص هذا الحكم بترجمة اعتناء به لكونه وقع في التي قبلها بطريق التبع ا هـ. حديث ابن عباس صريح فيما ترجم له، وسيأتي في أواخر العيدين أتم مما هنا وحديث ابن عمر أيضا صريح فيه. أما حديث ابن عباس فمن جهة أن أمره للنساء بالصدقة كان من تتمة الخطبة كما يرشد إلى ذلك حديث جابر الذي في الباب قبله، ويحتمل أن يكون ذكره لتعلقه بصلاة العيدين في الجملة فهو كالتتمة للفائدة. وقوله فيه: "خرصها " بضم المعجمة وحكى كسرها وسكون الراء بعدها صاد مهملة هو الحلقة من الذهب أو الفضة، وقيل هو القرط إذا كان بحبة واحدة. وقوله: "وسخا بها " بكسر المهملة ثم معجمة ثم موحدة هو قلادة من عنبر أو قرنفل أو غيره ولا يكون فيه خرز، وقيل هو خيط فيه خرز، وسمي سخابا لصوت خرزه عند الحركة مأخوذ من السخب وهو اختلاط الأصوات، يقال بالصاد والسين. وسيأتي الكلام على بقية فوائده عند الكلام على حديث جابر بعد عشرة أبواب، ويأتي الكلام على التنفل يوم العيد بعد ذلك بستة أبواب. أما حديث البراء فظاهره يخالف الترجمة، لأن قوله: "أول ما نبدأ به في يومنا هذا أن نصلي ثم نرجع فننحر " مشعر بأن هذا الكلام وقع قبل إيقاع الصلاة فيستلزم تقديم الخطبة على الصلاة بناء على أن هذا الكلام من الخطبة، ولأنه عقب الصلاة بالنحر، والجواب أن المراد أنه صلى الله عليه وسلم صلى العيد ثم خطب فقال هذا الكلام، وأراد بقوله: "إن أول ما نبدأ به " أي في يوم العيد تقديم الصلاة في أي عيد كان. والتعقيب بثم لا يستلزم عدم تخلل أمر آخر بين الأمرين. قال ابن بطال: غلط النسائي فترجم بحديث البراء فقال: "باب الخطبة قبل الصلاة " قال: وخفي عليه أن العرب قد تضع الفعل المستقبل مكان الماضي، وكأنه قال عليه الصلاة والسلام: أول ما يكون به الابتداء في هذا اليوم الصلاة التي قدمنا فعلها. قال: وهو مثل قوله تعالى:{وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا" أي الإيمان المتقدم منهم ا هـ. والمعتمد في صحة ما تأولناه رواية محمد بن طلحة عن زبيد الآتية بعد ثمانية أبواب في هذا الحديث بعينه بلفظ: "خرج النبي صلى الله عليه وسلم يوم أضحى إلى البقيع فصلى ركعتين، ثم أقبل علينا بوجهه وقال: إن أول نسكنا في يومنا هذا أن نبدأ بالصلاة ثم نرجع فننحر " الحديث، فتبين أن ذلك الكلام وقع منه بعد الصلاة. وقال الكرماني: المستفاد من حديث البراء أن الخطبة مقدمة على الصلاة، ثم قال في موضع آخر: فإن قلت فما دلالته على الترجمة؟ قلت: لو قدم الخطبة على الصلاة لم تكن الصلاة أول ما بدئ به، ولا يلزم من كون هذا الكلام وقع قبل الصلاة أن تكون الخطبة وقعت قبلها ا هـ. وحاصله أنه يجعل الكلام المذكور سابقا على الصلاة، ويمنع كونه من الخطبة. لكن قد بينت رواية محمد بن طلحة عن زبيد المذكورة أن الصلاة لم يتقدمها شيء، لأنه عقب الخروج إليها بالفاء. وصرح منصور في روايته عن الشعبي في هذا الحديث بأن الكلام المذكور وقع في الخطبة، ولفظه: "عن البراء بن عازب قال: خطبنا النبي صلى الله عليه وسلم يوم الأضحى بعد الصلاة فقال: "فذكر الحديث. وقد تقدم قبل بابين ويأتي أيضا في أواخر العيد، فيتعين التأويل الذي قدمناه. والله أعلم.
(2/454)